تنهكنا أحياناً بوتقة الحياة، وهي تغتصب منا الأفكار والكلمات، أثناء الحديث أو الكتابة، والتي تسطر لنا معالم معلقة كخارطة خولاء، نصفها يتمتم، والآخر فارغ ينم عن فكر قاحل لايميز رائحة الحقائق والآراء التي تنبثق من الفكر الإنساني، فـلماذا هذا ياترى...؟!
لماذا تبقى الأوراق مجرد قراطيس مكومة عالقة بين حبر ناشف وفكر مثقوب لانملك من المعلومات إلا عناوينها، وربما أن عناوينها أيضاً تعبرنا دون انتباه أو أهمية .
فمع هذا الصخب الذي ملأ الدنيا، تحتاج البشرية إلى الارتواء الفكري من شتى الجوانب المعلوماتية؛ ليسهل التجاوب مع الحياة المعاصرة، ويمثل فيها وجوده وتعامله، برقي ، اتزان ومعرفة يبني فيها نفسه ، وفكره ، جيله ، وعائلته الصغيرة بمداد معرفي راقٍ، يستطيع أيضاً أن يتحدث، وماذا يقول؟ إلى أين يتجه؟ مع من يتعامل؟ كيف يتعامل؟ ومن يرافق؟
فـ بهذا الارتواء الفكري يستطيع أن يقيم نفسه كفكر؛ لأنه يستظل بالمعلومات والمعارف التي استطاع بها أن يميز رائحة الورق المليء بالموضوعات التي تهمه وتعنيه، في حين آخر ترى الحياة بمنظار مختلف، تبني فيها عالمك القادم .
علينا كذلك ألاّ نكون في موقف نجيب محفوظ والذي سطر لنا قاعدة حياتية مهمة عندما قال : "إن أكبر هزيمة في حياتي هي حرماني من متعة القراءة بعد ضعف نظري".
فالقراءة تقوي علاقتنا باللغة العربية، ونعرف من خلالها مكامنها وروائعها ومداخلها النفيسة .
وجدنا رؤية قوية لدى أحمد صبري غباشي في قوله:لا شيء يوطّد علاقتي باللغة مثل قراءة القرآن .
كلام حقيقي وصحيح يجعلنا في دوامة مع مراجعة الذات، التي ربما أن تقاعسها عن القراءة يجعلها بعمر فكر لايتعدى القرن الأول من الميلاد .
عزيزي القارئ علينا أن نرتدي شعارات الجمال دائما بقولنا: "أحب الكتاب" لا لأنّني زاهد في الحياة، ولكن لأنّ حياة واحدة لا تكفيني.
بالقراءة نُحلق ، نُسافر ، نتسع ، نستمتع ، نستزيد ، وكأن بساتين الحياة زُرعت في عقلنا، وفي نهاية السطر قبل النقطة أستطيع أن أقول كلمة مهمة:الكتاب هو النور الذي يرشد إلى الحضارة.