..
ما زلت أحمل ما أحمله تجاه الموسيقار العظيم / الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما زلت أعتقد أنه السجان الأبرز في تاريخنا حتى لو لم يدرك ذلك بطبيعة الحال، أعتقد أن ما اخترعه الخليل في بحوره الشعرية كان جناية أدبية جسيمة. خمسة عشر زنزانة وأكثر كانت جناية كافية بحق الأدب العربي. إذ أنه تم حبس مشاعرنا في أدبنا الشعري.
بزنازين كثيرة. حالت دون حرية حروفنا الأدبية الشعرية وحبستها. منذ أن اكتمل بناء زنزانات الفراهيدي البائسة حتى الآن .
لكن الجمال الأدبي وسيل مشاعر الأدباء كانت عصية وأكبر من زنزانات الخليل بن أحمد الفراهيدي آنفة الذكر.
ففي أواخر الأربعينيات من القرن الماضي ظهر لنا ذلك الجمال الذي كان أكبر من قيود الفراهيدي من خلال قصائد الشاعر العراقي / بدر شاكر السياب وقصائد العراقية / نازك الملائكة وشعراء آخرين. بالشعر الحر والذي حاول على استحياء الهروب من تلك الزنزانات.
ولأن مساحة الأدب والجمال والحرف حرة ولا يمكن حبسها. وأكثر من أن يتم تأطيرها بسلاسل الخليل بن أحمد، جاءت قصيدة النثر التي تريد أن تخبر السجان وأحفاده أن النثر يمكن أن يكون شعرًا، بل شعرًا رفيع المستوى. بل تصرخ في وجه السجان بأن الوجدان لا يمكن تقييده. كيف يمكنني أن أنكر وأتنكر لشعر وأدب أدونيس والماغوط. وأنسى الحاج ؟!
كيف يحلق الأدب عالياً - في زمن وصل الإنسان إلى سطح القمر فيه - وهو ما زال يسير وفق الإيقاعات المبنية على سير الجِمال وركضها ؟!