العلامة محمد العدناني 1903 – 1981
هو قاص وباحث ودارس وناقد مميز، وعالم لغوي مرموق وشاعر..
من شعراء فلسطين اللامعين في العقد الرابع من القرن الماضي أمثال أبو سلمى الكرمي،وعبد الرحيم محمود، وآخرين
*ولادته
ولد عام 1903 في مدينة (جنين) بفلسطين لأسرة أصلها من لبنان، فوالده هو القائم مقام (فريد عبد الله خورشيد) كان حاكما لجنين (في العهد العثماني)، ثم لطولكرم وغزة والقدس ومن بعد دمشق وصيدا.
درس الابتدائية والإعدادية في مدارس: جنين وطولكرم غزة ودمشق واستكمل دراسته الثانوية في مدرسة الفنون بمدينة صيدا اللبنانية عام 1920.
وعملا بوصية والده، التحق بالجامعة الأميركية لدراسة الطب،ودرس الطب فعلا مدة أربع سنوات..
ولافتتنانه باللغة والأدب قطع دراسة الطب وقد أوشك أن يتخرج طبيبا، وتحول إلى دراسة الأدب العربي بالجامعة الأميركية.
وغير اسمه من (محمد فريد عبد الله خورشيد) إلى (محمد العدناني)، ذلك لأنه رأى أن اسم (خورشيد) ليس عربيا، كما أنه تكنى بلقب (أبو نزار).
وبعد تخرجه عام 1927 عمل مدرسا للغة العربية في الثانوية المركزية ودار المعلمين العليا في (بغداد)، لكنه ما لبث أن غادرها بعد سنوات قليلة عائدا إلى فلسطين عام 1931
عاد بعدذلك إلى مدينة نابلس، حيث عمل مدرسا للأدب العربي في (كلية النجاح) فيها 1931- 1933، خلفا للشاعر الفلسطيني الكبير (إبراهيم طوقان).
ومن نابلس انتقل إلى القدس للتدريس في الكلية الرشيدية التي مكث فيها تسع سنوات 1933- 1942.
ثم توجه إلى حلب وهناك تولى تدريس اللغة العربية في جامعتها، كما امتد نشاطه إلى سائر أوساط المجتمع حيث برز وتألق في غمار الحركة الثقافية والحياة الأدبية، وأصبح أديبا مرموقا وشاعرا مبدعا، ألفته المنابر والمحافل في المناسبات القومية والاجتماعية،
واصل العدناني العيش في حلب حتى تقاعده عام 1964 رحل بعدها إلى لبنان، واستقر به المقام أولا في صيدا حيث عمل مديرا لكلية المقاصد، ثم مديرا إداريا لشركة مقاولات وتجارة.
وفي مطلع عام 1968 تفرغ للإنتاج الأدبي بعد أن انتقل إلى بيروت، وظل فيها إلى وافته المنية في الخامس من آب/أغسطس 1981.
*إنتاجه وأبرز مؤلفاته
له خمسة دوواين مطبوعة هي: (اللهيب) ، (فجر العروبة)، (الوثوب)، (الروض)، (ملحمة الأموية).
بالإضافة إلى ديوانه الكبير "العدنانيات" الذي صدر منه ثلاثة أجزاء..
رواية (في السرير)
معجم الأخطاء الشائعة (صدر عام 1973 عن مكتبة لبنان/بيروت).
معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة (صدر سنة 1984 عن مكتبة لبنان/ بيروت في 870 صفحة مع المقدمة والفهارس).
نموذج من شعره:
من قصيدة: فلسطين الحبيبة
ينازعني وجدًا إلى تُربكِ القلْبُ
ويقرع باب الصدر يلهبه الحبُّ
وتُوري حنيني لهْفةٌ عربيةٌ
فتحْتَدم الأشواق يَعْيا بها الصَّبّ
وتورق أحلامي، فيهفو إلى اللِّقا
حبيسُ ضلوعٍ ضَمَّ أشلاءه الجنْب
وتُنعشني الذكرى، فتعبَق بالمنَى
أزاهيرُ أحلامٍ، بها أينع اللبّ
وتومِضُ آمالي، فيغمر مهجتي
ضياءٌ من الإيمان بالعُرب لا يخْبو
يبدّد كربًا في سمائي تلبّدتْ
سحائبه دُكْنًا، فينقشع الكرْب
وأهفو إلى مغناك مضطرمَ الهوى
وصدريَ بالأحلام مرتعُه خِصْب
فهل أنتِ مثلي يا فلسطينُ! للأسى
وللشوق والبأساء بعد النوى نَهْب؟
وهل تذكرين ابنًا بحبِّك هائمًا
يحطّمه بُعْدٌ، وينقذه قرب؟
قضت أمه بعد النزوح تحسُّرًا
فكنت له أمّاً، بها يخصب الجدب
أتاكِ، وطيَّ الصدر نارٌ تأجّجتْ
من الوجد، حتى كاد يَلْهَمُه اللَّهْب
ولولا دموعٌ من حنينٍ تدفّقت
وأطفأت البركان، لاجتاحني النحب
وأشفقت أن أمشي على طاهر الثرى
فجئتك كالأطفال، فوق الثرى أحبو
وقبّلت منك الوَهْدَ، والحَزْنَ جاثيًا
وقد بَزَّ ثغري في صبابته القلب
تمرَّغَ في تُرْب الجدود كلاهما
وخطَّت عليه وجدَها بالدم الهُدْب
وفي كل دربٍ سرتُ، والمسْكُ رائدي
فما فاتتِ الطرفَ الحَفيَّ بها درب
فإن هوَى الأوطان عندي عبادةٌ
يمجِّدها التاريخ، والحقّ، والكتْب
فيا وطني! قد كنتَ أولَ قِبلةٍ
لها اتّجه الهادي محمدٌ النَّدْب
وفيك إلى الرحمن معراج أحمدٍ
وضمَّ خليلَ الله من نجدك الترب
وحسبُك ميلاد المسيح ابن مريمٍ
أبي المعجزات الغُرِّ، يا وطني! حَسْب