- النفي إلى الكينونة الأولى ..
نحو استشراف قصيدة :((قلقٌ ..على ناصيةِ النكران):للشاعر، :موسى الشافعي..
_____________________________
"يجيء الشعر من لحظة تنوير داخلي ..شيء ينير لك وينير بك" ..كمايقول أحد النقاد .
"وللشعر الموزون إيقاع يطرب الفهم لصوابه"؛ كما يقول ابن طباطبا ..
"والجميل غريب دائما "؛كما يقول بودلير
ويبدو صحيحا لدى جمهرة النقاد ؛أنه كلما انحرفت لغة الشعرمبتعدة عن المألوف والسائد في الكلام العادي ؛صار أكثر غرابة وأبلغ عجبا وإعجابا ،وستنقشع الغرابة حتما عن الشعر إذا ما ازددنا ألفة له ؛وأنسا به..
ويجيء التنوير في تجارب الشعراء النابهين -في اعتقادي- عندما يتجلى مقياس "الصدق الفني "متعانقا مع القصيدة ،بل متغلغلا في نسيجها ؛وتكوينها بداية ونهاية .
وفي نص موسانا البارع اللفتات ؛تلقي البلاغة مقاليدها وأساورها بين يديه؛وتصطبغ معزوفته ألوانا زاهية براقة ؛وهو يوغل في رصد أصدائه الداخلية العميقة ؛وترجمتها في موقف خاص ألح على ذهنه ؛واستبد بخاطره؛ وخامر مشاعره حتى استقر في طواياها ..
ومن وراء ذلك برزت معالم التنوير ثانية للعيان ممثلة في "الصياغة والتشكيل" ؛ فلاعجب أن رأيناه وقد امتلك "ناصية البيان العربي ؛في هذه؛ وأخراها من تجاربه الشعرية الممتدة.
وسنحمد الله أن بقي في تمام لياقته الشعرية، رغم سعير المعركة الوجدانية الحامية التي خاضها ،ولسان حاله كما قال الشاعر القديم :
لم أَكُن مِن جُناتِها عَلِمَ اللَهُ
وَإِني لِحَرِّها اليَومَ صالِ
وسنلحظ آية ذلك "التكنيك"؛ متجسدا في تلك التنحية القصدية التي ارتآها في صياغة العنوان ؛إذ جعل لفظة (قلق )كائنا منبوذا ؛كعدو طارىء ضار ؛حين أراد له أن يتموضع ،مغلولا؛ محصورا ؛وينزوى في خانة التنكير مجرد (قلق ) ومهما بدا عاتيا ، فمآله أن يكون عابرا في سماء الحياة الودية المتأسسة على رحابة الرؤية وانفساح الأفق ..
ثم إن شاعرنا جعل المسافة الأكثر ترصدا، وهيمنة؛واستحواذا " "لناصية النكران" ؛ولا مناص من أن تكون "كاذبة" ؛بالنظر لامتزاجها "بآفة النكران"؛ كوجهين لعملة واحدة ..
أتيح لتلك الخلة الذميمة النكرانية إذن ،أن تنشر أطيافها الشاحبة ؛الكابية ومع التصاق لفظة (ناصية)بها،استفحل خطرها ،فضلا عن اقتران (أل )التعريف بلفظة "نكران"؛ إلى أجل غير مسمى ..
ونظرا لتعدد دلالات كلمة "ناصية"في اللغة ؛فمن المستحسن أن نستأنس ببعض معانيها الرئيسة الواردة في معجمات اللغة،محاولة للاقتراب من مراد شاعرنا ..
فمن معانيها الجوهرية:
مُقدَّم الرَّأس؛وتأتي بمعنى المكانة والقَدْر،وتأتي بمعنى "شريف القوم" ،كما في قول العرب :فلانٌ ناصيةُ قومِهِ:وتأتي أيضا بمعنى رأْس الشارع لدى ملتقاه بآخر..
ومن نافلة القول ورودكلمة(ناصية)؛في القرآن الكريم ؛إفرادا وجمعا ؛كما في قوله تعالى:( (كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة)
وكذلك في قوله تعالى(ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) …. وجاء في الحديث الشريف الدعاء المأثور: “اللهم إني عبدك ؛ابن عبدك ابن أمتك؛ ناصيتي بيدك"
ووردت مجموعةً في قوله تعالى :(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ)
ويذكر الشيخ الزنداني مشيدا في معرض حديث طويل ، أنه اطلع على بحث واف عن "الناصية "؛قدمه عالم كندي في مؤتمر طبي عقد في القاهرة؛قبل عقود من الزمن ؛مؤداه: أن جزء المخ الذي تحت جبهة الإنسان مباشرة هو المخصوص "بالناصية” ؛وهو المسؤول عن الكذب والخطأ ؛وهو مصدر اتخاذ القرارات جيدها ورديئها..
