العلم لا سقف له ولا حدود لآفاقه ولن نبلغ منتهى العلم ولو حرصنا .. فالملائكة قد تبرأوا من العلم المطلق ونسبوه إلى الله سبحانه وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) ولا زالت ينابيع العلم تنضح ولا زلنا نحن البشر في قصور عن مطلق الفهم، فإن وفقنا لفهم جانبٍ من أمرٍ ما فلن نحيط به كله.. لنترك للناس وللمفكرين خاصة الإبحار في لجة العلم فلعلهم يأتون بما يبهرنا..
ومن يرجو أن يضع منهاجاً علمياً أو قانوناً او قاعدة فقهية فمؤكد أنه يعلم أبعاد فكرته ،فهو على الأقل لن يأتِ بما لم تستطعه الاوائل بل مؤكد ان سيرتكز على السقف الأعلى والحدود الموضوعية ومراعاة الأصول والإفادة من الاجتهاد والاستخلاص من الدراسات والأبحاث السابقة ليكون بين يدي الدارسين والمتعلمين أُسس علمية ودراسة مرجعية يستند عليها في التطوير والتنظيم والإقناع ورسم الأُطر العامة والعناية بالتفاصيل الخاصة ومراعاة الاستثناءات والنادر والشاذ.
أذكر أني قرأت في رواية (العصفورية) للدكتور غازي القصيبي مقطع ذكر فيه على لسان (البروفسور) الشخصية الرئيسة في الرواية أن ما كتبه الشاعر الانجليزي (شكسبير) لا يمكن أن يصدر عن فرد واحد لتنوع فنون الأدب التي كتب فيها شكسبير من مسرح وشعر وغيرها وربما كان من يكتب باسم شكسبير لجنة مكونة من عدد من المختصين وهذا تشكيك في موهبة شكسبير الفنية (نقل بتصرف)
وهذا التشكيك في قدرات المبدعين ليس بجديد فهو في كل زمان ،فما أن يظهر مبدع أو مخترع أو صاحب فكرة فريدة أو صاحب مذهب جديد إلا ويتناولها العامة بالاستخفاف دون العودة لصاحبها ومعرفة دوافعه وتبريراته وإيمانه الذي منه تنبع الأفكار..
كل شيء يتغير ودائرة المعارف تتسع وكل الفنون والمعارف والعلوم أصبحت متاحة بين يدي الجميع وأصبحنا نحتاج للإبهار والإقناع والأفكار الفريدة والأهم مراعاة النخب من طالبي المعرفة ،أما العامة فمن السهل العمل على تشكيل الرأي لديهم وتغيير قناعاتهم وإضعاف إيمانهم.