كانت تمشي بخطوات بطيئة والحزن أكل شيء من جمالها ، وقفت أمام والدها والخجل يكسو وجهها وقالت بصوت هادئ: لقد سمعت صوتك تناديني
تفضل أبي ما الأمر؟
⁃ هلا ابنتي الغالية حصة .
⁃ تدرين مر على وفاة المرحوم سليمان زوجك سنة وخلال هذه السنة أكثر من واحد تقدم لخطبتك لكن ، كنت أقول في نفسي سأنتظر فترة وفاءً لزوجك الراحل وحتى تستعدي نفسيًا و يمر بعض الوقت العمر، يجري يا ابنتي يمكن الله يرزقك بذرية ينفعونك في كبرك أريد الاطمئنان عليك وهذا يشغل بال كل أب.
⁃• حاضر أبي العزيز أنا طوع أمرك.
انكمشت في ، مكانها على الكنبة المرتخية في صالة البيت ، وسرحت في حديث أبيها وشعور غريب يختلج في داخلها ..
يوم زواجها الأول كانت ، وقتها تبلغ من العمر اثنين وعشرين سنة مازال فستانها الأبيض يترنح في دولابها لم يتغير فيه شيء وبقت مع سليمان خمسة عشر سنة ، وهي الآن على عتبة الأربعين ترى ماذا كتب لها القدر ؟ هذه المرة كانت غريزة الأمومة تراودها في كل حين ، تتمنى أن ترى بطنها أمامها كبقيت المعلمات ، في المدرسة لكنها صبرت وكانت ترى فرحتها في عيون تلميذاتها تحضنهن تبتسم لهم كم من مرة تلمّح لها حماتها وتسمع همسات أخوات زوجها وكأنها هي المذنبة، مع هذا كانت تبلع حزنها وألمها بصبر ،حتى أمها لم ترحمها من السؤال: حصة ألم تراجعي الأطباء؟ هل العيب منك أم من زوجك ؟
كانت هذه الكلمات كالسكاين تقطع فيها. ظل الصمت رفيقها و المعلمات في المدرسة يتهامسن ، تقول إحداهن في حضورها :صدري يؤلمني ،تراكم الحليب في صدري اليوم الدراسي طويل ساعة للرضاعة لا تكفي .
مما تجعلها تعيش لحظات من الصعب وصفها ، تتمنى أن يكون لديها هذا الإحساس تتحسس صدرها لا شيء أحيانا كانت توهم نفسها بأنها ترضع طفلها وهي تداعب دميتها ،و هي تحاول أن ترضعها من ثديها في غياب سليمان من البيت.
تركت مكانها ودخلت حجرتها في بيت أبيها وفتحت أنوار الغرفة ووقفت أمام المرآة .
تحسست وجهها، لعبت في خصلات شعرها تناثرت الرقاق الأبيض في خصلات شعرها كأنها أقمار أضاءت سواد شعرها
إذن سأتزوج للمرة الثانية لكنني خائفة كبرت شيء من عمر الزواج المعتاد لا أدري ماذا ينتظرني ؟ منذ سنة وأنا لم أخرج من البيت إلا نادرًا،حتى عندما أنهيت العدة كانت على أبواب الإجازة الصيفية منذ ثلاث شهور رجعت إلى عملي لكنني طلبت نقل إلى مدرسة أخرى، خفت من نظرات الشفقة أو الشماتة في هذا العالم الغريب كل الألسنة تتحدث تجرحني في أحيانٍ كثيرة حدد والدي الأسبوع القادم زواجنا طلب مهر بسيط لأنني أرملة
يا إلهي كيف أدخل على رجل غريب لم أعرفه من قبل سوى النظرة الشرعية كما يقولون ذهبت إلى صالون التجميل بعد إلحاح من أمي أن أصبغ شعري غيرت اللون تمامًا صبغته باللون الكستنائي وضعت لي المجملة بعض المكياج وقفت أمام المرآة مرة ثانية لقد تغير شكلي في ليلة الزفاف كنت أرتجف خوفا وهو يقول اقتربي لا تخجلي لا يدري ما يشغلني
فجأة صرخ بكر أنتِ بكر!!!