ما بَـالُ صَـبْرٍ إِِذا سـايَرتُـهُ يَـئِـسا
والدُّنيا عَنْ غايَتي قَد جَنَّدَتَ حَرَساً
القَلـبُ مِمَّـا أُعانـي باكِـياً أَسَـفـاً
الحُزنُ في جَوفِهِ مِخْلَباً غَرَسـا
فَلَو تَبَدَّلْتُ صَخْراً عَنْهُ مِنْ وَجَـعٍ
لَفاضَ للنَّـاسِ بِالمَكْنونِ وانْبَجَسا
يا عَينُ جُودي بِمَا تُخْفينَ في مُقَلٍ
فَزَورَقُ الهَمِّ ما بَينَ الضُّلوعِ رَسَى
فَمَـنْ قَـلاهُ مَـنـامٌ واسْـتَـبَـدَّ بِــهِ
لَيلٌ وَفي لُجَّةِ الأَحزانِ قَد حُبِسا
لا تَمْنَعيهِ عَنِ التَّخفيفِ وانْهَمِري
ما ذَنْبُهُ إِنْ بَكَىٰ مِنْ حَرِّ ما لِمَسا؟
جُرحي عَميقٌ وَحَظِّي مِنْ رَداءَتِهِ
قَبْلَ التَّباشيرِ يَأْتي مُمْطِـراً نَحَسا
لا تَحبِسي دَمعَةً صَمتي يَبوحُ بِها
وَلَم يَخَفْ لائِماً أَو يَتَّقي عَـسَسا
فَكَمْ سُرورٍ عَلَى ثَغْرٍ الصَّباحِ بَدا
أَلقَاهُ في غَفْـلِـةٍ فَرحَتي اخْتَلَسا
فَكُلَّ شَكْوَى مِنَ الخُذلانِ تَمنَعُها
كَرامَـةٌ إنَّـما أَصبَـحـتُ مُبْتَـئِـسا
مَعارِكٌ داخِلـي والفِكْـرُ يَسْأَلُـنـي
هَلْ يَنْزَعُ العَهدَ مَنْ أَثوابِهِ لَبِسا؟
مـا كانَ يَأْسٌ طَوانـي إِنِّمـا نَـدَمٌ
فَطَعنَتي قَبْلَها ما كُنْتُ مُحتَرِسا
فَكَمْ قُصـورٍ لَها الإِخلاصُ أَعمِدَةٌ
شَيَّدتُ مِتَّخِـذَاً في مَبْدَأْي أُسُسا
إِنَّ الصَّديقَ بِوَقْتِ الضِّيقِ مُتَّكَـأً
وَإِنَّهُ الذُّخْرَ مَهْما الحَظُّ لي عَبَسا
لَكِنْ تَجَلَّتْ لِعَيني الشَّمسُ فانْكَشَفَتْ
حَقـائِقٌ حينَما ضِدِّي الزَّمانُ قَسَى
فَمَنْ ظَنَنْتُ بِهِمْ في حاجَتي سَنَداً
هُمْ بِالجُحودِ سَقَوني عَلقَماً وَأَسَى
تِلْكَ المَباني تَهـاوَتْ مِثْلَما فَعَلَتْ
أَوهامُ أَمسٍ تُمَنِّي مُفْلِساً بِعَسَىٰ
هَذا زَمانٌ بِهِ الأَصحابُ مِنْ وَرَقٍ
يا مَنْ نَفَختَ رَمـاداً راجياً قَبَسـا