سأميل إذن بعد هذ التوطئة إلى أن الشاعر أراد" بالناصية مُقدَّم الرَّأس "؛ المنطقة المسؤولة عن الكذب والخطأ
وبذلك تكون اللوحة المرسومة عبارة عن :كائن ؛حركته مضطربة؛وأفاعيله موجعة ؛ اسمه(قلق )؛استحب التمترس في رأس كائن حقيرمتعاظم اسمه (النكران)،بواسطة "ناصية جوفاء"؛وقعت أسيرة؛ تحت إمرة كائن (النكران ) السلبي العدمي ، وفي الرواق الشائك الأسلاك؛ احتدمت المعركة الضروس ؛ومن بين أنيابها اندلعت النيران وتطايرت ألسنتها ..
أساس المعركة (الجحود والنكران)؛ومؤشراتها ؛أولنقل آليتها :هذه الثورة الغضبى العارمة من جهة "مفتعلها" "موقدة نارها الأولى"؛حين دفعتها المباهاة إلى الخروج عن السنن المألوف ؛فأوقعتها في حبائلها؛ وسيكون لزاما عليها -فيما بعد-أن تعيد ترتيب أوراقها المبعثرة ؛وأن تعمل على تنقية سمائها من أعراض الجنون؛ وترهات الخيلاء؛ بعد أن تتلاشى تلك الجماليات ؛والمنح الغزيرة التي أسداها الشاعر حتى بلغ بها آية الآيات ؛ومرتكز الفتنة الطاغية..
________________________________
- في جو النص
- ارتكز النص على صوتين رئيسين:
- الأول :صوت المتنكرة؛في مقام الخطاب ؛وتدل عليها "ضمير الكاف المكسورة"؛ كما نرى في الألفاظ الستة المتتابعة :جبينك؛ جِـيـدُكِ ،رِيـقُـكِ، ثَـغْــرُكِ، صَـوتُـكِ ،وصْـفُـكِ، جَـمَـالِـكِ
- الثاني :صوت الشاعر
حَــوّلْــتُ ،صُـغْـتُ، أجْـرَيْـتُ،(علم ،أجرى) فاعلهما مستتر تقديره(أنا).
- وماذا بعد تلك الإضمامة؟!
- أحداث دراماتيكية
زلزال عنيف تطايرت نيرانه؛واتسعت دوائر اشتعالاته بينهما، الأمر الذي أخرج الشاعر عن مساره؛ واتزانه ؛وأملى عليه أن يخوض صراعا نفسيا؛ أيدلوجيا ؛على هذه المثابة النارية ؛ولماكانت النظرات متبادلة بين الشاعر؛ وجارته المتمردة في نظره "ذات الكبرياء" ؛والإشارات الحادة تتوالى بينهما؛ ،إذ ذاك التقط الشاعر موضع النظر "الجبين "؛ليبدأ عاصفته المزمجرة في غير تؤدة ؛ولاأدنى التفات..
سيقول قائل : إن المكاشفة في غمار المواجهة سادها الانفعال ؛وغلفها تغليفا حانقا؛وسينبثق إزاء ذلك تفسير أنه حين "يبلغ السيل الزبى" -كما قيل - تتفجر الأودية من كل جانب؛ويحدث الطوفان،الذي بدوره سيلتهم "أرض الحب ،وأزاهير الأمل ؛وشموع السعادة وما إلى ذلك من شيات..
وللقارئ حين يمعن في هذا البناءالفني أن يستشف تأكيد الذات الشاعرة على الإبقاء على لغة الحب ؛رغم تلاطم الأمواج .. وله أن يستشف عطاءات الشاعر التي ساقها بسخاء ؛قبل اصطدامه بهذ المأزق الذي فرض عليه صياغة أنشودته هذه ..
ولنا أن نتأمل "الانطلاقة النارية"؛ في موكب أبيات المطلع :
جـبـيـنُـكِ.. لَـمْ يَـكُـنْ ذهَـبـاً
و صَـدْرُكِ لَـمْ يَـكُـنْ مَــرْمَــرْ!!
و جِـيـدُكِ لَـمْ يَـكُـنْ عَـاجــاً
و رِيـقُـكِ لَـمْ يَـكُـنْ سُـكّــرْ!!
