
هي العودة للوراء واحياء ذاكرة الجهل والانكفاء على الذات والهروب للقروية النفسيّة والهجرة الروحية وكأن المدنية قد باتت ” الغول ” الذي يهدد عيش أولئك البسطاء الذي وضعوا أنفسهم في هذه العزلة الفكرية .. وحين تفتّش في صفحات مراحلهم تجدهم يحتفظون بقناعات مغلوطة ترسّخت عبر الزمن حتى باتت حقيقة لا يراها إلا هم .. كرّستها نفوسهم المستلهمة لكل هذا الفكر الرجعي ..كما يحتفظون بذاكرة الحكاية القديمة فتجد إن القصص التي تروى عليك قد سمعتها للمرة المليون وأنت في ذات الوقت مضطراً لسماعها وتكرار ذات الابتسامة الصفراء والتفاعل معها وكأنك للتو تسمعها .. !!
هكذا هي شخصية ” الكهولية ” العابثة التي يحاول البعض تقمصها وفرض وصائيتها على مجتمعها البسيط .. لا لشيء سوى إنها شخصية شعرت ولو لوهلة بأن قطار التجديد قد فاتها وانحسر ضوء تأثيرها عند عتبات التقدم – كما تعتقد – وإن تلبّس مثل هذه الشخصية تحديداً قد يكون ملاذاً في الحفاظ على أقل تقديــر على ما تبقى من ضوء ِشخصية هي في واقعها هشّة ترى في تمريـر مقطعاً يحقق لها الانتصارات الوهمية الواهمة في عالم الحياة المتسارع مع الإبقاء على ظلامية العزلة القاتمة والصورة الذهنية التي لا تسمح لنفسها الخروج ولو لبرهة من أطار اللوحة الصامتة ..!