في «مطالعات» الأستاذ العقاد رحمه الله ؛"عن الشعر ومزاياه" ؛يبسط الحديث في هذه القضية قائلاً:
«إنَّ القصيدة ينبغى أن تكون عملاً فنياً تاماً، يكمل فيها تصوير خاطر أو خواطر متجانسة، كما يكمل التمثال بأعضائه؛ والصورة بأجزائها؛ واللحن الموسيقى بأوزانه؛ بحيث لو اختلف الوضع؛ أو تغيرت النسبة؛ أخلّ ذلك بوحدة الصنعة وأفسدها.
فالشاعر المطبوع معانيه بناته، فهن من لحمه ودمه، وأما الشاعر المقلد فمعانيه ربيباته فهن غريبات عنه وإن دعاهن باسمه، وشعر هذا الشاعر كالوردة المصنوعة التي يبالغ الصانع في تنميقها ويصبغها أحسن صبغة ثم يرشها بعطر الورد، فيشم منها عبق الوردة، ويرى لها لونها ورواؤها، ولكنها عقيمة لا تنبت شجرًا ولا تخرج شهدًا، وتبقى بعد هذا الإتقان في المحاكاة زخرفًا باطلًا لا حياة فيه.
ألا وإن خير الشعر المطبوع ما ناجى العواطف على اختلافها، وبث الحياة في أجزاء النفس بأجمعها كشعر هذا الديوان»
ولقد ترامى إليَّ ذلك الشعور سواء بسواء ؛ حين أُتيح لي أن أطَّلع على بعض قصائد الشاعرة القديرة هند النزاري؛ خلال ما أثرت به ملتقيات الأدب هنا وهناك ؛وبدا لي أنَّها حين يوافيها الإلهام الشعري لايكون "خاليَ الوفاض "أبداً؛ ولايكون غريباً على أجوائها ؛ولامتطفلاً على ملكتها الشعرية الدفاقة؛فبينها وبين الشعر الرصين ؛قد تعاطفت الأرواح؛ وتآلفت المشارب؛عبر مسيرتها الإبداعية الطويلة.
ومما تمخضت عنه علاقتهما المتينة هذه القصيدة التي بين يديَّ الآن ؛المنضوية تحت عنوان.«إلى جارة الوادي».
ومن أول وهلة يتبادر إلينا -من وحي العنوان- أنَّ الشاعرة في توظيفها الحرف (إلى) ؛بصدد رسالة ما ؛توجهها إلى «جارة الوادي»؛ فما قصتها إذن مع جارة الوادي؟!ومن تكون جارة واديها هذي التي ألحَّتْ على مخيلتها؛ وشدَّتها إليها ؛ فلم تجد بُدَّاً من أن تصدع بالأمر لتبادرها من المطلع بقولها:
أَعِيدِي نُوَاحَ الأمسِ يا جَارَةَ الوادِي
فَصَبُّ بَني حَمدانَ في حَيِّنَا شَادِ!
وعلى الفور ستجد الشاعرة من يجبهها بقوله إنها استعارت تركيب: "جارة الوادي"؛من أمير الشعراء شوقي في قوله الذائع الصيت:
يا (جارة الوادي) طربتُ و عادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلتِ فى الذكرى هواك و فى الكرى
و الذكريات صدى السنين الحاكي
وأنها حين أومأت إلى (صبِّ بني حمدان)؛ إنما كانت تعني أبافراس الحمداني ذلك الشاعر المُفلق؛ الشجاع الأبي ؛-ولم يفتها -والحالة هذه- تردد لفظة "جارتا"في نصه الذائع الصيت؛على أنه هو ذاته سبق شوقياً في العزف على وتر (حسن الجوار) بقوله النابض بالحياة:
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي؟!
مَعاذَ الهَوى ماذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ
عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ؟!
أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالِي أُقاسِمكِ الهُمومَ تَعالِي.
