الباب، مغاير، جادٌّ، لم يتراخَ يوماً في بعث الدهشة، عرف كأعجوبة عمانويل العراقي، المهووس بالدقة، مسحه بالزَّيت، قوَّى أركانه، مُهذِّباً تفاصيله بالكحت والرعاية، اختار خشب ابنته المُفضَّل، مُدركاً أنه سيُعجبها، ويفتنها زهواً بعمله..
الباب، أخبرَهُ صاحبُهُ عن أشياء تُحبُّها ابنتُهُ، عن عشقها لشجرة البلوط التي يأتي منها وحلواها "مَن السما" فارتجف، زواجها بغريب تلتها سنواتُ قطيعةٍ صقيعيةٍ سكنته، وعن بشارة اتصالها منذ أشهر برغبة صادقة في الصُّلح..
الباب،خبره عمانويل أنه منذ أن غيّرت ملَّتها ورحلت، ما عاد يقومُ بعمل أبواب للحُسيْنيات والمساجد واقتصر على الكنائس الغنية -ليس ضد أحد وإنّما من تداعيات الجرح الغائر- ومن البيوت فقط الثَّرية، لمن يستطيع تحمُّل سعر تُحَفِهِ.
الباب،لم يشأ الباب في وحدته الكحلاء إفلات عمانويل في المنجرة، حين تمايل في لحظة الموت ليستند إليه، جذب روحه لتنضوي في جوفِهِ الخشبيِّ. آنذاك قابل صانعه الإشاعة التي أتت مع شجرة الباب، بوضوح وجهها القبيح.
الباب في المخزن اعتراه الفضول، مسحوا الغبار عن وجهه، ظنَّ أنهم نسوه، حملوه بتؤده، تأفَّفَ العمالُ من ثقلهما، وتنادوا بالحسين، وصلا إلى منزل السيد عبد الرؤوف، عرف عمانويل صديقه ففرح كثيراً وهو يسمعُ حزنه على فقدانه وإعجابه واهتمامه بالباب مُصدراً الأوامر بتنظيفه. مشيرا لابنه عن واسطة عظيمة دفعته إلى تولى إجراءات النقل للوجهة النهائية، السيد الذي بعد أسابيع تذكر الباب،ما أن أخبروه عن صواريخ غريبة دكّت منزله.