مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
اكتشافي الصادم، بمقدرتي على ركن الحياة على الرف، وتوظيف التفاصيل اليومية لصالح رؤيتي الكونية للوجود قد هز كياني، وحولني لانسان يتأمل الأشياء بدافع الدلوف للفراغ، وكسر الحدود التي تصف الأشياء، فتبدو لي الأيام التائهة في فوهة الثقب الأسود لمعناي تشكلاً جديدًا يُضفي مساحيقًا تجميلية على علاقاتي، ويتكون العبور المؤقت على جسر التواصل محض شكلية نتجاوز بها انقطاعنا عن استخدام الكائنات لغايات بقائنا! عجيب مع ذاك أن يجمد الشتاء ما بقي من نزر علاقتنا المهشمة، ويبدو لي الزمهرير الأوحش كجنة ربيع إذا ما تذكرت.
إن الصمت الذي يعترينا أبلغ أسلوب تواصلي قد عرفتهُ البشريه؛ فهو يعمقُ تواصلنا يجعلنا مسيسين حدّ الانتهاء، حدّ الوفاة، والنهاية؛ أن تكون علاقتنا في مهب النسيان يعني أننا وصلنا حدودًا قُصيا من الشعور فهل يقال لي اليوم أنّي بعيد، وقد نموت من عرف شمعةِ غرفةٍ عَتِمة فينيقَ التحريق لما مضى بجليد النسيان.
أدورُ في حلقة مفرغة لكن العالم لا يعود ذاتهُ إذا ما دلفت مشاهدًا صدري الحاوي كواكبه الدرية والمُعتمة، ممسكًا بريشةِ بقائي وكأني بها صراطًا مستطيرًا يعبر مِنه لاعبو السرك أمامي ليسقطوا لكن الهواة ويا للعجب يصلون المحل الأقصى.
متمشيًا في ردهة الكتابة ممسكًا بزمام الوقت المُفلت حياتي قد حنطت بالكلمات غير أن العودة للكتابة، هي العودة للألم والولادة، فهل يريدون لي أن أصير ما كنت وقد أُبدلت كائنًا آخر .
على منضدةِ الشعور وقد التم الشتاء إلى أقصاه كانت لحظتي خاليًا من الذكريات، والرمادُ يذرو كراستي للهباء؛ بيد أن يدي تتحرك لم تنس الكتابة غريبٌ ممارسةُ ما نسبته حيث أصبح جسدي أداة هذا الألم القصي، و وطنًا للقبلات الأولى أكسير العلاقات المنسية يعيدها للمشهد بلبوس جديد، هذا الجسد لغةُ معناه الدفاق.
أغمضُ عيني على الصور التي تُكبل فمي فتطلع منه الأشجار والعصافير لتحول شكل الأماكن، تبدو الكائنات على غير المحل إذ هي منتج تفصيلي رائق وتشكل فني للسعادة والجمالية أنا من مني صدري بكواكبٍ ومجرات من الأحزان السرمدية وقد محوتُ هويتي مناديًا ذاتي الأولى، النفسُ التي هويتُ بها لدرك التواصل والاتصال فصمتُ. إليّ باللغة العريانة يا كلماتي .
في هذه الليلة الظلام عادت روحي القصية لتنوب الشمعة التي كادت تنطفىء لتربت على كتفي فتطلع منه أغصان المرايا التي تعكسُ وجهي فحسب، تاريخ تبدلاتهِ ليكون لغةً ويكون كوكبًا وقُربًا يأخذني لحظيًا للأشياء وقد زلتُ عن التذكر لأكون ذاكرة؛ هذه المشاعرُ التي تتدفق عبر القوالب لتحطمها والى الجسور لتتجاوزها والى القلوب لتترك فيها بقاءً لا يزول. أسفر قلبي عن حدوده، وقد جاوز الحد للماوراء عائدًا بالزمن لمنتهاه وللحب لمبتغاه وللأيام رداء جسدي المجرة.
يا عاهل آلام العالمين هبوطك الآن صعودٌ سماوي، ولغة قد تخلقت في يديك وقد صِرتَ وطن الأشياء الدائرة في محرابك الحب. يا عاهل آلام العالمين وقد رفعت يديك عن الكتابة يعاود قلبك خط كلمته الأولى والأخيرة: الحُب.
هيثم البرغش ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣م
نَادَاكِ قَلْبِي بِأَشْجَانِي وَ قَافِيَتِي
لأنَكِ الَحُبُّ و التَهْلِيلُ عَاذِلَتِي
إنْ تَرْفُضِيَهَا دَفَنْتُ الحُزْنَ فِيْ كَبَدِيْ
كَِيّ لَا يَرَى النَّاسُ قَهُرًا مِنْكِ سَيْدَتِي
و إنْ رَأَوْا مِنْ دُمُوْعِي مَاْ أُخَبِِّأَهُ
أقَولُ إنَّ القَذَاَ قَدْ صَاْبَ مَنْظَرَتِي
هَذَا رَسُولِي بَعَثْتُ الآنَ مُعْجِزَةً
حَرْفًا مِنْ الدَّمِ مَمْزُوجًا بِعَاطِفَتِي
لَهِيْبُ شَوْقٍ تَلَظَّى مِنْ تَنهُدِهِ
أصَابَهُ وَاْبِلٌ مِنْ هَجْرِ فَاتِنَتِي
يَا مَنّ لَهَا الفَضْلُ فِيْ حُزنٍْ و فِيْ فَرَحٍ
و البَيْنُ وَ الوَصْلُ حَرْثٌ بَيْنَ أَوْرِدَتِي
مَشَاعِرِي تَشْتَكِيْ شَوْقًا يُمَزِقُهَا
أَضْحَتْ رَمَادًا وَ فِيْ عَيْنَيْكِ مَقْبَرَتِي
لا بأسَ ..
