وإذا كانت الحياة الذكريات فإن من أجمل وأفضل وأفيد وأنفع ذكرياتي مع القرآن الكريم منذ الطفولة وإلى اللحظة فلقد أبصرت والدي رحمه الله وأنا طفل في مرابع النشاة بقريتنا الأولى في صدور الجبال الشرقية لصامطة حيث يصطحبني لمسجده الصغير الذي يوم هو قد بناه وحرص من خلاله على إجتماع أهل القرية فيه كنت أحاول أتهجى الحروف القرآنية ثم الحقني بكتاتيب قرية القفل والتي تبعد عن قريتنا بضعة كليومترات أذهب إليها مع أخوتي وأقراني وأبناء عمومتي وأصحابي مشياً على الأقدام حيث قرأتُ القاعدة البغدادية وبعض جزء عم وكنت أستمع لوالدي وهو يرتّلُ القرآن في صلاة التراويح فزادني الحب القرآن وحفظه أكثـر وخلال التحاقي بالمرحلة الإبتدائية بقريتي الثانية لم أوفق في الحصول على قدوة قرآنية لكني عوضتها بالقراءة والمتابعة والمحاكاة لعمي محمد أمام وخطيب بالقرية الأخرى المجاورة لنا ومؤذونها الشرعي إضافة إلى متابعتي من أحد قرّاء القرآن الكريم في القرية من الأخوة اليمنييين وبينما أستمتع بقراءة القرآن حاول والدي رحمه الله أن أؤم الناس في الصلاة الجهرية وفي رمضان أحيانًا في قريتنا الثانية وفي مسجد الوالد أيضا رحمه الله ولكن السمع والاستماع ايضاً للقرآن الكريم فؤائد جمّة وخاصة بعدما أشترى لنا الوالد راديوا وأصرّ أن يكون على إذاعة القرآن الكريم فقط واتخذ له مكاناً معيناً وخاصًا وعلّقه في صدر بيتنا العشة الكبيرة فقد كنت أستمع للشيخ عبدالله خياط والشيخ محمد سعيد نور وغيرهم وخلال بث التلفزيون أبيض وأسود بالطبع كنت أستمع وأشاهد إلى القارىء اليمني الكفيف محمد حسين عامر إضافة لأشرطة الكاسيت والتي انتشرت في وقتها وكنت استمع لقرّاء معاصرين من الوطن العربي ومن المملكة منها ولكن دراستي الدينية المكثّفة في المعهد العلمي جعلتني أحفظ أجزاء أخرى لماحفظته سابقاً مماجعلني أقوم بامامة إحدى المساجد في بداية مرحلة الثانوية إضافةً للاندماج في فهم آياته وتفسيراته وإلى دراستي بالمرحلة الجامعية وما بعدها والتصاقي بإمامة وخطابة المساجد بعد ذلك وإلى حينها والحمد لله وإن هذه السلسلة الذهبية من ذكرياتي مع القرآن الكريم وحفظه وتعلّمه وتعليمه وقراءته وهي من أجمل الذكريات في حياتي رحم الله من وجّهنا وقام برعايتنا وتحفيظنا من الآباء والأعمام والأجداد الذي أهدونا مصاحفهم النادرة لنقرأ فيها في وقت كانت المصاحف نادرة وقليلة جداً وكذلك المعلمين ووجهاء البلدان
في كل زمان ومكان والله ولي التوفيق .