وَ ثَـغْــرُكِ لَــمْ يَـكُــنْ كَــرَزاً
و صَـوتُـكِ لَـمْ يَـكُـنُ مِـزْهَـرْ!!
و وصْـفُـكِ كُـلّـهُ فِـي الشّـعْـرِ
كَـــانَ أقَـــلَّ .. لا أَكْــثَــــرْ !!
وكد الشاعر هنا أن يعيد كل شىء إلى صورته الأولى ؛فلا موطن الحسن: "الجبين "صيغ من الذهب الخالص
،ولاالصدر برمانتيه ؛من حجر المرمر الكريم الناعم ،ولاالعنق الشامخ؛ نحت من خشب العاج ،ولاالريق المقترن بحديثها وكلامها؛ يرتقي إلى حلاوة السكر،ومن المحال كذلك أن يكون ثغرها الذي يلهج بالنكران ؛ وقد أطفأ شعاع الابتسامات أثناء الخصومة؛ أن ينتمي إلى فاكهة الكرز اللذيذة ،وصولا إلى الصوت الذي بدا لنا "أجش كجرس الرحى" على حد تعبير "ابن المعتز "؛فلاتصله بأنغام العود صلة تذكر على الإطلاق؛ثم تأتي الصدمة الكبرى "القاضية" بعد تلك التفصيلات إلى إجمال مكثف ؛من مخاطره أن يوصد "باب المصالحة" ؛فنراه يجابهها؛وهو شاعرها من قبل ؛ بقوله؛معتمدا على التأكيد بلفظة "كل "
ووصْـفُـكِ كُـلّـهُ فِـي الشّـعْـرِ
كَـــانَ أقَـــلَّ .. لا أَكْــثَــــرْ !!
وفي تلك الأبيات تبرز لنا السمات التالية:
1/سيادة كاف الخطاب
2/تكرار النفي" بلم " التي قلبت الحاضر ماضيا ؛وفي ذلك إشارة لاستعار الغضب في أعماق الشاعر
3/التفصيل والإجمال
4/مقابلة المحسوس بالمحسوس
الجبين يناظره الذهب ،الصدر يناظره المرمر ، و الجِـيـدُ يناظره العَـاج
الرِيـقُ يناظره السُـكّــرْ،الثَـغْــرُيناظره الكَــرَز الصَـوت يناظره المِـزْهَـرْ!!
لقد عمد الشاعر إلى رصف تلك الماديات أمامها لنفاستها؛ وفخامتها عندها من جهة ؛ومن جهة أخرى ليقرع الحجة بالحجة ؛في إيماءته الذكية إلى ولعها بالشكليات؛ وتعلقها بالمظاهرالخداعة،كما أن ذلك يعد تمهيدا لما سينفرج عنه الستار من مفاجآت ،في البراهين التالية؛التي ينفرد فيها صوته الأحادي ..
تبدأ البراهين على هذا النحو:
و لَــوْلا خــمْــرُ قَـافِـيَــتِــي
لـمَـا ألــهَــىٰ.. و لا أسْــكَـر !!
وعـرشُ جَـمَـالِـكِ الـمزْعُـومِ
شَــيَّــدَ رُكْــنَــهُ قَـيْـصَــرْ !!
أنَـا بِـالـحُــبّ مَـنْ حَــوّلْــتُ
دَوْحَ حَـبِـيـبَـتِـي أخْـضَــرْ!!
و صُـغْـتُ مِـنَ الـنّـجُـومِ لـهـا
قَــلائِــدَ.. لا مِـنَ الـجَـوهَـرْ!!
ومَـنْ حَـوّلْـتُ مِــنْ لا شَــيءَ..
شيـئاً.. فِـي الـورَى يُـذْكَــرْ !!
ومَـنْ أجْـرَيْـتُ بِـاْسْـمِ الـحُـبِّ
مِـنْـهـا فِـي دمِــي كَــوثَـــرْ !!
أنَـا مَـنْ عَــلَّــمَ الأحْــجَــارَ
أنْ تَــبْـكِـي.. وَ أنْ تَـسْـهَــرْ !!
و أنْ تَـتَـحَـسّــسَ الأَشْــيَــاءَ
كَــالأَعْـمَـى.. و قَـدْ أبْـصَـرْ!!
أنَــا.. مَـــنْ حَـــوَّلَ اْمْــــرَأةً
لِـمَـمْـلَـكَـةٍ بِـلا عَـسْـكَــرْ!!
و أجــرَى تـحـتَـهَـا الأنْْـهَـارَ
بالـكَـلِمَـاتِ فِـي الـدّفْـتَـر !!
