في ليلة تعبق بالشعر والجمال
نجم يتلألأ من مركبه عبر أوراق منثورة انسدل من ريتاجها سنابل أدبية التقطت انفاسها عبر مزامير الكلمات التي بسطت رحالها هنا على صدر الأدب العربي -
وليلتنا هذه ليلة مخملية تلتقي بكم هنا عبر أثير عزف مخملي شائق ومع شعراء فطاحله
فأهلا وسهلا بكم أعزائنا ضيوفنا حضورنا شعرائنا أدبائنا نقادنا عبر أمسية معزوفات مخملية
للقاء ضيوفنا الكرام مع
أديبنا الكبير الأستاذ محمد النعمي
و شاعرتنا الشامخة أميره صبياني
وشاعرنا العذب مشعل العنيزان .
أهلاً بكم هنا مدادا
ولنتعرف الان على شاعرنا محمد النعمي
عبر سيرته الأدبية التي سنتعرف اليها الان عبره -
سيرة ذاتية مختصرة الاسم / محمد بن علي النعمي شاعر وتربوي عمل معلما في جميع مراحل التعليم العام واخر مهمة له في التعليم مدير لثانوية بيش قبل ان يطلب الاحالة الى التقاعد المبكر - مثل ادارة تعليم صبيا في العديد من اللقاءات والمؤتمرات التربوية وورش العمل - شارك في العديد من الامسيات الشعرية والمؤتمرات الادبية ومثل المملكة في الملتقى الاول لشعراء الخليج 1435 - عين عضوا بمجلس ادارة نادي جازان الادبي 1426 ثمانتخب نائبا لرئيس مجلس الادارة من 1428 الى 1433 - رأس مجلس ادارة نادي بيش الرياضي في فترتين متباعدتين الاولى بالانتخاب الى عام 1417 والاخرى بقرار من الرئيس العام لرعاية الشباب من 1433 الى 1437 - كلف مساعد للمشرف العام على وفد منطقة جازان المشارك بمهرجان الجنادرية من عام 1430 الى 1438 - عين عضوا بالمجلس المحلي ببيش 1438 الى 1440 - عين عضوا بمجلس منطقة جازان 1441 ولايزال حتى تاريخه والشاعر مقل في انتاجه ولم يصدر شعره ولا ينشره
وأضاف أيضا انه شاعر بسيط محب للناس وللحياة - اسهم بقدر مايستطيع خدمة مجتمعه بالكلمة
فانطلق من الاستاذة عنبر سؤال أفاض الدهشة من سيرته الأدبية لماذا لا نفضل نشر شعرك ..؟
فأجاب الشاعر بأن هذا السؤال يلاحقه كثيرا وأينما حل ..
ويقول لا أجد تفسيرا لاقناع الاخرين بإجابته إلا أنه ليس لديه الحماس في نشره ..
وكان يرى أن الشعر يعتقد انه مناجاة خاصة مع الذات وتعبير عما يشعر به المرء ولايعني أحد
وبقي هذا الآخر محيداً في تجربتي رغم اني اشجع كل الشباب النشر متى ما شعروا بنضج التجربة -
ويعتز بمحافطة بيش ووادي بيش وكيف انه عاش فيها بسعادة بعيدا عن الفوضى والضجيج وانها مدينة الطيور والزهور
من خلال المسيرة الأدبية وجدت شيء من الحزبية والشللية في العالم الأدبي مارأيك ..؟
أقول من خلال تجربتي في نادي جازان الأدبي سمحت لي باختراق المشهد الثقافي ومع الاسف وحدت ان الشللية موجودة وكثيراً من المقاعد الأمامية شاغرة من الأدباء الحقيقين والأمام مشغولة بمن يستحق الصف الرابع
والهدايا تذهب لمن لايستحقها ان المقايس في المشهد لاتقوم على الأسس المعيارية ولايؤخذ بعا فيها شيء من الوجاهه والشللية -
سؤال أ/ عنبر
هل الخيال المفرط يذهب بوهج القصيد ..؟
فقال بأن
مزيج من المشاعر والانفعالات والمؤثرات الخيال حزء منها ولكن اذا زاد عن حده فلا يقبل والخيال جزء من القصيدة واذا افرط ذهب بمصداقية القصيدة -
كل مبدع يواجه تحديات
