مِن أَنْبَأَ الطُّوفَانَ عَن أَسْمَائِي
حَتَّى تَمارَى فِي تُخُومِ سَمائي ؟ !
مِنْ أَيِّ غاشِيَةٍ أَتَى مُتسَربلاً
ظَمَأَ الكهوف ورهْبةَ الْبَيْدَاء ؟ !
هَلْ كَانَ يُدْرِكُ أَنْ أَسْمَاءَ الَّتِي
يَهْذِي بِهَا أَنْأَى مِن الْجَوْزَاء ؟ !
مُذ أسرجتْ فَلَكَ الْعُبَاب فأينعتْ
بَيْن الْقِبابِ طَوالِعُ الْحَسْنَاء
هِي نسْغُ إشراقاتِ عَهْدٍ نَاضِرٍ
وحُلولُها في السِّدرةِ الْخَضْرَاء
مَازِلْت أَذْكُرُ مَصْرَعَ اللَّيْلِ الَّذِي
لبَّتْ بِهِ كَالضَّوْءِ رجْعَ نِدَائِي
كَالْحَلَمِ كَالْفَجْرِ الطَّرُوب تبلَّجتْ
آيَاتُهَا ، كَاللّيْلَة القَمْراء
الْوَعْدُ كَان يضوعُ فِي قَلْبِ الدُّجَى
والْأنْسُ كَانَ يفيضُ فِي الأنحَاءِ
وحِيالَها اِسْتَعَر الْخَيَالُ عَلَى يَدَيْ
مُستلهماً وَحْيَ الشُّعَاع النَّائِي
لِلشَّوْق للنجْوى لهالاتِ الرُّوَى
للهينماتِ ؛ ركضتُ خَلْفَ الْمَاء !
للأمنياتِ تَجُوبُ خَارِطَة السُّرَى
وتحيدُ -صَادفةً-عن الظَّلْمَاء
يَا أَنْتِ مَاذَا أَسْتَعِيدُ ؟ وَكَيْفَ لِي
أَن أستردَّ عَرامةَ الصَّحْرَاء ؟
تترقبينَ اﻵنَ طقساً مُفعَماً
مُتأججاً بالزَّهْو وَالْخُيَلَاء
وتباغتينَ الْوَقْتَ وَهُوَ مُضَرَّج
فَزِعٌ يَنُوءُ بِهَذِه اﻷرْزَاء .
مَا أغْرَبَ الْوَقْتَ الْعَصِيّ عَلَى الَّذِي
فِي الظِّلِّ مَنْبُوذٌ وَفِي الرَّمْضَاء !
يَعْتَادُه صَوْتُ الْأَمَانِي طافراً
وحنينُه المشبوبُ عَصْفُ شِتَاء
يَا أَنْتِ لِلصَّمْتِ الجَريحِ غرابةٌ
لَكِنَّ صمتَكِ أغْرَبُ الْأَشْيَاء !
أَبْحَرَتُ أَسْتَهْدِيك شَدواً خالباً
وسأصْطَفيكِ بِهَذِه الْأنبَاء !
أَرَأَيْتِ أخيلةَ السَّرَابِ فَمَا الَّذِي
فِي كُنْهها أَلْفَيْتِ غَيْرَ الدَّاء ؟ !
أَرَأَيْتِ وَالْعَنْقَاءُ تقْتَطِعُ الْمَدَى
مَنْ كَانَ يُلْقِي السَّمْعَ للعنقَاء ؟ !
هَلْ كَانَتْ الْأَنْوَاءُ إلالعبةً
وخيوطُها غَامَتْ عَلَى الدَّهْمَاء
هَل لِلْكَوَاكِبِ وَهِيَ فِي أبْراجِها
مِن أَوْبَةِ ناريَّةِ الأْشْذَاء؟!
نَادَيْتُ فِي الْآفَاقِِ حَتَّى أْطْرقَتْ
أبْصارُ تِلْكَ الصّخْرَةِ الصَّمَّاءِ .
وهزَزْتُ مِيعادَ الرَّجَاءِ مُوثَّقاً
بِالرِّيحِ حَتَّى الْوَقْتُ عَاد وَرَائِي .
يَا أَنْتِ يارهجَ المسافةِحدِّقي
واسْتنهضِي تلويحةَ الزَّرْقَاء
ضُمِّي هَديرَ الْمَوْج وامْتَزجي بِه
وَدَعِي الْحُرُوفَ تجوسُ فِي اﻷرجَاء
وَإِذَا اﻷغاريدُ استجاشتْ فِي الذُّرَى
فلسوفَ يفترعُ الهزيعَ غِنائِي !
وَلَسَوْفَ تنسلخُ العناكبُ ثُمَّ لَا
يُفْضِي بِنَا سفرٌ على الوعْثَاء
أنْشودتي طَوَتِ الزَّمان مشَوقةً
ودنَتْ إليكِ مخافةَ الغُرَباء
فَإِذَا أَقَمْنَا نَاظِرِينَ إلَى الْمَدَى
سترينَ ماذا بعدُ منْ ضَوضَاء!