مر على الناس حر شديد في تلك السنة ومن شدته كانوا يتخففون منه برش الماء في مداخل البيوت ويبللون أرديتهم بالماء ترطيباً لأجسامهم وحفاظا على أبدانهم من ضرر الحر وشدته.
وممن مرت عليه تلك السنة طاهر الذي كان يسكن في قرية ريفية وفي بيت صغير يضمه هو وأسرته المكونة من زوجة وابنه وابنته وحولهم بعض الحيوانات المستأنسة من بقر وغنم و خراف ودجاج والتي لم تعش طويلاً ، فقد مات معظمها من شدة الحر وقلة المرعى وشحِّ الطعام والماء المقدم لها.
وبدأت تظهر على جسم طاهر حبَّاتٌ حمراء ( حساسية جلدية ) أو طفح جلدي ... ولكنه لم يعر ذلك بالاً فلم يهتم بها ولم ينشغل بنفسه ... لأنه كان مشغولاً بأسرته وحيواناته الأليفة ، حيث كان يحرث الأرض ويجتهد فيها ليبيع محصولها وينفقه على أسرته وحيواناته ، فكان مع كل صباح يرتب أمر بيته وحيواناته ... ثم يخرج في طلب الرزق.
ويوماً بعد يوم تكبر هذه الحبات حتى أصبحت على شكل دوائر حمراء كبيرة ولكنه ظل يقاوم الألم والمرض حتى بدأت الحمى تنتابه بالليل وتزيد عليه يوماً بعد آخر ... !!
وفي أحد الأيام حيث كان الجو شديد الحر ومع ازدياد حرارة جسم طاهر الذي تكالبتْ عليه حرارة الجو وحرارة الحمى ... ولم يكن هناك مشافي، فاستدعت له زوجته طبيباً شعبياً فوصف له علاجاً من الأعشاب..
ومما زاد الطين بلة أن تقرحت الحبات الحمراء وازدادت حالته سوءاً!!
ودخل بعدها في حالة من الهذيان وعدم الوعي بما حوله ...
وبدأت أنفاسه تخرج بصعوبة وبدا وكأنه يصارع الموت ، فتجمع حوله عائلته وأخذوا في البكاء أسفا على حالته ، وما آل إليه ...وما هي إلا لحظات حتى شهق طاهر شهقة قوية لفظ على إثرها أنفاسه الأخيرة والتي كانت شهقة الموت.!!