ومن نافلة القول أنه لم يغب عن الشاعرة أيضاً ؛نداء امرىء القيس في قوله:
أجارتنا إنَّ الخطوب تنوب
وإني مقيمٌ ماأقام عسيب
أجارتنا إنَّا غريبان هاهنا
وكلُّ غريبٍ للغريب نسيب
فإن تصلينا فالقرابةُ بيننا
وإن تصرمينا فالغريبُ غريب
أجارتنا مافات ليس يؤؤب
وما هو آت في الزمان قريبُ!
وأقول لاغضاضة على الشاعرة في هذا الاستخدام الفني الموحي ؛ولها فضل التوشية ؛إذ اتجهت بالتركيب الموروث وجهتها الفنية المستقلة؛وعيَّنت الجارة المقصودة تعيينا عصرياً ملائماً للتجربة؛ ومطابقاً لواقعها ؛بواسطة الرمز والتلميح؛ لاالتصريح!
إنَّ سماءً واحدةً؛وأرضاً مشتركة؛ربطتها بجارة واديها على هذا النحومن التجانس الودي ؛لتؤكد أنه من المستحيل أن يتولد بعد ذلك جفاء؛ أو مراء ؛أو أنانية أوماشابه ذلك من خصومات ؛وإنها أيضاً ليست بالبكماء ؛بل إنها تفهم عنها لغتها ونوازعها النفسية ؛وتدرك منها مباشرة مرامي التعبير وطرائقه؛لاسيما وقد تبينتْ لديها قبل ذلك طبيعة الشاعرة ؛وبعض أسرارها وخصوصياتها ولذلك طاب للشاعرة أن تشفَّ معها في التعبير بالعتاب ؛طالبةً إليها غضَّ الطرف؛وإلتماس الصفح إزاء مايبدر منهامن ملامٍ تصبُّه عليها لاشعورياً ربما ؛وعليها عندئذٍ أن تهدهد غضبها ؛وأنْ تُجاريها مجاراة ودِّيةً لاخبث فيها ولاالتواء؛ فيما لو عصفت بمنطادها الريح ؛وذلك عندما يبلغ بها الغضب مبلغه الحاد
ومن العتاب تقيم الشاعرة حواراً بينها وبين جارتها ؛تبثُّ فيه بعض قراراتها السابقة المتعلقة بها ؛وذلك ابتداء من مرحلة "تركها الأرض غريبة" ؛وانسياقها في رحلة التهويم "مِن نَادٍ ظَعينٍ إلى نَادِ"؛
هنالك وفي خضمِّ هذه الشجون المتتابعة التي ألمَّت بها ؛ لم تكن سوى جارة واديها مؤنستها والملاطفة لها ؛عندما "أُسقط في يدها"؛ورأتْ مالم يدر في حُسبانها أن تراه من صور ؛أثارت غيرتها أوقلقها وقتذاك ؛ففاضت بلواعجها على ماسنرى في هذا المقطع التصويري الجيَّاش :
ولِي عَتَبٌ يا حٌلْوَةَ الشَّدْوِ فَاقْبَلي
مَلامِي وجَارِيني إذا ازْوَرَّ مُنطادِي
فإني تَرَكْتُ الأرضَ تَحتِي غَرِيبةً
وهَوَّمْتُ مِن نَادٍ ظَعينٍ إلى نَادِ
وأنتِ التي آنَسْتِهِ حِينما شَدَا
لِغَيْرِي وغَنَّى الحُبَّ مَن زَادُهَا زَادِي
وقَاسَمْتِهِ الأشْجَانَ وارْتَحْتِ قُربَهُ
وأعْرَضْتِ لمَّا حَانَ في البَوْحِ مِيعَادِي
فَمِنْ أجْلِ تَاءٍ تَقسِمُ الكأسَ بَينَنَا
تَعَالَي لِيحْكِي هَمَّهُ الخَافِيَ البَادِي؟!
