يقول مالكوم اكس ( وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض ، لديهم القدرة على جعل المذنب بريء وجعل الأبرياء مذنبين ، وهذه هي السلطة لأنها تتحكم في عقول الجماهير ) .
نعم إن الإعلام يتحكم في عقول الجماهير ويؤثر فيهم وهذا التأثير إما أن يكون قصير المدى وسريع الأثر ، أو يكون طويل المدى وقوي الأثر وهنا تكمن المشكلة الكبرى .
فتكرار الصورة النمطية مرة تلو الأخرى كفيل بترسيخها في العقل كما تفعل قطرات الماء التي تحفر الصخر فتضع أثرها عليه فلا يستطيع أحد إزالته إلا بشق الأنفس ، وأمّا قصير المدى فهو يتغير بتغير الهدف ولذلك لا يعول عليه كثيرا ولا يخاف منه .
إن المستعرض لما ينتجه إعلامنا السعودي - ليس المقصود القنوات الحكومية - ليحزن أشد الحزن وهو يرى الإسفاف والسخرية والانحطاط في المحتوى البرامجي والمسلسلاتي ، فالمشاهد يقف حائرا أمام هذا الكمّ من اللقطات التي تستبيح حرمة شهر رمضان ، ولم تكتف بأحد عشر شهرا من الإنتاج العقيم والمشوّه لتكمل ذلك في شهر فضيل له قداسته وروحانيته .
لن أعمّم ولن أغلب فبعض البرامج التي نراها بين الفينة والأخرى هادفة وذات محتوى رزين ولكنها أصبحت كقطرة نقية في بحر ملوّث ببقايا العفن الفكري الباحث عن الشهرة على حساب الدين والقيم والأخلاق والوطنية .
إن محاربة المجتمع لا تكون بإشهار السلاح أمامه ولكنها تكون بنسف دينه وقيمه وأخلاقه والبحث عن كل ما يشينه وتكبير الأخطاء وتزييف الصورة وإهمال الإنجازات أو السخرية منها أو الاستهزاء بالمبدعين والمتميزين وعدم الحديث عنهم ، فوطننا زاخر بالإنجازات التي يجب على الإعلام أن يظهرها ، والشعب السعودي بشهادة كل من عاشره من أطيب الشعوب وأذكاها وأكثرها إبداعًا وتميزا وميادين العلم والبطولات والخير تشهد لنا بذلك .
يجب على الإعلام السعودي - الحكومي - أن يتصدى لهذه الهجمة الشرسة وأن يبادر بتبني البرامج التي تهتم بغرس القيم والأخلاق وتصحيح الصورة المشوّهة ، كما يجب أن يكون هناك ميثاق شرف يلزم به كل إعلامي سعودي من الجنسين سواء أكان ( منتجا - أو صاحب قناة - أو فنانا - أو يحمل أي صفة إعلامية ) أن لا يشارك في أي برنامج أو مسلسل أو منتج إعلامي ينتقص من السعودية وأهلها وقيمها وأخلاقها ، فجلّ ما يعرض عن السعودية وأهلها لم يأت إلا من أبنائها ومن كنّا نعول عليهم الذبّ عن السعودية والدفاع عنها وعن كل ما يتصل بها ، ولكن وللأسف يؤتى الحذر من مأمنه !
إن بعض القنوات المحسوبة علينا والتي تخالف ديننا أو قيمنا أو أخلاقنا أو توجهات دولتنا الحبيبة لا يهمها سوى المردود المالي وهي تطبق مقولة ميكافيلي : ( الغاية تبرر الوسيلة ) بأبشع صورها ، فهي تلهث خلف المال دون أن تهتمّ للدين أو العادات أو التقاليد أو الأنظمة وتضرب بكل ذلك عرض الحائط متى ما وجدت لذلك طريقا .
همسة الختام
الإعلام يوجّه الجمهور ويؤثر عليه ، لكن الجمهور الواعي يستطيع أن يكون المؤثر الأقوى في تصحيح وجهة الإعلام من خلال تبنيه لمنظومة القيم التي يريدها ، فيشاهد ما يريده ويترك ما لايريده والمال يتبع المُشاهِد لا المُشاهَد !