في أحد أيام الصيف وفي إحدى المدن الجنوبية تداعت السحب حتى اجتمعت وتلبدت بها السماء وأرعدت حتى سكبت المطر على الشوارع والمساكن والساحات، فتحولت في لحظات سريعة إلى جنة باردة ندية، كأنما تسلمت الأرض قطعة من الشتاء هدية لها في منتصف الصيف .!
وهناك تحت شرفتها المطلة على ذلك المنظر البهيج حيث تصطف بعض المزهريات الصغيرة التي اعتادت ترتيبها على طاولتها المجاورة بشغف دائم ،بدأت (.....)
تغلي قهوتها ذات الرائحة المميزة وبعد أن استوت قامت بتعبئة فنجالها ووضعه أمام شرفتها، ثم أخذت ترقب المارة وهي تخاطب طيف حبيب لا يجيب ، وفي كل مرة تُقبِّل أفواه الكلمات ثم تكتبها على أوراق دفترها القديم المليء بأسطرها الحزينة التي تصنع منها قصائد النثر دون أن ترسلها إليه ، لتبقى في طي الكتمان، تماماً كحبها الذي تختزله فيها منذ ذلك الربيع الذي التقت فيه بحبيبها الذي لا يعلم عن شجونها شيئاً إلا ما يعلمه عن سائر الفتيات العابرات ..!
وكلما جاء الشتاء أو قطعة مفاجئة منه هاجت السطور وتدلى شجن جديد على رائحة القهوة التي تغترف من قلبها بوحاً جديداً..!