إن عذاب الشاعر مع الحروف والرموز والصور والموسيقى وحرارة الأداء لتعد من التضحيات الجسيمة التي لم تكترث بها فتاته المتنكرةهذه،فلذلك وصف تحليقات شعره؛ والسحر المقترن بوثباته الفنية؛مقررا أن مرد هذا الزخم الملحوظ وهذا اللمعان الحريري؛ إلى خمرته الروحية الصافية وحدها ،ولاعلاقة لها هي بالإلهام لامن قريب ولامن بعيد، -ونظير النكران نكران يضاهيه ؛أويفوقه- فهو القيصر"الامبراطور" الذي شيد لها هذا البناء الشاهق ؛وهووحده الذي أقام للحب ممالكه ،وأبراجه ؛واعتنى بمداميكه عناية فائقة ،حاملا على عاتقه راية الحب الإنساني؛ المتطلع إلى المثل العليا لاالسفاسف الدنيا؛ جذوره موصولة بمباديء النقاء والصفاء ؛وهو الذي سقى الحقول الجرداء ذات الأرض البوار، بوجيب قلبه؛ ودفقات شعوره،ونبضات أحاسيسه؛ حتى اخضرت أفانين أشجارها؛ولمع بهاؤها ؛وفاح أريجها الزاكي هنا وهناك ؛وهو الصائغ الماهر من النجوم الزهرقلائدها، لامن القيعان والكثبان والأبنية الشائهة،وهو الذي بث الحياة في الأشياء الجامدة الخاملة ؛وجعل لها كياناتها المستقلة"مِــنْ لا شَــيءَ..
شيـئاً"،حتى الأحجار الصماء خلع عليها من ينابيع أحاسيسه المتقدة،فإذا هي كائنات تجيد لغتي "البكاء" ،وتجربة "السهر" الحالم..
ويمتد فداؤه العظيم ؛ونضاله التنويري إلى أن ينشر الأمن والسلام، لتبزغ من وراء ذلك "امرأة إنسية"؛ استحالت إلى مملكة لها سلطانها؛ ولها منزلتها العظمى ولها أيضا سيادتها المطلقة ..
ويختم ذلك بأن فجر أنهار الحياة من تحتها تفجيرا ؛لتعمل من أجلها ؛ولتصنع لها الأمجاد الفاخرة ؛والقمم الشوامخ ؛بهذه الأغاريد الندية ؛والتواشيح الأسطورية التي عبر عنها "بالـكَـلِمَـاتِ فِـي الـدّفْـتَـر" !!
وكلمات الشاعر المكنونة وقد أجملها في دفتره سيفصح عنها مفصلة في الجزء الأخير من النص؛ فيهتف قائلا:
فَــلا تَـتَـنَـكَّـرِي لِـلْـحُـــبِّ
فَــــاْلآلاءُ.. لا تُــنْـــكَـــرْ !!
تَـيَـبّــسَ خَـافِـقِــي وَ ذَوَى..
وصِـرْتُ أخَــافُ أنْ يُـكْـسَـرْ!!
لأنّـــي .. إنْ مُــنِـيـتُ بِــــهِ
فَـقَـدْ وقَــعَ الــذِي أحْــذَرْ !!
فحِـيـنَ يَـمُـوتُ فِـيـهِ الـحُـبّ
يُــصْـبِــحُ ذنْــبُـهُ أكْـــبَــر !!
و ســوفَ يُـجَــابِـهُ الــدّنْــيـا
ولـيْـسَ لَـدَيْـهِ...
مَـا يَـخْـسَـرْ !!
وبحكم الشفافية التي يتحلى بها شاعرنا ؛وإيمانه الصلب المتين برسالة الحب نرى إليه ناصحا -وقد نحا منحى الحكيم الواعظ ؛الكاره في قرارة نفسه؛ فكرة الانهيار ؛وخيبة الأمل؛والاستسلام للركود العقلي ؛في قوله المعتمد على النهي بلا: فَــلا تَـتَـنَـكَّـرِي لِـلْـحُـــبِّ..
كما أنه يشير إلى أن تنكرها الغليظ الهاتك حرمات الودائع ؛والأسرار القلبية هو مبعث تلك الغصص والعذابات التي قلبت طبيعته الشاعرية رأسا على عقب فثارت ثائرته ؛على تلك المثابة..
كما أن النعم العظيمة؛ التي نرفل في أبهتها ؛لايليق ببشر من لحم ودم؛ أن يضرب عنها صفحا ؛تجاهلا وانتقاصا(فالآلاء لاتنكر).