وإذا كانت الجارة عند الشعراء السابقين ؛لاتعدو أن تكون رمزاً لطائر الحمام المعروف؛أوالقماري؛يطرزون به مقطوعاتهم على سبيل المواساة ؛أو التسرية عن النفس ؛فإنها عند شاعرتنا اتخذت أصباغاً زاهية برَّاقة؛وأنماطاً لغوية ثرية توفرتْ لها؛فاستطاعت أن ترسم للمتلقي لوحة إبداعية تشيع فيها روح المواءمة؛ ولطافة البوح ؛وحلاوة الإفصاح؛وتعزز إلى جانب ذلك متانة العلاقة الحميمية القائمة بينها وبين جارة واديها؛ومايشهد محيط العلاقة من خلافات؛ ونزاعات؛وما إلى ذلك .
فهي-ووفقاً لما يمليه النص -أي جارة الوادي- امتازت بالعديد من الخصائص والمقومات الفريدة ؛ترجمتها الشاعرة واصفة إياها: بأنها الحرُّة الطليقة في فضاءات الله؛تطير كيفما تشاء بمحاذاة الغواياتِ؛ترمقها ؛ولاتقع في أوحالها ؛وإليها يبثُّ الشاكي أحزانه ومواجده؛وعلى عاتقها يقع عبء نقل رسائل المحبين ؛على مرِّ السنين ؛وبهديلها الناعم الآسر يستغني مرضى الغرام ؛والمتعبون في الأرض عن المصحَّات؛وتشدُّد الأطباء؛ بما في ذلك الزوَّار جميعاً ؛كما في (كلّ آسٍ وعوَّاد).
بعد تلك النعوت الاستثنائية الفريدة التي خلعتها على جارة واديها ؛تبدأ شاعرتنا في شحذ انتباهها؛وانتباه المتلقين إلى "صاحبها الهيمان في سجن صبره"؛كما لو أنها تستدرُّ عطفها عليه وإشفاقها تجاهه ؛مشيرة في هذا السياق إلى صُحبته الطويلة الانفرادية للأشواق القلبية التي تنيخ ببابه ولايمكنه الانفصال عليها ؛ولاعن عذاباتها المتغلغلةبين جوانحه؛ وعكوفه على أشجانه الدامية يرسلها في الآفاق من حوله ؛متخذاً من شجرة اللغة الباسقة مستقرَّاً لايبرحه ؛ومن ارتشافه من ينابيعها الثرَّة ؛واقتياته من قطوفها اليانعة مصدر حياة وخصوبة ونماء ..
فهو نتيجة مغادرة الجارة له؛وتركه وحيداً لايلوي على شيء ؛يعيش طقساً قاحلاً خاوياً ؛ممثَّلاً في نافذة داره المطلة على أجواء الفراغ والركود ؛ومزماره المعطل على طاولته ؛ المستغرق مثله في دوائر العطش مما لحق به من إهمال ..
وفي استرسال الشاعرة في تصويرها هذا المغني الأسطوري ؛وفنائها فيه؛مدعاة لتساؤل الجارة :ماسرُّ هذا الولع العجيب؟!
وقبل أن تبدي الجارة سؤالها؛عن طبيعة هذه المحبة الأسطورية؛تبادر الشاعرة بتوضيح نوعية الولع المهيمن عليها ؛دحضاً للمزاعم والظنون الخاطئة ؛مستعينة في ذلك بلغة النفي ؛على هذا النحو :
(ولم يَذكرِ اسْمي في أغانيهِ إنّما
أعلِّمُ نفسي الغوصَ في بَحرهِ الهَادِي)
(وشَكواهُ ذِكرى من فُؤادي تَناسَلَتْ
هُيامًا له فيما مضى بعضُ أمجادِ)
تنفي الشاعرة ورود اسمها في أغانيه؛دفعاً للالتباسات؛ وتثبتُ أن سرَّ هيامها واستغراقها هذا يكمن في محاولة تعليم نفسها كيفية مسايرته في بحره الفني الرائق الهادي؛فهي لاتكتفي بالنزر اليسير من درر هذا البحر؛بل تطمح إلى ماهو أبعد ذلك وهو الغوص التام في بحاره الهادئة ؛ثمَّ إنَّ مضامين شكواه في أنَّاته التي يرسلها كلما جنَّ عليه الليل ؛واستبدتْ به الوحدة بأشباحها الغازية؛بالنسبة لها ذكرى عزيزة التصقتْ بفؤادها المترع بالهيام له؛وهو هيامٌ له كينونته الخاصَّة؛وذو رحمٍ ماسَّة ببعض أمجادها القديمة!
