نبذة تعريفية بالكاتبة جين أوستن
نادية عبدالوهاب خوندنة
أكاديمية سعودية، كاتبة و مترجمة أدبية
تتمتع الروائية جين أوستن (1775-1817) بمكانة عالية و منزلة رفيعة بينالأدباء الانجليز ولا يفوقها مكانة سوى الشاعر و المسرحي العظيم وليمشكسبير و منذ النصف الثاني من القرن العشرين ازدادت الدراساتالأكاديمية المهتمة بدراسة عالمها الروائي ومن زوايا مختلفة.امتاز أسلوبهابرقي الكلمة و سمو الأسلوب مع النقد البناء وان كان لاذعاً للظواهرالاجتماعية الخاطئة و ذلك في إطار من الكوميديا الاجتماعية.
ومن أسباب رسوخ تفوقها في عالم الأدب الانجليزي عبقريتها في مجالعرض الشخصيات بواقعية غير مسبوقة مما جعل الرواية الانجليزيةترتدي ثوب الحداثة و من أهم عناصر واقعية جين أوستن في تصويرالشخصيات الرئيسية في رواياتها هو تأكيدها على إظهار الجوانبالنفسية المختلفة لهذه الشخصيات و ذلك بإعطاء الفرصة لبطلاتها للبوحعن الذات سواء للنفس أو للآخرين.
و قد ظهرت موهبة أوستن في التأليف و الكتابة منذ سن مبكر و بالتحديدمنذ الرابعة عشرة و لم يكن بالطبع ما خطته من قصص قصيرة وحكايات فكاهية و مسرحيات هزيلة قصيرة بالأعمال الأدبية الناضجة ولكنها ساعدتها على التمرس و المران و تشكيل الأسلوب الذي اشتهرت بهلاحقا.
ومن أعمالها المبكرة و التي تظهر الحس الفكاهي لديها هو عنوان العملالذي أسمته تاريخ بريطانيا و لكن كتاباتها الباكرة لم تكن جميعها هازلةبل نجد أنها تناولت فيها بعض الموضوعات أو التيمات و التي تناولتهابعمق اكبر في رواياتها المعروفة و المنشورة فمثلا في رواية كاثرين و هيرواية غير مكتملة أبدت فيها جهدا ملحوظا لتناول موضوع معرفة الذاتمعرفة تدريجية و الذي عادت و تناولته باقتدار و تميز في أعمالهااللاحقة.
وقد كتبت ست روايات نشرت منها أربعة أثناء حياتها وهي:العقلوالعاطفة ، التحامل و الكبرياء ، مانسفيلد بارك ، و ايما و اثنتين بعدوفاتها و هي الإقناع, و ديرنورثانقير‘ إن المتأمل لعناوين الروايات يجداهتماما واضحا من أوستن بالقيم الاجتماعية و ذلك ليس بمستغرب منها فهي قد عرفت بكونها كاتبة تمثل التيار الأخلاقي وقد يخدع البعضبكون أعمالها تدور حول قصص الحب و الزواج وأنها بعيدة عما كانيمور به العصر من مشكلات و تغيرات سياسية و أنها لم تتناول ذلكسوى في آخر رواياتها، الإقناع، فنجد أن قصص الحب و الزواج لمتتخذها أوستن إلا وسيلة لموضوعات اجتماعية هامة و تناولها لها لم يكنبصورة سطحية بل بصورة عميقة جسدتها بقولها الذي يدل علىتواضعها ..فهي تصف عملها أنه مجرد نذر يسير .. فقط عمل صغير مثلقطعة عاج لا يزيد عرضها عن بوصتين نقشت عليها بفرشاة دقيقة بحرصو جهد كانت النتيجة التي تقيمها هي انه عمل ذو اثر بسيط مقارنةبالجهد المبذول.
بعيدا عن أسلوب الوعظ المباشر أو المثالية المفرطة ركزت أوستن فياعمالها على الكثير من القيم الاجتماعية مثل العفاف و الاستقامة،الصراحة و الوضوح ، طاعة الوالدين و اعلاء قيمة الاسرة ، إيثار الغير وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، التواضع و مساعدةالآخرين و يتوج ذلك كله معرفة الذات معرفة حقيقية.