قلتُ لها :
خبِّريني
كيف نسيتُ آخرَ ليلةٍ في عينيكِ ؟
وخبِّريني
كيف ابتسمَ الأصيلُ بين شفتيكِ ؟
خبِّريني
كيف تشتعلُ القناديلُ على صدركِ
وترسمُ شعاعاً
يتكسَّرُ على تفاصيلِ الجسدِ
مثلَ أمواجِ النَّهرِ
حينَ تنتشرُ على الماءِ الرِّياح ؟
خبِّريني
كيف اقتحمتِ أعماقي
كالسُّيولِ
في يومِ شتاءٍ مُفاجِئ
وصرتِ جزءاً من حياتي
فتجذَّرتِ فيَّ
كالشَّجرِ العتيقِ
وتعاظمتِ كأنَّكِ النَّخيل ؟
وهبتِني قلباً بريئاً
كالطُّهرِ
ووهبتُكِ قلباً مُكتظَّاً بالآثامِ
والخطايا ..
ذاكرتي يا حبيبةُ
كالمُدنِ العشوائيةِ
مزدحمةٌ بالضَّحايا
حاولتُ أن أستعيدَ من أنيابِ الدَّهرِ
وجهيَ القديم
عقليَ القديم
عمريَ القديم
فتهتُ كالأطفالِ بين الزِّحام ..
لا تعاتبيني
إن شعرتِ يوماً أني تغيَّرتُ
أو تحوَّلتُ
فما أنا إلَّا وجهٌ آخرُ للفصول !
طويتُ صفحاتٍ من الأحلامِ
ومزَّقتُ صفحاتٍ من الخياناتِ
وأحرقتُ صفحاتٍ من الهزائم
وحملتُ في صدري
ومضةً من ضوءٍ
قبستُها ذاتَ لقاءٍ من عينيكِ !
كلُّ العطورِ عابرةٌ إلا عطرُكِ
ما زالَ عابقاً في أفكاري ..
حينَ يؤرِّقني الوجعُ .. آتيكِ
فأنسى الوجعَ على صدركِ
وأمضي ..
حينَ تجورُ عليَّ الأيامُ .. آتيكِ
فأرى الأيامَ ترقصُ
كما الأنوارُ في عينيكِ ..
حين تموتُ الأماني
ويساورني الشَّقاءُ .. آتيكِ
ثم أعوووودُ
أحملُ الآمالَ
وأنظرُ نحوكِ بابتسامٍ
وأمضي ..
أنا يا حبيبةُ كالأمواجِ
أتقلَّب من حالٍ إلى حالٍ
وحينَ تجمعُني بكِ الأيامُ
ويُعانقُ نبضيَ نبضَكِ
يعلو صهيلُ الموجِ
وتتفتَّحُ البراعمُ في الرِّمال !