-بعض الظواهر الفنيَّة:
بإعادة النظر كرَّة أخرى إلى أبعاد النص -وهي متعددة ومتنوعة ؛وتحتاج لوقفة أطول وأرحب فضاءً- ؛أركِّزُ هنا فقط على بروز بعدين بارزين ؛ متناظرين "متقابلين" ؛هما :بعدا:
الخطاب ؛والتكلم .
ويلاحظ عنصر الخطاب من المطلع "أعيدي"
ويتوالى ذلك صريحاً ومضمراً على سبيل المثال: (وأنت تحاذين؛تنوبين؛تروين؛تكفين؛تمضين؛صاحبك؛
و(مذ غادرته ؛فلاتنبشي؛قاسمتِ؛ارتحتِ؛ أعرضتِ )الخ
وفي الآن نفسه تجلى صوت الشاعرة واضحاً جلياً بل ومدويَّاً كما في هذا العزف الباهر الشجي القائم على العنصر الذاتي في ضمير (ياء المتكلم)؛و(تاء الفاعل):
وإني على ما بي (توشَّحتُ غُربتي)
وأمّلتُ نفسي ثم (أرسلتُ أورَادي)
(وسَاومتُ غاياتي) لتحدُو (وَسِيلتي)
(وثَبتُّ )في أرضِ الغِوايات (أوْتادي)
(يقسِّمُني )لحنٌ (ويجمعُني) صدًى
وما ثَمَّ من يعنيهِ (جَمْعي) و(إفْرَادي)
فلا تَنْبِشي للصِّدقِ قَبرًا فإنَّنا
نَعيشُ على أوْهَامِنَا مُنذُ آمَادِ
تُكَرِّرُنا الأيامُ إذ ما تَواتَرَتْ
على قَلْبِ مَسْجُونٍ يُغَنِّي لِأصفَادِ!
ويلاحظ هنا ألواناً من الصور المونقة؛معتمدة على فنِّ التشخيص والتجسيم؛أجمل الحديث عنها إجمالاً:
-جعلتْ الغربة وشاحاً لها؛ودارتْ بينها وبين الغوايات -أياكان نوعها- مساومات "مواجهات جدلية" ؛أخضعتها الشاعرة لتكون حاديةً وسيلتها في الحياة ؛فكأنها أبصرت الغاية -"المجهولة بطبيعة الحال"- التي تطمح في الوصول إليها قبل الإقدام على تحديد الوسيلة الممكنة؛ رأتها؛وقاست مسافاتها؛ وعرفت أسرارهاالكامنة؛ ومخاطرها المحتملة ؛وتراءت أوتادها المثبتة الناطقة بزكانتها؛ ووعيها؛ وقدرتها كالأعلام في أرض الغوايات؛لاتخطئها العين.
وهناك لحنٌ شجي يصافح مسمعيها؛ يؤثر في كيانها ؛فيشطرها أجزاء -دلالة على الانتشاء المتمثل في حشد طاقتها الكليةباتجاه النغم ومصدره-؛ثم سرعان مايعيدها "صدى مرنان" إلى استجماع ماتبعثر من انفعالها النفسي؛وهتافها الوجداني .
وفجأة وهي في خضم حديثها الذاتي تبرز هذه الالتفاتة المقصودة التي تنبىء عن عمق درايتها بالحدث وتفاصيله ؛وسلامة تفكيرها من الشطط أوالزلل ؛ساقتها في لون يميل إلى السخرية قليلاً ؛من خلال تجسيد حيثية الصدق -وهو معنوي- ؛وتشبيهه بجثة ميت-وهو حسي- ؛بقولها :
فلا تَنْبِشي للصِّدقِ قَبرًا فإنَّنا
نَعيشُ على أوْهَامِنَا مُنذُ آمَادِ
تُكَرِّرُنا الأيامُ إذ ما تَواتَرَتْ
على قَلْبِ مَسْجُونٍ يُغَنِّي لِأصفَادِ!
