قد يسأل القارئ الكريم عن سرّ اختياري العنوان أعلاه والذي حمل " كتاب " ليكون عنواناً لمقالتي " وهذا السؤال يثير الكثير من الاستفهامات والتي تحتاج للكثير من الإيضاح والإفصاح ، وللأمانة لم أجد ما ينصف قيمة المعرفة والحديث عن الثقافة كمفهوم عام إلا بوضع هذا العنوان العظيم والشامل ، وهذا العنوان - أي كتاب - يحمل كل شاردة وواردة عن الثقافة والمعرفة والتجربة والدراية ، فالكتاب كان ومازال له مكانته وقيمته وإن تحوّل القارئ من المحسوس المادي الورقي إلى محسوس افتراضي عبر شاشات التقنية، افتراضاً فرضته ضرورة العصر والمرحلة الحالية، ونحن جزء من هذه المرحلة بلا شك !
الكتاب الذي مازالتِ الألسنةُ تكرِّرُ ما يقوله وتأخذ به ، وتستشهد بمعارفه وحكمه وأمثاله شعره، ونثره ،وتعيده ; مُثْنِيَةً عليه، ومعجبةً به، ومتقنة له ومحبّة له .. الكتابُ.. ذلكَ الصديق الوفي الذي لا يجبر صاحبه على القراءة فهو يمنح صاحبه حرّية القراءة بحب ، والصاحبُ المخلص الذي يمنحك الرؤية الأعمق والأبعد في الأمور ، ويأخذ نحو مجرّات لم تكن لتراها من قبل ، وهو الروضةُ التي لا تَذْبُلُ أزهارُها ولا تصمت عصافيرها وهو الكنْزُ الذي يفتح لك دفتيه مرحّباً دون أن ينقص منه شيئاً بل يزيده ويزيدك ، ويؤنس وحدتك ولا تخاف عليه من الضياع والاختطاف والسرّاق .
كان عميد الأدب العربي – طه حسين يقول :
" لا فرق عندي بين إنسان وآخر , رجلاً كان أوامرأة إلا بقدر ما يقرأ وحجم ما يقرأ وحجم استيعابه لما يقرأ من صفحات " ..
فالتاريخ يخبرنا بأن الكتاب على مدار العصور صديقاً ملازماً للمثقف الحقيقي ومعيناً له في أسفاره ورحلاته حافظاً لآرائه ومستودعاً لأفكاره يألف صاحبه ويألفه حتى باتت صورة المثقّف عند العالم وفي يده كتاب .
فكرة أخيرة :
أَعزُّ مكانٍ في الدُّنا سَرْجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الزَّمانِ كِتابُ