بانُوا فَبَانَ القِرَى والأُنسُ والسَّمَرُ
وغابَ من لَيلِنا النَّجْماتُ والقَمَرُ
أَسرَى الحنينُ بقلبي خَلفَ مَن رحَلَوا
فأينَ مَن شَيَّدُوا البُنْيَانَ ؛ ما الخَبَرُ؟!
بَكيتُ مِن حُرقَتي فَقداً فَوا أَسَفي
أَيعْلَمُ الصَّحبُ كم يَبكيهُمُ الأثَرُ؟
ناديتُ وا لَهفتي أَوَّاهُ وا حَزَني
نَزَفْتُ حتَّى نَمَا من حَوليَ الشَّجَرُ
غابُوا وأرواحُهُم في خافِقي سكنتْ
تاللَّهِ لم أَنْسَهُمْ مُذْ فَرَّقَ القَدرُ
ما زالَ بِيْ مِن شَذَا أنفاسِهِمْ عَبَقٌ
ما زالَ نَبضي لَهُمْ والسَّمعُ والبَصَرُ
تَحومُ أطيافُهُم حَولي فَتُؤنِسُني
والشَّوقُ يَكوي فؤادي كُلَّما ذُكِروا
عاثَ البِلَى في زَوايا دَارِهِمْ فَهَوَتْ
كأنَّها في خَريفِ العُمْرِ تَحتَضِرُ
يا وَحشَةِ الطَّلَلِ المَكلومِ بَعدَهُمُ!
أَزرَى بِهِ الدَّهرُ والأشواقُ والكَدَرُ
مُذْ خَيَّمَ الصَّمْتُ في أرجائهِ انْعزَلَتْ
ولَفَّها الصَّمْتُ والنِّسيانُ والحَذَرُ
ما عادَ لِلَّيلَةِ القَمْراءِ بَهجَتُها
ما عادَ للصُّبحِ والإشراقِ مُنتَظرُ
والعِيدُ ما عادَ في إقبالِهِ فَرَحٌ
فالدارُ ما قَدْرُها إنْ غَابَتِ البَشَرُ؟!