هنداوي (خليل ـ)
(1324ـ1396هـ/1906ـ1976م)
- التعريف به
خليل بن محمد عوفات هنداوي، أديب عصامي فَذّ ولد في مدينة صيدا بلبنان، وفيها تعلم حتى أنهى المرحلة الإعدادية، وكان قد أمضى سنوات الحرب العالمية الأولى في دمشق لالتحاق والده بالجندية.
- جانب من سيرته الأولى
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عاد إلى صيدا حيث تابع تعليمه في معهد المقاصد الخيرية.
ولم يتح له أن يتمّ دراسته الثانوية، إذ منعه ضيق ذات يده من ذلك، فعكف على تثقيف نفسه ودراسة الأدب العربي والتعمق فيه، ثم مارس مهنة التعليم الابتدائي في صيدا وبعض قرى لبنان، وواصل في الوقت نفسه قراءة الشعر والقصص والكتب الأدبية، ثم غادر لبنان مكرهاً عام 1928 وهو في الثانية والعشرين من عمره، واختار دمشق موطناً له.
وفي دمشق أقام ودرّس وأخذ يكتب المقالات في بعض الصحف، ثم عُيّن بتاريخ 3/1/1929
- ثقافته
أكبّ على قراءة كبار الأدباء والمفكرين العالميين، وتأثر بأمين الريحاني وجبران ونعيمة والعقاد، وأتقن اللغة الفرنسية فأجادها، واطلع على روائع آدابها وأشعارها، حتى جمع بين الثقافتين العربية والفرنسية، وتعمق في دراسة الأدب تأليفاً وترجمة.
- أبرز محطاته الأدبية
أمضى في دير الزور نحو عشر سنوات خصبة، وأتيح له أن يستكمل مطالعاته وكتاباته، ويتصل في أثناء ذلك بكبار الأدباء، وينشر مقالاته في مختلف الصحف والمجلات.
ثم نقل إلى حلب سنة 1939، فاتخذها دار إقامة له، ودرّس في ثانوياتها ومعاهدها المختلفة، وخالط أدباءها، واستمر يتابع نشاطه الأدبي في التدريس والتأليف والترجمة. وكان قد ندب في أثناء ذلك للعمل مديراً للمركز الثقافي العربي بحلب سنة 1958، ثم أعيد إلى التدريس.
وعندما أحيل على التقاعد سنة 1965م لم يثن ذلك عزيمته ونشاطه الأدبي، ولم يكن يفتر عن المتابعة والمثابرة وإغناء السوق الأدبية بأعماله المتنوعة.
وعندما أسس فرع اتحاد الكتاب العرب بحلب سنة 1969 أسندت إليه رياسته، وبقي كذلك حتى تُوفِّي بحلب بعد مرضٍ لم يطل كثيراً.
كان هنداوي عضو لجنة المسرح في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدمشق، وحضر عدة مؤتمرات للأدباء في كل من بيت مرّي بلبنان 1952 وطشقند 1958 وبيروت 1967 ودمشق 1971.
وقد لقي بعضاً من مظاهر التكريم في حياته من هيئات مختلفة، ومنح بعد وفاته وسام الاستحقاق السوري، كما أقيم له نصب تذكاري نصفي في مدخل الباب الغربي للحديقة العامة بحلب.
- أسلوبه
كان هنداوي مشرق الأسلوب، نقيّ الديباجة طالما غذّى أمهات الصحف والمجلات في الوطن العربي بعميق الدراسات والمقالات الأدبية والفكرية والقصص.
فضلاً عن قصائده الشعرية التي كان ينشرها بين حين وآخر في مناسبات مختلفة.
- عُرف بالاعتدال والجمع بين الأصالة والحداثة، وكان ذا مرونةٍ غير مصطنعة وتفهمٍ غير متكلف.
- أبرز مؤلفاته
ترك هنداوي مؤلفات أدبية كثيرة ومتنوعة ؛ومن أبرزها في القصة:
«البدائع»
و«الحب الأول»
و«دمعة صلاح الدين»
ومن أعماله المسرحية:
«هاروت وماروت»
و«سارق النار»
و«زهرة البركان «
وفي السيرة والتراجم:
«شوبان»
«حافظ إبراهيم»
«المتنبي»
«الإسكندر الكبير».
وفي الأدب والدراسات:
«الأغاني للأصفهاني» (اختيارات في خمسة أجزاء)
«مع الإمام علي من خلال نهج البلاغة»
«تجديد رسالة الغفران»
ومما ترجمه عن الفرنسية:
«أوليفر تويست» لتشارلز ديكنز
مسرحية «مونّا ڤانّا» لموريس مترلنك.
أسهم هنداوي في وضع كتب مساعدة للطلاب في الأدب والإنشاء كانت رائدة في بابها، مثل: «نصوص مدرسية في الأدب العربي»
و«تيسير الإنشاء»
و«نماذج إنشائية»
- وله ديوان شعر ضخم من القطع الكبير، وهو بعنوان: «مسيرة القمر- مجموعة شعرية 1925-1975».
كما له «مذكرات» كتبها في سيرة حياته، يزيد عدد صفحاتها على الأربعمئة، فضلاً عن كتب أخرى لم تطبع بعد.
- نموذج من شعره:
أنت إنسان وإنسان أنا
فلماذا نحن خصمان هنا؟!
تنبت الأرض لنا أزهارها
ثم لا ننبتها الا قنا؟
أرضنا إن شئت تغدو مسكنا
وإذا شئت استحالت مدفنا
يا أخي قصرك قصر شامخ
أكثير أن ترى الكوخ لنا؟!
أيها السائل عني من أنا
أنا ذوب الحب طيبا وجنى
أنا من أرسلت قلبي عاشقا
يرحم القبح ويهوى الحسنا
سأناديك ولو ضاع الصدى
وأدق الباب حتى تأذنا
كن كما شئت وخالف مذهبي
لن تراني حاقدا مضطغنا
مذهبي الحب وإيماني الهوى
لا غنى كالحب في دنيا الفنا
لو رعيت الحب للحب لما
كنت في شرعي إلا مؤمنا
موطني الإنسان لا لون له
فاجعل الإنسان مثلي موطنا
ادن مني !! ستراني دانيا
فإذا أنت مع الحب أنا
وإذا نحن على هام الدنا
نتحدى ... نتحدى الزمنا
وفاته:
في حلب عام 1976.