يَوماً هُـنْا تَسْتَرجعينَ حِكايَتـي
وَسَتُغرِقينَ بَأَدمُعٍ هَـذا الكِتابْ
وَسَتَـعـلَـمـينَ بِـأَنَّ حُـبِّـيَ واقِـعٌ
لَمْ تُخْفِهِ حُجُبٌ يُرادِفُها السَّحابْ
وَبِـأَنَّ مَـنْ أَغْـراكِ زَيـفُ بَـريـقِـهِ
وَهَمٌ وَعِشقُ الواهِمينَ كَمَا السَّرابْ
لَولا غَـبـائي مـا تَوَسَّـدَ أَضْلـعـي
قَلبٌ يُحَرِّقـهُ اقْتِرابُكِ والغِيابْ
فَبِعُمْقِ حُبُِّكِ في فُؤَادي كانَ لي
أَضعافَهُ وَجَعاً إِلَى يَومِ الحِسابْ
وَبِحَجْمِ هَذا الكَونُ كُنْتِ سَعادَةً
وَبِحَجْمِهِ كُنْتِ المَـرارَةَ والعَذابْ
هَلْ تَعلمينَ لِمَ اخْتَنَقْتُ بِغُصَّتي
أَخْشَى سُؤَاليَ أَنْ يُدَنِّسُهُ الجَوابْ؟
وَرَضيتُ أَحيا في عَذابِكِ صامِتاً
صَونَاً وَخَيفَـةَ أَنْ يُمَزِّقُنا العِتابْ
فَغَداً سَتُلهِبُ نَبْضَ قَلبِكِ أَحرُفي
وَيَذوبُ حَتْماً مِثْلَ قَلبي حينَ ذابْ
إِنِّي رَحَلْتُ وَفي الضُّلوعِ شَرارَةٌ
ذَكَّـتْهُ نِيراناً لِيَخْـنُـقُنـي انْتِحابْ
إنِّي رَحَلْتُ وَفي العُيونِ سَحابَةٌ
جَفَّتْ أَسَىً والقَلبُ يَطلُبُها انْسِكابْ
وَدَّعتَ أَحلامي وعَهدَ سَعادَتـي
وَمَشِاعِراً ذَبُلَتْ بِأَيَّـامِ الشَّـبـابْ
فَتَرَكْتُ أَرضَكِ بَعدَما بَلَغَ المَدَى
صَوتي وَمَلَّ صَبابَتي سَمْعُ التَّرابْ
وَمَضَـيتُ أَستَبِقُ الدَّقائِقَ هارِباً
مِنِّي إِلَيَّ وأَنْتِ ذَنْبي والعِـقـابْ
فَإِذا عَلـيكِ الليـلُ جَـنَّ بِوَحشَـةٍ
نُوحي عَلَى قَمَـرٍ تَكَفَّـنَ بِالعَذابْ