قَد تَجَـــلَّى بيننــــا صُبْــحٌ أَغَـــرْ
وانطوى غيمُ النوى والليــــلُ فَرْ
ليس في صدر التّداني ريبــــةٌ
نشوةُ العشّاق تنسينــــا الكَدَرْ
إنّهــــا روحُ المُنــى تَسْـــري بنــا
كيفمـــا شـــاءتْ لنــا شـاء القدرْ
في جناح الضوء معراجُ العُلى
في رَذاذ المسكِ قد طابَ السّمرْ
طَرْفُها الوضَّــاحُ يصْطاد الحشــا
قد تمـــادى في ضلوعي واستقرْ
تعزف الألحان من وهجِ الضحى
من أرِيــج الذَّوْقِ ينْسَـــلُّ الوتــرْ
تَنْفثُ الأورادَ في تغـــريدهـــــــا
كلُّ قلْبٍ لامس الصَّــوت استعـرْ
تَسْحرُ الأنظـــــار من إشراقهــــا
كلُّ طـــرفٍ شـاهد الحسنَ انبهرْ
تَسْكبُ الأقـــداحَ من كـرْمِ النّدى
فيهِ ذابَ الثــلْجُ والخمـرُ اعتصرْ
قال عنهـــا المتْنُ في سِفْرِ الشذا
ليس تُبْقي فيكَ طينــــــاً أو تذرْ
عانقتْنــي عنـــدما ســحَّ الهَــوى
في غــــرامٍ لا أرى منهُ مفــــرْ
حيثمــــا طــارت بنـــا أنفاسُنـــا
واستجاب الشَّوْقُ والسعدُ انهمرْ
إذْ غرقنــــا في محيـطٍ صــامتٍ
أشْعَـــل الوجــدانُ إكليــلَ الخبرْ
حينهـــــا قالت : تأمل مـابـدا
إنّهـــا الأنــــوار تهمـــي بالدررْ !
نخلعُ الأجســـاد في دَرْبِ النّقـــا
هاهنـــا ليست مقـــاماتُ البَشَــرْ
نَرشـــفُ الأفراح من نَبْعِ الصفا
من هُنـــا تجــري ينــابيعُ البُشَـرْ
عند أبوابُ السمــــا تشْدو الرؤى
ذاك مفتــــاح النُّهى. يسمو المَقَرْ
مُذْ رأيتُ الحُـــورَ في أفيـــــائِها
وانْبِجَــسَ السِّرِ في عمق الصّورْ
في ذهــــولٍ مُسْكِـــرٍ أهذي بهــا
تلك شمـــسٌ هائمٌ فيهــا القمـرْ
حينمـــــــا أذْكَتْ فـــؤادي رتَّلَتْ
ما غـوى القلب ولا زاغَ البَصَــــرْ