..
الإنسان كائن يسمو بنفخة من روح الله فلا يرضيه حسب فطرته السليمة إلا الطيب الزكي.
تحتاج الكائنات جميعها للغذاء والماء بأنماط مختلفة وطرق عديدة، والماء سر الحياة ومُولّدها ، فالخلاق العليم يذكر خاصية الحياة ويحدد جزما سببها وهو الماء (وجعلنا من الماء كل شيءحي)(الأنبياء-30).
وحاجة الإنسان للغذاء لاتقتصر على سد الجوع بأي طريقة كانت بل تطور الإنسان عبر عصور الوجود على هذه الأرض في إعداد طعامه وتزيين مائدته وتطييب مأدبته ، فلا يكفي أن يأكل الإنسان عشبا من الأرض ولا خشاشا منها.
بل من ضمن كرامة الإنسان أن يأكل طيبا و سخرت له المخلوقات ليذبح ويصطاد ويغرس ويزرع ومن ثم يقطف ويطهو ويتقن فنا ومذاقا.
بل وحددت الشرائع السماوية مايحل أكله و ما لايحل، فها هو لحم الخنزير محرم في شريعتنا و وفقا للبحوث الحيوانية يعتبر هذا التحريم خير لأجسادنا حيث يتغذى الخنزير على الجيف والله تعالي يربأ بالإنسان إلا أن يطيب مشربه و مأكله، وحرم الخمر لأغراض صحية واجتماعية وإنسانية .
وحرم الربا والمال الحرام، فالطيب من الطعام إذن يشمل كل حلال زكي الرائحة طيب الطعم لطيف التقديم.
َلهذا قال تعالى لأهل الكهف بعد استيقاظهم من نومتهم الطويلة :
(فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) الكهف - 19).
أزكى الطعام يعني أحله وأطيبه وأكثره وأجوده وفق تفسير المفسرين، وهذا يؤكد الطبيعة الإنسانية في البحث عن جودة الطعام ولذته بالإضافة إلى تسكين الجانب الروحي باتباع ما أحل الله من مأكل و مشرب.
الاحتياج للطيب من كل شيء و في كل شيء ديدن البشر وطبيعة فطرتهم، وحتى القول فيه الطيب ويجب أن يتبع، والفعل والتصرف وجميع مناحي الحياة والنظافة التي هي من الإيمان وإن كان حديثا ضعيفا، يدل ذلك على مبدأ ومطلب الجمال والطيب في حياة المسلم خاصة، وإماطة الأذى عن الطريق تأكيد على تألق مبدأ تجميل المكان وخلوه مما يؤذي لا تجميل الجسد فقط فالمكان أيضا يطهر من المعوقات و الشوائب.
(إن الله جميل يحب الجمال) حديث يختصر شغف الإنسان للطيب الجميل في كل شيء فالخالق جل في علاه جميل كما يليق بصفاته و يحب هذه الصفة في كل مخلوقاته ولذا كان التطيب وانتقاء الطيب موافقا لفطرة الإنسان والمسلم أولى الخلق بحب تجميل الذات والحياة و المحيط والأرض مظهرا و مخبرا بما لا يشمل الإسراف والسفه.
تجملوا وجملوا حياتكم وطيبوا مناحيها وزينوها فهذا اتجاه شرعي، مابين طيب يرتضيه الخالق وطيب ترتضيه الحواس والنفس تمتع بنعم الله عليك سيدي الإنسان .