لِمَاذَا يُكْتَبُ الشِّعْرُ سُؤَالٌ هَيِّنٌ وَعْرُ
لِنَسْألْهُ ابْتِدَاءً فَهْوَ مَجْنُونٌ وَمُغْتَرُّ
وَلَوْ قُلْنَا بِغَيْرِ هَوَاهُ قَصَّرَ دُونَنَا الْعُذْرُ
تَهَيَّأَ لِلْجَوَابِ وَقَدْ غَشَاهُ التِّيهُ وَالْكِبْرُ
أَدَارَ عُيُونَهُ وَكَأَنَّمَا أَوْدَى بِهِ السُّكْرُ
وَرَاحَ يَقُولُ فَاسْتَوْحَى الْأَثِيرُ وَأَطْرَقَ السَّطْرُ
عَلَيَّ إِدَارَةُ الْإِحْسَاسِ حِينَ يَبُثُّهُ صَدْرُ
وَمَلءُ الرَّأْسِ أَخْيِلَةً فَلَا عَدٌّ وَلَا حَصْرُ
وَنَثْرُ الْأَحْرُفِ الصَّمّاءِ حَتَّى يُورِقَ الْحِبْرُ
فَأَنْهَلُ هَائِمًا حَتَّى يُرِيحَ دِلَاءَهُ الْبِئْرُ
تَهَاوِيمًا مُرَتَّلَةً يَلُمُّ شَتَاتَهَا سِفْرُ
وَأَفْكَارًا مُهَلْهَلَةً يُجّدِّفُ حَوْلَهَا الْفِكْرُ
تَمُوجُ عَلَى تَفَاوُتِهَا وَتَحْدُو الثَّيِّبَ الْبِكْرُ
تُشتِّتُها أَحَافِيرٌ وَيَنْبُتُ بَيْنَهَا جِسْرُ
وَأُسْتَفْتِي الْخَلِيلَ إِذَا طَغَى بِي غِيلَةً بَحْرُ
فَيَجْمَعُنِي تَفَاعِيلًا مَدَاهَا الشَّفْعُ وَالْوِتْرُ
وَأَشْجَانًا يُعَابِثُ ضَفَّتَيْهَا المَدُّ وَالْجَزْرُ
فَكَسْرٌ قَيْدَ جَبْرٍ ثُمَّ كَسْرٌ بَعْدَهُ جَبْرُ
إِلَى أَنْ أَسْتَوِي نَظْمًا كَأَنَّ حُرُوفَهُ الدُّرُّ
وَتَبْقَى آخِرُ اللَّمَسَاتِ حَيْثُ النُّورُ وَالْعِطْرُ
فَيَعْصِرُ قَلْبَهُ نَايٌ وَتَنْبَسِطُ الرُّبَى الْخُضْرُ
وأُشْرِعُ أَضْلُعِي لِلتِّيهِ حَيْثُ يُهَمْهِمُ السِّحْرُ
إِلَى أَنْ يُذْعِنَ التِّبْيَانُ أَنِّي وَجْهُهُ النَّضْرُ
عَلَيَّ جَمِيعُ مَا قَدْ قُلْتُهُ وَعَلَيْكُمُ النَّشْرُ
وَتِلْكَ الْ(كَيْفَ) تَفْصِيلًا لِمَنْ قَدْ هَالَهُ الْأَمْرُ
وَأَمَّا عَنْ (لِمَاذَا) فَهْيَ سِرٌ خَلْفَهُ سِرُّ
بِلَا سَبَبٍ أَجِيءُ كَغَيْمَةٍ يَرْنُو لَهَا قَفْرُ
وَيَقْضِي الْأَمْرُ أَنْ أَنْصَبَّ ثُمَّ يَسِيلُ بِي ثَغْرُ
كَأَنَّا قَدْ تَسَاءَلْنَا لِمَاذَا يَطْلِعُ الْفَجْرُ