————
على قَدَرٍ شادتْ إلى المجد مرتقى -فما أخفقَ المسعى ولا خابتِ الرُّقَى
وقد صدقتْ فيها المقاديرُ وعدَها- فَعِزٌّ على حقٍ ونصرٌ على تُقَى
فصارَت وما في كوكبِ الأرضِ مثلُها -سعوديةً عُظمى تُوالَى وتُتَّقى
أدامَ عليها الله نُعماهُ فانتهتْ -ربيعًا على الأيامِ فَينانَ مُورِقا
تَرَى الفخرَ نخلًا في رُباها وكلما -تولَّتْه شمسٌ بالكراماتِ أغْدَقا
فإن شاقَهُ التهويمُ ألقى حِباله -على أيِّ أقمارِ النواحي فأشْرَقَا
يُسابق في أفلاكها النجمُ ظِلَّه -فيشهق ربان القوافي: ترفَّقَا
فبينكما دارَ المدى ألفَ دورةٍ -وكان لرُصَّادِ الأعاجيبِ مُلتقى
ولم يبقَ لي في الدربِ إلا أثارةٌ -لطيبٍ تَرَامى أو ضياءٍ تَدفَّقَا
فحاذَيتُ عَرَّابَ العُلا غير أنه -أصابتْه عدوى الكبرياءِ فَحلَّقَا
رأى واقعًا يستلهمُ الحُلمُ كُنهَهُ -وحُلمًا له في الصحوِ جندٌ فوثَّقَا
رأى عزمَها صقرًا على كلِ شاهِقٍ -حَبَتْهُ يدُ الصحراءِ وسمًا مُعتَّقا
وأعطته من إنسانِها الحرِّ رؤيةً -وزادتْ له عن منطقِ الطيرِ مَنطِقَا
إذا ما سها التاريخُ عنها هنيهة -تعدَّتْه فاستعدى وبارى وصفَّقَا
وجمَّع أجنادَ السُّرى كي تعينَه -وشدَّ سروجَ الصبحِ عزمًا لِيلحَقَا
فإن سارَ سلمانُ انطوى في ركابه -زمانٌ وقال الكونُ: سيرًا مُوفَّقَا
فما وقفَتْ في وجهِ حُلمٍ حقيقةٌ -ولا خانتِ الأحلامُ وعيًا مصدَّقَا
وجئتَ على قدرِ الخُطى يا محمَّدُ -وها كلُّ ما قد كان حُلمًا تحقَّقَا
وقد كنتَ أنتَ الحلمَ للواقعِ الذي -تجلَّى فطافَ الفجرُ دنياهُ واسْتَقَى
فمِن ومضةٍ شَقَّتْ سماءٌ أديمَها -ومن طيفِ رؤيا قلبُ قفرٍ تَفتَّقَا
وصار لنا أن نقطِع الحلم فسحة -ونمنح إذنا للخيالات مطلقا
ونقفو الأماني ثم نستكثر الرُّؤى -فموطنُنا يُعطي على الحلمِ مَوْثِقَا