اذكر واحده منها على الأقل -
التحديات هي تعبير مهذب لكلمة الصعوبات وهي موجوده في جميع مجالات الحياة
وسأذكر أول تحدي يواجهني هو انعدام التفرغ
حتى في المشاركات اجد صعوبة شديدة فكانت تمشي بشمل ودي والا النظام لا يسمح -
والإلتزامات اليومية اثر اني رب أسره والأسرة نقدمة على الأدب -
وهناك تحديات شخصية فهو يريد ان يؤمن له مقعد خاصاً كبصمة خاصة به فهذا يجبره على التطوير والبحث والقراءة وهذا كله يحتاج وقت -
سؤال أ/ عنبر :-
البوابة تعد تاريخ ميلاد فهل تذكر متى كتبت أول قصيدة وكيف نميت الشعر ..؟
قال ان الشعر موهبة وتتبلور و هذا مرهون ببيئة الشاعر وانا لمست شغفي بهذه الكلمة الموسيقية من قبل ذهابي إلى المدرسة من خلال مناسبتنا الشعرية كان الشعراء في بيش يتبارون بالشعر فكانت اذني تخطف هذه الملماتوانا في الصف الثاني لابتدائي وأحفظ مايقال في المجالس وأعود للبيت لاسمعه لأمي وأبي وبذلك توجهت تلقائيا إلى الشعر وعندما وصلت لصف الخامس والسادس كانت هناك نصوص شعرية في مواد اللغة العربية لكن لمأحد فيها ما يستهويني كقصائد الشعر الشعبي التي أسمعها منذ صغري في مجالسنا لماذا لانها منفصلة عن الواقع يأتون بنصوص لا تلامس وجداننا لأنها لاتمس واقعنا وهنا ينادي النعمي باختيار نصوص غزلية وجدانية وشيء يلامس وجدانيات الطلاب -
وذكر قصة معلم اللغة العربية الذي كان يعقد لنا كل خميس على الفانوس امسيات يذكر لنا فيها القصائد وكان يستهويني ذلك الاجتماع الأسبوعي .
ثم طلب من الشاعر محمد النعمي أن يذكر لنا شيء من قصيده فذكر لنا إحداها -
فذكر قصة لأحد الأدباء من ابناء عمومته حيث انه صرف تفسه لحياة الأدب ونسي نفسه
فقال قصيدة مؤلمة
وعندما عدت لبيش عدت متأثراً جداً بهذه القصيدة هل هذه نهاية الأديب الشاعر والفنان فعدت أروض القوافي على قصيدته التي القاها عنه حجاب الحازمي -
أنت والله بالمعاناة أدرى
وبهم القريض أكثر خضرا
خضته قبلنا فكنت المجلي
وفي ختام اللقاء شكرت مديرة الأمسية الأستاذ محمد النعمي على قبول الدعوة الكريمة وعبرت عن مدى هذاالشكر بشهادة تقدير ...
ـــــــــــــــــ
شاعرتنا الثانية في هذه الأمسية الجميلة هي : الشاعرة : أميرة بنت محمد صبياني
وبعد التعريف بالشاعرة ، وملامح من سيرتها الأدبي ،وجهت لها مديرة الأمسية : عنبر المطيري العديد من الأسئلة الكريمة .
- الشاعرة أميرة الأم
حدثينا عن موقع الأمومة في شعر أميرة .
فأجابت :
عندما تكون الأم شاعرة تكون الأمومة أرقى وأعظم ،وابنائي هم روحي التي أهديها جميع كلمات الحب في شعري
(رزان،وجدان،أنس،أحمد،جمان ،ليان)
أهديهم جميعَ باقات الحبَّ ، وأَرُشُّ على تورُّدِ جمالها أوائلَ كلماتِ سعادتي بهم .
وأقول :
في دوحةِ الحُبِّ ألقاكم وفي دِيَمِي
بلْ بينَ نَبضِ فؤادي واندفاقِ دمي
وفي النسيم الذي يُهدي السَّنَا نَغَمًا
وفي تَوَرُّدِ أشواقي على قلمي
دنياي أنتم ، وأنتم في الحياة غدي
وأنتم الحاضرُ المخضرُّ في نِعمي
دمتم سعادةَ أيامي التي ازدهرت
بحبكم وبِمَغْنَى الصَّفْوِ في حَرَمِي
وأنا أيضًا أم وابنة لأعظم أم -يرحمها الله -ابنة لاتستغني عن لمسات أمها الغائبة ولن تخلوَ منها حياتها .
