أخذ نور الشمس المتصاعد يبدد رويدا رويدا زرقة فجر الحديقة الخلفية للفندق الريفي العتيق.
وضع النادل قطعة كروسان وكوب شاي على الطاولة التي أمام نزيل الفندق الوحيد الجالس في هذه الساعة المبكرة، في حديقة الفندق ، صفّ ثلاث وردات صفراء داخل مزهرية الخزف، وقال له بنبرة ودودة: أرجو أن تكون بخير. في الأثناء، كانت رائحة بقايا عطر هاربة تقترب منهما، ارتبك الرجل حين رأى امرأة تسير بخطى متعجلة باتجاههما، ألقت بجسدها على الكرسي المقابل، كاد كوب الشاي أن يسقط عندما اصطدمت قدمها الحافية بالطاولة، احتضنت أطراف عباءتها بأصابع مرتجفة ثم أسندت مرفقيها على حافة الطاولة، وضعت رأسها بين يديها.. من تحت شالها الأسود؛ انسدل شعرها الفضي على جبينها بلا انتظام.
همس في داخله، لعلها أخطأت العنوان!
:مرحبا يبدو أنني لست الوحيد الذي يصحو مبكرا! هل تبحثين عن شخص ما؟ قال لها مبتسما.
لم تجب!!
دفع بقطعة الكروسان أمامها، رشف الشاي ببطء وهو يتأمل وجهها، كانت ملامحها جميلة، لكنها شاحبة، بدت له أنها في الخمسين من عمرها.
أراد استفزاز قلبها، قال ملاطفا:
لا تهتمي يا عزيزتي بتقدم السن، العمر مجرد أرقام، أنا أيضا تجاوزت الخمسين، عفوا، أقصد الستين، لا، لا، ربما أكثر! أوه، يا إلهي، لقد نسيت! اللعنة على الذاكرة، أصبحَت كثيرا ما تخونني!
ملَّ صمتها الغريب، ركز اهتمامه على إزالة بقايا الأعشاب الصغيرة العالقة في ثوبه.
اقترب النادل من المرأة وقال لها بصوت خفيض: لقد وجدته نائما على العشب يا سيدتي. انتابه القلق عند سماع الكلمة، حاول أن ينهي كوب الشاي ويغادر المكان، لكن لم يعد يدري إلى أين يتجه!
تناولت يديه برفق وهي تنظر إلى عينيه، لم يتبين طبيعة نظرتها جيدا، لأنها كانت غائمة!