يا غريبة على رِسلكِ سيري كالأفلاك في المدار
لنكنّ يوم تكونين يا لغة الضاد !
رويدك فوقع خُطاك جُرحٌ بالصميم ، يامن كشفت عن ساقيها وتمشي بالنبض الهوين الهوين ، على صرحٍ ممرّد بنزف الوتين ، وبساط الريح معسجدبقرارٍ مكين ، وكف يلمم هزائمٌ تداعت على طورِ سنين .. عينٌ تُعاتب بصمتٍ وفي البوح واقع عظيم ، فالنطق في حرم جمالك هلاكٌ وتأبين ، يناجيإنكسار أهدابك لالا تُنادين ، بربّك رِفقاً فبلقيس قبلك لم تستبين ، حسبته لُجة وهو من قوارير شفيف ، علامَ شموخك وأنت بحبرٍ كباقِ البشر تكتبين ،يا ليلكية أهذه شمسك مشرقة ؟!
حين تصبحين وفي الغروب لقلوب البشر تأسرين ، أم أنه تمر حنّاء به تتخضبين ، وبسحر هاروت وماروت تُنجمين .. !!!!!
يا زهرة الأوركيد لِمَ أجدني أسير خلفك كالضرير مكبّل الأيدي أسير ..أجمع المتناقضات والأضداد بكل يسر ولين ، وأرفض وضوح الأمر ؛ تمرداً و هوجليٌّ أكيد ..
قالت :
حسبُك فثورة الشك تجلياتك حتى اليقين ، وأوهامك تخمين تشابه أطوار تخليق الجنين ، ولا تسلني فنحن عوالم جين ، لنجمات و شُهب تسير ثم تسير، نسبح في فضاء ملكوت السماء وهو جِدُّ فسيح ، وهب أنك بأبلجٌ وأدلج قد توشح باللُجين ، ولا بأس عليك ولا تُراع .. حين تُمايز بينها و تُمير فها قدأتاكِ غيمٌ وتيمٌ وليلٌ و سيلٌ يهيم ثم يسطع سناهُ بالجبين !!!!
أنا ياسيدي بارقةٌ مُترفةٌ فارهةٌ مُفوهة أُوقدتُ مصباحي مجبرة من دموع العاشقين ، فأشعلتهُ عنوةٌ من غياهب دمعي مُتيقّنة أن لي في الفرح حظ أنثىوفي الحزن لي مثل حظ الأنثيين ، فسال حرفي قبل حبري سلاسل سجين ، ممزوجاً بدمعي كسلسبيلٍ عن الشمالِ وعن اليمينِ ، وتسيدتُ تكويني بأمرربي لأكن من الشاكرين ، فأنا الفريدة بحالي ودمعي وحرفي الذي أختال به وأباهي أنساق طبائع الثقلين ، حين إمتشاق قلمي ركوعاً وسجوداً في كلصومعة بُنيت في وسط الشرايين ، أعزف نغماً راقياً في وجدان الملايين ، لا يفقهه إلا ذو لُبٍ وكل رزين ، كيفاً وكمّاً إيماءً وجلجلةً بالأنين ، فقد روضتهلأسير وآثقة الخطى بشموخ ملكات السخاء ضمناً وفناً إذا تهافت الرنين ، إن كان لهجاً بتسابيح عموم المصلين ، أو نضحاً بالندى مع هبوب النسيم ،وقت يطيب السهر وتعلو ضحكات السامرين ، وتكتحل العيون بجماله حين احتفال الزهور ورقص الفراشات طرباً حول مصباحي الأشم وكنزي الثمين، في بلاط جُلّاسي الطاهرين ، أولئك كوكبة من أجمل القارئاتٍ وأروع القارئين ، سعداء بفخامة مصدر التكوين ، يقولون :
على رسلك وسيري كالأفلاك في المدار !
لنكن يوم تكونين يا لغة الضاد .
شُرفة :
إنّ الّذي ملأ اللغات محاسنًا
جعلَ الجمالَ وسرّه في الضّاد
-أحمد شوقي -