تقول في أمها الغائبة:
ماذا تكونُ هي الحياةُ إذا خلت من وجه أمي ؟
ماذا أكونُ وماالذي ترجوهُ كلُّ الأمنياتْ ؟!
هذي الدروس بليدةٌ بغيابِها الأبديِّ عني !
غابت عن الأنظار والأسماعِ بسمتُها ودعوتُها التي
تحنو عليَّ على الحياهْ!
ماذا تكونُ ومن سينسيني الألمْ ؟!
ماذا تكونُ ومن سيخبرني بأن العمرَ يؤذِنُ بالرحيلِْ؟
وبأن ذاكَ الفقدَ آلامٌ سينسي القلبُ شدَّتها
ويعبرُ حزنها فوقَ السنين ؟!
لكنها أمي .. وهل في الكونِ ساعاتٌ وأيامٌ وأكوامٌ من السنواتِ تُنسيني الحنينْ؟
كما تقول لابنتها في الغربة هناك
عندما تتصفح وجهها الحنون وتحن إليه
إليها.... في غُربَتِي
ياعزفَ أوتاري على لحنِ الحنينِ تعبتُ من ذاكَ الجَمَالْ
إني إليكِ أجوبُ آفاقَ الوِصالِ
أسيرةً فوقَ الظِلالْ
وحدي مسافِرةٌ بهذي الروحِ بالشوقِ المُحلِّقِ في ارتسامات الخيالْ
وحدي أنادي ياجنائنَ قلبي المشتاقِ للحُبِّ الزُلالْ
بطفولةِ الكلماتِ والأشعارِ
بالقلبِ الذي يهفو إليكِ ويرتضيكِ ذُرا الكمالْ
لاتتركي ضعفي الضريرَ
يغيبُ عن ذاكَ الدَّلالْ
هيا اقتفي دربَ النجاةِ وغالِبِي بالقُربِ أمواجَ الخَبَالْ
ودعي ارتكابَ مواجعي
يانَبْتَةَ السِّحْرِ الحلالْ
- كما سئلت الشاعرة : أميرة صبياني
عن رأيها في التعقيد الشعري
فأفادت بأن الغموض الشعري الذي لايوصل المتلقي إلى النص الشعري إلا بصعوبة كالليل الحالك
وإن الإغراق في الصور والرموز ماهو إلا غلق للقصيدة .
- وسئلت عن استخدامها لرمز الطين والماء في شعرها .
-
فتكلمت عن طريقتها في تناول الرموز وأنها قد تستخدمها للإيضاح وليس للتعقيد في التعاطي معها ، وأن رمز الطين لدى الشاعرة يتخذ عدة أشكال منها ماهو الصلصال ومن حمأ مسنون فيه شدة وحرارة ، ومنه مايكون لينًالزجًا
ومنه مايتحول إلى وحل أحيانًا
هذا الطين هو الإنسان
لذلك تجدون الطين في شدتي وقسوتي وضيقي فأقول:
تصلصل الطينُ يشكو قسوة الروح
في هَدأة الليل في همس التصابيح
وراح يتلو شروقَ الفجرِ مقتفيًا
حبلَ النجاةِ على نجوى التسابيحِ
وفر يرجو رضى الرحمن لا احدٌ
يدري بصولة صوت الطين في الروح
وقد يكون الطين مائعًا ضحلًا ضعيفًا
لدرجة أن الإنسان يرغب في التخلص منه أو بعثرته داخل مشاعره ولوحاته الشعرية
حيث قالت :
مالي بنشوة شعري والهوى وطر
احتاج قلبًا اذا ماتهت يهديني
أصوغُ حرًا بقايا سلوتي وأنا
أبعثر الطين عن كراس تلويني
-متى شعرت أميرة أن القصيد نضجت لديها ؟
فقالت إن التجربة الشعرية مرت في نضجهابعدة مراحل وربما بدأ النضوج بعد سن الرشد وبعد التقاعد المبكرمن العمل النظامي ،وإنها ما زالت تواصل السعي لإنضاج تجربتها الشعرية لتقدم للجمهور ماهو أفضل .
