وعلى ضفافِ النيلِ جاءَ خيالُها حوريةٌ ترسُو على الشطآنِ فمددتُ كفِّي كيْ أصافحَ كفَّها وأضمَّها بالشوقِ في أحضاني قالتْ: رويدَكَ إنني لا ظِلَّ لي فأنا خيالٌ فاضَ بالألوانِ لمَّا أذابَ الشوقُ مجرَى أدمُعي سافرتُ ولهَى ما عرفتُ مكاني قالتْ: أنا الأنثى التي غادرتَها وتركتَها حيرَى بلا عنوانِ ووعدتني أنِّي لشِعرِكَ قِبلةً وقصيدةً ملأى بكل بيانِ وبأنِّني كلُ النساءِ وأنَّني وحدي التي ملكَتْكَ ما مِنْ ثانِ ورسمتَ من حُلوِ الكلامِ ملامحي وعزفتَ لي الأشعارَ بالألحانِ فرقصتُ نشوَى لا فضاءَ يحُدُّني وليَ النجومُ وصائفٌ وغواني وسكبتُ من شهدي رُضاباً سائغاً فشربتَه عشقاً بدونِ توانِ ومضيتَ تحكي في القصائدِ قصَّتي وحكايةً تُروَى بكل زمانِ وقفتْ وماءُ النيلِ بلَّلَ طيفَها والموجُ يسحبُها إلى الذوبانِ ناديُتها: مهلاً فإنِّي لمْ أزلْ أشتاقُ أنْ أطفِي هنا نيراني إبقَيْ لعلَّ النيلَ يعرفُ أنِّني بالعشقِ مجنونٌ وأنتِ كياني أهدَوْهُ قبلَكِ ألفَ جاريةٍ وما عادتْ سِواكِ بزحمةِ الطوفانِ ما زلتِ نبعي يا بُنيَّةَ أحرُفي ومشاعري وكوامنَ التَّحنانِ أنا ما تركتُكِ بَيْدَ أنَّ رَوَاحِلي لبَّتْ نداءَ النيلِ مُذْ ناداني وجلستُ أبحرُ فيه دونَ قواربٍ فإذا به أمسَى بها رُبَّاني لمَّا أحَسَّ تنهُّدي وتأوُّهي أهمَى إليَّ بطيفِكِ الفتَّانِ فمكثتُ أرقبُه أحادِثُ ضوءَهُ وأهيمُ لا أدري عن الخِلَّانِ حوريَّتي لا حُلمَ لي إلاَّ بهِ طيفٌ وأنتِ به ملاذُ أمانِ حوريَّتي لا تجزعي فتلهُّفي مُتوقِّدٌ من جَذوةِ الوجدانِ والنيلُ يشهدُ أنني أخبرتُه عن حُبِّكِ المنسابِ في شرياني ووعدتُه آتيه يومًا آخراً ليراكَ قربي كانَ ذاكَ رهاني |