مُذ قيلَ يا جبريلُ:
إنّكَ سادنٌ
للوحي،
فـ اقرأْ عن فمِ الأنباءِ!
،
أنِّي انتخبتُ من اللغاتِ فصيحُها
عــــربــــيــَّــةٌ ، رقراقةُ الأصداءِ !
،
وهي المُفَرْدَسُ نُطقُها ..
لا منطقٌ
يعلو عليها؛ غَضَّةُ الأفياءِ!
،
جاءت تجرُّ ثيابَ هيبتِها على
مرأى اللغاتِ بـ مِشيةِ الخيلاءِ !
،
وتقول:
أين الناطقون؟!
فـ ما أرى
إلايَ يعلو صهوةَ النطقاءِ !
،
بـ دمي مشى جبريلُ ثُمَّ أراقَهُ
بـ فمِ النبيِّ وسيِّدِ الفُصَحاءِ !
،
فـ تُليتُ: "باسمِ اللهِ"
أعظمُ مَنطِقٍ
فُتِحَتْ به بوابةُ القُرَّاءِ !
،
لُغةٌ من الفردوسِ ينضو وجهُها
سُبحانَ مُنشِئُها من الفيحاءِ !
،
تمشي بـ أوردةِ التحدُّثِ مثلما
تمشي العذوبةُ في وريدِ الماءِ !
،
فـ ترى لها سَكَرٌ بـ كلِّ مسامعٍ
ألقتْ إليها نشوةَ الإصغاءِ !
،
لغةٌ تعتَّقَ في الرقيِّ حديثُها
فـ تمدَّدَتْ برَّاقةُ الأضواءِ !
،
ما قارئٌ يتلو بيانَ حروفِها
إلا وأشجى مسمعَ الجوزاءِ !
،
وكأنَّ من شفتيهِ تُسْفَحُ غيمةٌ
ثجَّاجةٌ حَطَّتْ على الأمداءِ !
،
تتجذَّرُ الكلماتُ في أضلاعنا
منها ،
فـ تأخذُنا إلى العلياءِ !
،
تسمو بنا نحو السماءِ،
كأنَّها
معراجُ ( طـٰـهَ ) ليلةَ الإسراءِ !
،
متسنِّمونَ على اللغاتِ بها،
كما
يُتَسَنَّمُ (التاريخُ) بـ العظماءِ !
،
فلـ تحفظوها كابرًا عن كابرٍ
ولـ ترفعوها عن يدِ الغوغاءِ !
،
فـ هي المُفَرْدَسُ نُطقُها ..
لا منطقٌ
يعلو عليها ؛ غَضَّةُ الأفياءِ !