وقد نظمت في هذا مع التجربة الشعرية
الكثير من القصائد عن الشعر وتناقضاته ونكوصه أحيانًا .
ثم ذكرت أسماء دواوينها حسب مراحل النضج
لم تختتم بعد
لا تقرؤوني
بعثرة الطين
لأنك الله
لأنني أحبكم
من أجل
من استثناءات
ثم عرفت بديوانها الرابع : لأنك الله
وسبب تسمية بهذا الإسم وموضوعاته .
-هل أنت راضية عن المناهج الشعرية الحديثة ؟
أفادت بأننا لابد أن ننتفع بالمناهج الشعرية الحديثة بقدر ما يناسبنا ولا ننسى أصولنا النقدية .
-في أي أمسية شعرية وجدت الشاعرة
أميرة نفسها
وذكرت أنها وجدت نفسها في أكثر من أمسية ومنها أمسيتها في جمعية الثقافة والفنون بجدة
وأمسيتها في رواق مكة في النادي الأدبي بمكة ؛ حيث كان الحضور كبيرًا والتفاعل جيدً .
-شعرك تأثر بمن ؟
وقالت : إنها تحب كل شاعر يحترم الشعر واللغة ويمتعنا بشعره،وأنها تنتقي من كل شاعر أجمل مافيه وتحب أن تكون ذائقة مغايرة،وأنها في بداية تجربتها الشعرية كانت متأثرة بالقدماء وتحاكيهم وفي المراحل المتقدمة كانت تلجأ لأساتذة ونقاد كبار ليقيموا إنتاجها واستفدت منهم كثيرًا ومنهم الشاعر الناقد : يحيى معيدي وفقه الله وجزاه كل خير .
-هل تعرضين شعرك على أحد قبل نشره ؟
نعم وكثيرًا ولابد أن يعرض الشاعر شعره
على من هم أعلى منه .
-هل هناك نقطة تحول في تجربتك الشعرية ؟
ذكرت أن التحول هو أنني ربما أصبحت شاعرة ويسيطر علي الشعر .
-أي غرض شعري ترى أميرة أنها أطربت الجمهور ؟
قد يكون في الذاتي او الوجداني أو الوصف أو الاجتماعي .
وأشعر أنني مع كل انفعال يتلبسني .
- وهل الشعر دائمًا متاح للشاعر
لاليس في متناول الجميع وليس في كل وقت
وليس لكل موهوب أو متكلف للشعر
الشعر .
-هل ترين ضرورة وجود مؤسسات رسمية لتبني الشعراء ؟
ياليت يكون هناك مؤسسات جادة لراعي المواهب والشعر بشكل جيد .
حدثينا عن كتاب : جوقة الأدباء
هو عبارة عن كتاب أدبي بين دفتيه
مقالات وخواطر وشعر منثور وشعر فصيح
وأنا شاركت فيه بمجموعة من القصائد والمقدمات النثرية.
-هل أنت راضية عن الأندية الأدبيةوهل قدمت لكم ما يرضيكم أنتم الشعراء ؟
نعم هناك أندية متعاونة وترحب بالأدباء
ومنهم نادي الطائف ونادي الباحة وشاركت في نادي جدة مرة واحدة ووجدت منهم كل ترحيب .
ولكني أسمع عن نظام الشللية في بعض النوادي ، وعسى ألا يكون ذلك ظاهرة عامة .
وفي ختام اللقاء شكرت الشاعرة مقدمة الأمسية أ/ عنبر المطيري ، والحضور الكريم وإدارة معزوفات مخملية على هذا اللقاء الجميل ، كما قدمت لها مديرة الأمسية شهادة شكر وتقدير لمشاركتها في الأمسية الشعرية .
ونقلة أخرى إلى أديبنا مشعل العنيزان التي توالت عليه الأسئلة بعد التعريف بسيرته الذاتية الأدبية في سطور ...
مشعل محمد العنيزان، من مواليد مدينة حائل، بكالوريوس لغة عربية، متفرغ حاليا كباحث ماجستير في النقدالأدبي، شاعر وناقد. نشر قصائده في العديد من المجلات الأدبية والزوايا الإلكترونية كالموسوعة العالمية للشعرالعربي "أدب"، صدرت له مجموعة شعرية بعنوان"محاولات تيه" عن دار ميلاد عام ٢٠١٦. وله عدة مخطوطاتشعرية تحت الطبع، حاز على جائزة الأمير عبدالعزيز بن سعد للتميز الأدبي لعام ١٤٣٩هـ.
