الشاعر اللبناني/ فؤاد رفقه
-جوانب من سيرة حياته:
ولدعام 1930 في قرية «الكفرون»- السورية بمحافظة طرطوس وتلقى دراسته الابتدائية في المدرسة الإنجيلية في مدينة صافيتا. هاجر إلى لبنان حيث نال شهادة الدراسة الثانوية من مدرسة الصبيان الأميركية في طرابلس عام 1949، كما نال شهادة البكالوريوس في الفلسفة من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1953 وبعدها شهادة الماجستير. عمل خلال دراسته في التدريس عدة سنوات حتى حصل عام 1961 على منحة دراسية من الحكومة الألمانية لدراسة الفلسفة في جامعة «توبنغن» وفي عام 1965 نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة وكان موضوع أطروحته «نظرية مارتن هايدغر في الشعر والفن» .
عاد إلى لبنان عام 1966 والتحق بكلية بيروت الجامعية لتدريس الفلسفة الغربية حيث تسلم مراكز إدارية رفيعة، لكنه لم يلبث أن استقال منها ليعكف على قراءة كتب الفلسفة والفكر، وينضم إلى جماعة مجلة «شعر» عام 1957، وقد أتاحت له هذه المجلة التعرف إلى كبار شعراء الحداثة في الوطن العربي والغرب، واستفزت طاقته الشعرية إلى أبعد الحدود فنشر فيها الكثير من قصائده. يعترف الشاعر فؤاد رفقه بأنه كان منذ بداية حياته انطوائياً، وفي حنين دائم إلى العزلة وبسبب هذه النزعة فإنه كان يحب أن يقضي وقته في البراري عند الينابيع، وبين الأحراج قريباً من الأشياء.
بدأ الشاعر فؤاد رفقه كتابة الشعر في سن مبكرة، حين كان في العاشرة من عمره وأصدر ديوانه الأول «في دروب المغيب» عام 1955 .
شعر فؤاد رفقه مثقل بالرؤى الفلسفية، والأفكار الغائمة، والصور الضبابية غير الواضحة فهو لا يسلمك مفاتيحه إلا بعد لأي وجهد، وأكثر من قراءة وقد سيطرت عليه الفلسفة التي تعمق في دراستها وصارت جزءاً لا يتجزأ من تفكيره. يقول إميل معلوف عنه: «من عرف فؤاد رفقه وعايشه عن قرب أدرك سبب تعلق هذا الشاعر بفلسفة هايدغر التي تجسم «الهم» الذي يعيشه وتفسر علاقة الكائن بالموت والزمن.
ويقول قيصر عفيف: «في قصائد فؤاد رفقه ،توتر الثبات والحركة، الفصول والزمان، الأرض والمواسم، الحياة والموت، وفيها معاناة الإنسان الذي يعي أنه مصلوب بين ثبات الوجود وحركته».
وفاته: في 3 أيار 2011 في بيروت،ونقل جثمانه إلى الكفرون ليدفن فيها حسب وصيته.
نموذجٌ من شعره:
«خربشات في جسد الوقت»
من الظلم أن نتوقع من الكرمة ثمراً غير العنب، ومن الإنسان غير ما عنده.
في حفلة البارحة كان ساطع الحضور: سلامات، أحاديث، نظريات، نبيذ متعدد اللون. لكنه في الأمسية عينها كان الغائب الأكبر. !
بين اللحظات كانت تبرق من ثقوب العمر ملامح قديمة، متآكلة، في هدوء تتسرب إلى القلب وتصمت، كطائر في قفص، بين عينيه روائح إحراج لن تعود.!
الحياة سلسلة من البدايات: شفق يتسرب من جدائل الليل، شمس تنحني على شفة البحر، لحن وراء نافذة، طائر يوقظ الفجر، عجوز في الشارع، غيمة، ثمرة فجة تلطم الأرض، وجه امرأة في المطار: هذه التفاصيل وسواها مفارق للرؤية الصاحية، للرؤية الواسعة الأحداق.
اليوم ذكرى ولادته. يخاف الالتفات إلى الخلف، يخاف أن يقوم بجرد حساب. فالغلَّة أقل بكثير من الدمع والأوجاع.!
الطبيعة كائن حيٌّ، طاقة غير محدودة الأوتار والأحاسيس. ومع هذا، يعرِّيها الإنسان المعاصر، يجرِّدها من عباءتها، من أساطيرها وأسرارها، يحوِّلها إلى جسدٍ ميتٍ طمعاً بالمال والسلطة.!
طويلاً تصبر، لكنها في النهاية تنفجر. فلا الصواريخ تجدي، ولا مركبات الفضاء، وقت الأعاصير وهدير البراكين!