وفي البيتين برز ضمير(نا)المتكلمين؛ للدلالة على العموم ؛ وبدا عنصر الالتفات عند الشاعرة-أي الانتقال من ضمير المخاطبة؛ إلى جماعة المتكلمين في قولها"إننا"؛ناصعاً ساطعاً ؛وهي بإشارتها الدقيقة هذه تضعنا أمام حقيقة مؤسفة؛مفادها ؛أنَّ الصدق هذا الخلق النبيل أو حتى مايسمَّى بالصدق الفني على مستوى الإبداعات ؛بات في واقعنا التجاري المُتخم بالأوزار ؛أندر من الكبريت الأحمر كما يقال ؛وهذا الافتقار الموجع للصدق؛ أفضى بنا إلى التردي في غياهب الأوهام ؛ومزالق العماية والتيه..
إلى جانب هذا العيش الوهمي ؛وجدنا أنفسنا مستلسمين لطاحونة الأيام؛في دورتها المكررة ؛وتعاقبها المهلك؛شأننا شأنُ الراسف في قيده؛القابع في زنزانته ؛تتساوى عنده الأيام في رتابتها؛ومامن حيلة يواجه بها هذا التمزُّق الداخلي الذي يفتك به ؛يوماً بعد يوم ؛ سوى قطع الأوقات المريرة بشيء من الغناء تنفيساً عن اضطرابات مشاعره السوداء المضطرمة في أعماقة؛وعن لواعجه الحبيسة في جسده المتهالك.
ويبدو للمتأمل أن الشاعرة هنا ؛وجدت نفسها أمام مواجهة يمكن أن توصف بالناريَّة؛ فرضتْ عليها أن تكشف النقاب عن بعض الجوانب القاتمة التي اصطدمت بها؛
إنها تخوض قضيةً أقرب إلى أن تكون (افتئاتاً واستبداداً) على طبيعتها ومنهجها الحيوي ؛ قضية تباينتْ فيها وجهات النظر تبايناً حادَّاً؛ فترتب على ذلك أن انهالت عليها التأويلات السقيمة كاللهب المتطاير ؛بهدف قص أجنحتها؛ووأد طموحاتها ؛ لذلك جاءت البراهين مكثفةً جداً؛واتسمت بعلو النبرة ؛
كما تلألأت في القصيدة النزعة "الذاتية" على نحو لافت ؛على سبيل "البيان والتبيين"؛ في مقام إماطة الأذى؛ والترفع عن السفاسف ؛وانصاعت لها وسائل التعبير اللغوي ؛انصياعاً انسيابياً.
تأكيداً منها على النزاهة الشاملة التي تتمتع بها وتأتلف معها؛وعلى المصداقية التي جعلتها لباساً لها في كلِّ اتجاه تنويري تسعى إليه؛لتقيم في أرضه ؛وتحت سمائه.
وباختصار(وفقاً للمتعارف عليه):-
قصيدة وجدانية محكمة النسج؛ جزلة الألفاظ ؛بعيدة الأغوار ؛عميقة الدلالات ؛مترعة بالشحنات الانفعالية؛أخذت نصيبها الوافر من الأسلوبين الإنشائي والخبري؛ وفيها إيماءات ذكية ساخرة لاذعة؛ حسب مقتضيات الموقف ؛فوق ما اتسمت به من "غضبة هندية" سرى بريقها في النص بأسْره..
-نهاية المطاف:
وبعد :فهذه دندنةٌ اجتهادية؛ لاأزعم أنها أحاطتْ بعناصرالنص الفنية الأخاذة؛ إحاطة السوار بالمعصم ؛وحسبي أنني حشدت طاقتي لمحاولة السير على درب القراءة التحليلية؛
وذلك جهد المقل ..
مع عاطر التحايا والتقدير لشاعرتنا القديرة "قيثارة المدينة"؛ وأهنئها من الأعماق على شاعريتها المرهفة و قلمها السيال؛ ولغتها المشرقة المدهشة؛واستقصائها العجيب لتجاربها المتميزة في عالم الإبداع الشعري.