(نشاز
انتهت المقطوعة الموسيقية صفق الجمهور بحرارة، وحده الناي ظل ينظر من ثقوبه راجيا أن يرحموا شجنه ويعيدوه لقبيلة القصب.)
ليس كل نص يلفت القارئ نتيجة للتكرار ونتيجة للاجترار خاصة في النص القصير جدا فهناك من يجتر وهناك يحاول نسخ الفكرة ولكن المبدع من له القدرة على اجتراح الجديد والقدرة على خلق نص متماسك من العنوان إلى النهاية والوسط والقفلة.
وبالتأمل في نص" نشاز" كم كان العنوان محترفا مختزلا لخطاب النص ومضمون رسالته ومرتبط بالموضوع وجزءا من مواصفات المشهد واللحظة "النشاز"
برمزية تتخفى وراءها وتشكو آلامها وتسبر أوجاعها بتوظيف الناي معادلا رمزيا لها.
المستوى المغاير للمستويات التي بجانبه وبحوله و" النشاز" " النغمة التي تخرج مغايرة لبقية الأصوات والألحان"
بحيث تكون تلك النغمة غير منسجمة مع سيرورة اللحن فتكون عبارة عن قطع خارج عن المقطوعة واللحن وتصمت له تلك الألحان فكان العنوان موفقا لأبعد حد جاء ليصف النغمة المغتربة والنشاز بين الكثرة هذا من الناحية المشهدية والسمعية أما من الناحية الرمزية فالناي رمز التفرد والجمال والاغتراب والحزن الروحي لذلك قيل" استمع إلى الناي كيف يبث آلام الحنين ويقول" مذ قطعت من الغاب وأنا أحن إلي أصلي" وقيل أيضا :" أتراك تستمع إلى أنين الناي وحنين اغترابه وهو يقول: منذ اقتطعت لم أنقطع عن النواح"
لذلك جاءت صورة التفرد والاغتراب والحزن والغرابة في قفلة النص"
وحده الناي ظل ينظر من ثقوبه راجيا أن يرحموا شجنه ويعيدوه لقبيلة القصب"
فكانت تلك الثقوب هي التي تتلفت هنا وهناك لتجد مخرجا للعودة وكانت تلك الثقوب ذلك النبض الذي يحن للجذر والأصل
يلاحظ المتلقي أن الزمان و المكان الذي جاءا مرتبطان بالشخصيات لاسيما والشخصيات يقدمان وهم اللحظة لتظهر رسالة الحقيقية من النص الاغتراب والحنين للوطن ويأتي الزمان والمكان مبهما صالحا للماضي والحاضر والمستقبل والشخصيات عبارة عن علامات تساعد في تنامي اللحظة الخاطفة للمشهد فالمكان" المسرح بلا تحديد ، الغابة التي هي قبيلة القصب"
الشخصيات" الجمهور . الناي . قبيلة القصب"
الحكائية جاءت في توالي الأحدث" انتهت المقطوعة، صفق الجمهور، الناي ينظر من الثقوب لعله يعود للجذر والأصل" والاستخدام غير المباشر للأحداث واللغة جعل من اللقطة والمشهد متتابعان ليصل بالقارئ أن اختلاف بين الموقفين هما حنين بالعودة.
ومن خلال ماسبق يمكن القول:
- جاء العنوان للنص والفكرة مناسبا حد التطابق المخاتل والرمزي فالتطابق أن "النشاز" نغمة تخرج مغايرة لبقية الألحان وكأن الناي رمز للذات المغتربة وللحزن وسط القلوب العتيقة فتحولت نغمة الناي لرمز لصوت الحلم وصوت الألم .
- استخدم القاص اللغة الرمزية بصورة عميقة حيث وظف قطع الناي من غابة القصب معادل رمزي لاغتراب الروح المبتعدة عن وطنها الذي تحن إليه سواء كان الوطن هو الوطن الكبير او البيت او العائلة.
- جاءت المفارقة بين موقفين ومشهدين الكثرة المتناغمة والتفرد المتنافر معها بوصف الوطن يجري من روح كل إنسان مجرى الدم.
- ارتبطت المفارقة بالنهاية الحنين إلى الوطن بنغمة حزينة ومختلفة.
- المجازية والرمزية طاغية في النص مما أفضى إلى كسر أفق المتلقي من جمالية اللغة وشعريتها.