كم أسرفَ العُذَّالُ في عَذَلي
وكم أشادَ سِواهمْ ،،
فاعذِلي وصِلي
كلُّ العِتابِ كلامٌ ..
غيرَ أنَّ به إنْ لامسَ الروحَ
ما يفضي إلى أمَلِ
وقد هَطلتِ ..
فما أصفاكِ عاتبةً
حاشا الذي بينَنا يقفو خُطا الزَّعلِ
لعلَّ صوتَكِ يُحيي جدبَ أوردتي
ويوقظُ القلبَ من دوَّامةِ المَللِ
أنا تعبتُ من الدنيا ، وقدْ نبتَتْ
منها بنفسيَ أشجارٌ
من العِللِ
أرخى عليَّ ظلامُ الوهْمِ
أروقةً من الوجومِ تعامَتْ دونَها
سُبُلي
حتى لُحونُ القوافي صرتُ أجهلُها
فبعضُ أبياتِها يدعو إلى الخَجلِ !
لا الشعرُ شعري بها صدقًا وعاطفةً
وقد يتيهُ بثوبٍ
ليس من حُللي !
لربَّما تدركين الآن عاذِلتي
فيمَ انتبذتُ عن المَغنى ،
ولم أزلِ ؟!
للشاعرِ اليومَ أسبابٌ تراودُهُ
عن الغِيابِ ،
وتغريهِ عن المُثُل
فدونَ مشوارِه التوَّاقِ
أوديةٌ من الضبابِ
وأشراكٌ من الحِيَلِ !
يا ويلَ ناشِئةِ الأجيالِ من لُغةٍ
أصداءُ شيلاتِها
تُصميكَ بالشَّللِ
يسمِّمونَ فضاءَ الشعرِ
إن صدَحوا نثَّتْ حناجرُهمْ
عن كلِّ مُبتَذَلِ ..!
وفي العُروبةِ ما تُدمي حوادِثُهُ
يغيبُ شاعرُها
عن واقِعٍ جَللِ
يَخشى من القَولِ
إذْ آفاقُهُ حَلَكٌ ..
ولا سبيلَ لأنْ يعزي إلى الخَللِ
الصَّمتُ أحْرى بهذا الوقتِ سيدتي
وليسَ أليَقُ من صمتٍ
على وَجَلِ ..
نعمْ أغيبُ ..
وقدري بِتُّ أعرفُهُ ..
أنا الحَفِيُّ بأوطاري ومُقتَبلي !!
تُراودُنا رغبةٌ في الضُّلوعِ
تُحدِّقُ من أفقِها الضَّيِّقِ
تُحوِّمُ صوبَ مَغانٍ تضوعُ
لتقطفَ من وردِها المُعبِقِ
ففي الوقتِ ما يستحقُّ الشروعَ
فما ضاعَ أكثرُ ممَّا بقي
فيصرخُ من عمقِنا ناصحٌ :
تشيَّخَ في الروحِ ممَّا لقي !
كبُرنا على لحظةٍ من هُيامٍ
تعلِّقنا في جوى مُطبِقِ
على مَوعدٍ للغرامِ تدانى
فيلهو بنا الظنُّ ..
هلْ نلتقي ؟
على كلِّ ما يستفزُّ الجمالَ
بأرواحِنا عَلَّها ترتقي
وعن دهشةٍ لم تعدْ طائراً
يرفرفُ في عمرِنا المُرهَقِ
كبُرنا ولا زالتِ الأمنياتُ
تتوقُ لأنسِ المدى المُشرِقِ
يُغلِّفنا وجَعٌ لا يَجفُّ
تجذَّرَ فينا إلى المَفرِقِ !
أحقَّاً كبُرنا ؟
وما عادَ شيءٌ
يوشوشُنا للهوى الشَّيِّقِ ؟!
تُطوِّقُنا عُقدةُ الأربعينَ
وتسحبُنا للشَّجا المُحرِقِ
تُحنِّطُنا في الصَّقيعِ اتِّقاءً
ونجهلُ أسبابَ ما نتَّقي !
وندري بأنَّا على رُغمِنا
كبُرنا على خوفِنا المُحدِقِ
وما زالَ في وسعِنا أن نُحبَّ
الحياةَ افتتانا ولم نُسرقِ
وما العيشُ يا سيَّدَ الأربعينَ
إذا أنتَ لم تصبُ أو تَعشقِ ؟!
وأجملُ ما في الحياةِ شعورٌ
بأنَّكَ والبدرَ في خندقِ !