دخلت حجرته ذات يوم، وأخذت تبعثر كل ما في طريقها إلى أن وصلت إلى أسفل السرير، تقترب من الغطاء المتدلي على جانبي السرير فيعيقها عن المضي، فتدخل يدها تحت الغطاء فإذا بها تقع على شيء لم تعرفه من قبل، سحبته إليها بقوة، كان طرفه بيدها والطرف الآخر في الجهة المقابلة من السرير.
وبينما هي كذلك، إذا به يدخل فجأة، مندفعاً، يلتف على قدمه اليسرى، ثم يصفعها على خدها، صارخاً بأعلى صوته، بدل أن تصرخ هي:
- " ماذا تفعلين يا مجنونة ؟!"
تأكد أنها لم تلمس شيئاً، فاستعاد هدوءه في ثوان، ثم أخرجها من حجرته، ودموعها تتدفق على وجنيتين صغيرتين،لم تكفكفها مصالحته لها، بعد خروجها، مكث لبضع دقائق،ثم ما لبث أن انطلق إلى خارج المنزل، وهي ترمقه بنظرة حزينة، وهو ينطلق إلى سيارة كانت هناك تنتظره خارج المنزل.
نادتها أمها بصوت مرتفع:
-"أين أنت يا شذى؟"
تسمعها ولم تجبها، رددت النداء ثلاث مرات، وفي كل مرة يرتفع الصوت أكثر من ذي قبل، ترد شذى بصوت تخنقه العبرة:
- " ماما أنا هنا “.
أعادتها والدتها إلى حجرتها، وألبستها ثم خرجت بها إلى والدها، الذي كان ينتظرهما عند الباب، وانطلقواجميعاً، وعند دخولهم المدينة، لمحت شذى أخاها في تلك السيارة التي كانت تنتظره عند بابهم، ولكنه في تلك اللحظة لوحده على مقود السيارة، لم يعد السائق الذي ينتظره بجواره، ومن شدة غضبها منه لم تخبر أحداً، ولم تلتفت إليه.
ازدحم الشارع بالسيارات، فظن الناس أن هناك حادث تصادم عطّل الطريق، لاح أمام ناظره كل من في الشارع،ما عدا سيارة والده، وانطلق بين الناس مستغلاً توقف السير، وهو يلتف ً بحزامه، ويده على خصره، وعلى إثر حركة منه، تغيرت معالم المكان، فلم يعد هناك أي شيء،حتى شذى لم ير منها إلا شذاها يعطر المكان.