وإن فقدان حقيقة الحب لتجعل القلب الريان صحراء قاحلة؛وإذا حدث مايهز عرش القلب من كوارث عدوانية مجردة من النزعات الإنسانية؛ فإن مآل ذلك الانكسارلامحالة ؛وإذا مات الحب في القلب؛ سيتعاظم الشعور لديه بالذنب،وسينظر للحياة من منظار أسود قاتم ؛مغاير لطبيعته وسجاياه،وأولى به أن يعيش حينئذ على هامش الحياة عبئا ثقيلا، ؛إذ لاقيمة لشيء أبدا حين يتعرض الحب الأصيل للهدم والمقت والازدراء..
- بعض السمات الفنية الواردة في هذا المقطع..
1/غلبة الطابع الذاتي من خلال المراوحة بين الضميرين المنفصل "أنا ""وتاء "المتصل وكلاهما للمتكلم.
وفي ذلك تعميق لدوره الواسع .
2/الاعتماد على اسم الموصول (من )
3/تركيب "خمر قافيتي"، استعارة ،ولفظة قافيتي المراد قصيدتي ،من إطلاق الكل على الجزء.
4/تشبيه الحب بنهر الكوثر "تشبيه بليغ
5/أضفى على الكائنات الأخرى من أحاسيسه المشتعلة، كالأحجار،والنجوم وغيرها.
___________________________________
- ظواهر فنية عامة.
1/بحر القصيدة مجزوء الوافر وهو من أكثر البحور مرونة وأوفرها حظا من الموسيقا وقد جاء متوائما مع تجربة الشاعر الملتهبة
2/اعتماد الشاعر على الأسلوب الخبري
باستثناء بيت (فلاتتنكري للحب)
3/الصور البيانية ملموسة لاتجنح إلى الإبعاد أو الغلو تجاوبا مع الموقف المحتدم
4/ألفاظ القصيدة سهلة مأنوسة؛مع مكنونها الإيحائي
5/تركيب "مملكة بلاعسكر "؛يمكن النظر إليه ككناية عن سيادة الأمن وهناءة العيش..
6/العاطفة تتسم بالصدق وحرارة الثورة ..
7/استخدم الشاعر أسلوب "الالتفات" في بعض انتقالاته.
8/أخذت "النرجسية "نصيبها الأوفى تبعا للمقام
________________________
- المرفأ الأخير
وبعد :فقد كنت أحدث نفسي أنني سأتوخى الإيجاز في تأملاتي هذه ما أمكن ذلك ؛فإذا بحديثي النفسي الهامس يتراجع أو يتبخر ؛وإذا بي أمام لوحة بيانية ناطقة -واستنطقتني بدورها -بفصول مترعة من المواقف والمفارقات ؛بطلاها إلفان حميمان لاينفصلان أبدا ؛وإذا بالمعاني الكامنة ؛وقوة الشعور؛والإيحاءات المشعة في ألفاظ القصيدة ؛تجرني جرا إلى الاستطراد ؛وإمعان النظر ما استطعت ؛وليس لذلك من تعليل سوى أن شاعرنا القدير موسى الشافعي ؛ماهر في الغوص ؛"مارد في فنه"؛بارع في اجتذاب قارئه ؛ ثري في نقل تجاربه ؛وهو فوق ذلك إنسان؛شاعر ) فنان ؛مرهف الإحساس ؛ولمعايشة نصوصه مذاقها الخاص؛وهيمنتها الذوقية.
وأرجو أن أكون قد وفقت في إلقاء الضوء على بعض مساحاته الوجدانية المترامية الأطراف ...وآخر دعوانا أن الحمد لله.
_________________________________
للاستئناس مماهو قريب من تجربة شاعرنا
- مع العقاد
تريدين أن أرضى بك اليوم للهوى
وأرتاد فيك اللهو بعد التعبد
وألقاك جسما مستباحا وطالما
لقيتك جمّ الخوف؛ جمّ التردد
رويدك إنّي لا أراك مليئة
بلذة جثمان ؛ولا طيب مشهد
إذا لم يكن بد من الحان والطلى
ففى غير بيت كان بالأمس مسجدى!
ولشوبنهاور نسبوا هذا القول :
"المرأة لا تخرج من دور الطفولة أبداً، ولها فى كل دور من أدوار الحياة ألاعيب وسفاسف تناسب ذلك الدور، فهى دائما صغيرة وإن تقدمت بها السنون والأعوام؛وأن جمالها، نابع من اشتهاء الرجل لها".