الشاعر:جميل سلطان
1400-1327هـ
1979-1909م
-جوانبٌ من سيرته:
ولد في دمشق، وفيها توفي، وقد مارس عمله في عدة مدن سورية بعد دراسته في باريس.
عاش في سورية وفرنسا.
قضى مراحل دراسته في دمشق، ونال إجازة الآداب، وإجازة الحقوق من الجامعة السورية في عام واحد (1932) بمرتبة الشرف، ثم التحق بجامعة السربون (باريس) فحاز الليسانس في الآداب، ثم نال درجة الدكتوراه.
اشتغل مدرسًا للغة العربية في إنطاكية، وتنقل في مدارس حلب، وحمص، ودمشق (حتى 1945) ثم اختير مديرًا للمعارف في حوران، وبعد ذلك اختارته كلية الآداب أستاذًا بها، كما اختير مديرًا عامًا للإذاعة السورية عام 1951، وقد شغل بعض المناصب الإدارية في وزارة المعارف قبل أن يحال إلى التقاعد، ويتفرغ للتأليف ونظم الشعر.
انتخب عضوًا في المجمع اللغوي للدراسات السامية في جامعة السوربون في باريس، كما كان عضوًا في لجنة المعارف (سابقًا) في سورية.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان شعر، مخطوط، بعنوان: «قلب الشاعر» بحوزة أسرته، وله قصائد وقطع تتخلل ترجماته المذكورة في «مصادر الدراسة».
الأعمال الأخرى:
- له ثلاثة عشر مؤلفًا، في الأدب، أولها أطروحته للدكتوراه (بالفرنسية) عن «دراسة نهج البلاغة» 1940، وكتب عن الشعراء: جرير، وصريع الغواني، والنابغة الذبياني، والحطيئة، وأبي تمام، كما كتب عن فنون الشعر وأوزانه، وعن القصة والمقامة، وكان آخر مؤلفاته بعنوان: «الانطلاقات الحديثة في الشعر»- دار الحياة، دمشق 1970 .
نموذجٌ من شعره:
ليلة..
هدأ القلبُ مترعًا بالشقاءِ
فهدوءًا يا سَوْرةَ البرحاءِ
إن روحًا تُفدى بنفسيَ هبّت
من ثراها تطوف بالأحياء
فلعلي إن بتُّ أصغي إليها
واجدٌ عندها نشيدَ عزائي
الزمان الخؤون حطّم نايًا
كنت أسلو به لواعجَ دائي
لحنه أعذب اللحون لروحٍ
تتنزَّى جوًى من الأرزاء
أيُّ صوتٍ أحبُّ من عَذْب صوت الـ
أمِّ لـمّا تحنو على الأبناء!
إن سمعتَ النشيد من عذب فِيها
خلتَه هابطًا من الجوزاء
أيها السامعُ النشيدَ خشوعًا
إنه من لحون مَلْكِ السماء
رُبَّ من مات في سبيل نشيدٍ
كان عذبًا في أذنه الصغواء
جاد بالنفس ذائدًا عن حماه
وحِمى المرء مهبطُ النعماء!
من يَجُدْ بالفؤاد يحيَ عزيزًا
خالدَ الذكر مشمخرَّ البناء!
من سوى الأم يستحثّ بنيه
للمعالي عن حمأة الأهواء؟
فيرون ارتشافَ ثغر المنايا السْـ
ـسُود ِأشهى من مَبسم العذراء
لهفَ قلبِ اليتيم يضحك منه الدْهر
والعينُ خُضّبت بالدماء!
ويحَه لم يدعْ له الدهرُ إلا
ذكرياتٍ كالنار في الأحشاء
كلما كاد يقصر الطرفَ عنها
لذعته كلذعة الرمضاء
أيها اليائسُ الحزين تنبَّهْ
إنما أنتَ عُرضةٌ للبلاء
مضّه الدهرُ بالمنون، فشاعت
عينُه في السماء والغبراء
يائسَ القلب، ثائر النفس، يشكو
سهمَ عُسرٍ في ليلة عسراء
يرسل الصوتَ خارقًا حجبَ الصَّمْـت
فتُصديه مُعولاتُ النساء
يا لها ليلةً تجسَّم فيها
عِظمُ الدهر في حلول الفناء
ليلةً زادتِ الغوامضُ في سِرِّ
حياةٍ أعيا حجى الحكماء!
قفصُ العيش كان فيه حَمامٌ
أطلقته منونُه في الفضاء!
لم يزل بعده محطَّ البلايا
في شبابٍ مشعشعِ الأضواء
عجبٌ للزمان يمزج في القَلْـب
ضياءَ الشباب بالظلماء!
كان يلقى في طلعة الأم بِشْرًا
كصباحٍ مكلّلٍ بالضياء!
ويرى في حديثها العذب روحًا
وحنانًا يُحيي قتيلَ الرجاء!
من له بعدها سوى الأبِ يُخفي
دمعَه وهو نادبٌ في الخفاء!
شجنٌ حلّ في القلوب فأذكى
أنفسًا لن تزال قيدَ البكاء!
ليس داءٌ ما يهزل الجسمَ سُقْمًا
إنما الحزن أكبر الأدواء!
ولوَ انّ الأشجان لم يك فيها
ثائراتُ النبوغ والعلياء!
لقضينا، فلا الشبابَ مكدٌّ
لا ولا الشيب باسمٌ للرجاء!
إن أيامنا العِذاب بروقٌ
لامعاتٌ في ليلةٍ هوجاء!
والمنايا جبّارةٌ ما شفتها
أبدَ الدهر دمعةُ الضعفاء!