بدأت أسئلة أ/ عنبر المطيري تنساب كالمطر على أديبنا الراقي -
لماذا يغيب الشعر العربي عن العالمية برغم النبض الشاعري الناضج في الشعر العربي؟
خصوصيّة الشّعر جعلت من دورانه في محيطه الإقليمي ظاهرة عالمية وليست خاصّة بالشّعر العربي، فحينما نعود إلى مقولة أنّ الشعر هو الذي يسقط في الترجمة، فإن نقل الشعر من لغته الأصلية إلى لغة أخرى سوف يذهببأهم ما فيه وهو الشعور، ولذلك رأى البعض أن من أهم شروط ترجمة الشعر أن يقوم بترجمتها شاعر، لكي يستطيع نقل الإحساس من لغة إلى أخرى، ومن هنا كانت ترجمة الرواية هي الأمر الشائع غالبًا؛ لأنها تقوم على اللغة المعجمية وليست الشعرية. ومع هذا فالشعر العربي كظاهرة عالميّة يتقاطع مع غيره مع الشّعر العالمي في مجال الاهتمام به، ويكفي أن نذكر بأنّ أوّل تاريخ للأدب العربي كان قد ظهر عبر جهود "بروكلمان"؛ ممّا يدل علىأنّ الشعر العربي له حضور كبير على مسرح الوعي الأدبي العالمي، وهذا ما يؤكده وجود ترجمات عديدة لجمع غفير من الشعراء العرب، وخصوصًا المنتمين للتيار الحداثي؛ لأن هذا الشعر يتقاطع نوعًا ما مع النّظرة الغربيةلمفهوم الشّعر الحديث، ومحليًّا نجد أن للشاعر السعودي المعاصر علي الحازمي عديدًا من الأعمال الشّعرية المترجمة إلى لغات أخرى.
يلاحظ أن الأمسيات الشعرية في الأندية الأدبية لم يعد لها ذات التوهج الذي كان سائدًا منذ عقدين على الأقل ؟
على المستوى المحلّي لم يزل الشّعر النبطي يأخذ قدرًا كبيرًا من الاهتمام الجماهيريّ على حساب الشّعرالفصيح، ومن هنا كانت الأمسيات الأدبيّة إنما تستولي على اهتمام طبقة معيّنة من المجتمع، وهذا ما جعل الأندية الأدبيّة هي المحيط الوحيد لهذه العمليّة الشّعرية، فكانت حريصة على أداء دورها الثقافي والمجتمعي، فانحصر الشعر إذن في مستوى الاهتمام الرّسمي. وبعد أن تنامى دور المؤسسات الإعلاميّة في المحيط المجتمعيّ وتقاطعت مع ثورة وسائل التّواصل انتقل الشّعر الفصيح من نطاقه الرّسمي إلى نطاق آخر كان مبدؤه عبرالمنتديات الأدبيّة الإلكترونيّة الّتي أدّت إلى استنبات جذور عميقة على مستوى الوعي الأدبيّ الشّابّ، وبعد سنوات قامت هذه العمليّة بلفت أنظار المؤسسات الإعلاميّة إلى هذا الاهتمام الكبير بالشّعر الفصيح، فتم نقل هذا الحراك على صورة مسابقات شعريّة كمسابقة عكاظ وأمير الشّعراء وغيرها، حتّى إذا ما جاءت المنصّات التفاعليّة ازدهرت هذه العمليّة كثيرًا، وهذا كلّه كان بالطّبع على حساب ما هو مُناط أصلاً بالأنديّة الأدبيّة.
س/ لا يخفى على الجميع أن كل مبدع يواجه بعض التحديات في حياته وخصوصاً في مجاله الإبداعي هل واجه الشاعر مشعل العنيزان شيئًا من هذه التحديات؟ وهل تذكر لنا أهمها؟
قلت في قصيدة ذات مرّة:
الشِّعْرُ زاويَةُ الدُّنيَا بحدَّتهِ
يُحَدُّ إيمَانهُا الثَّورِيُّ والعدَمُ
حينما تكون الحياة ذاتها تحدٍّ للإنسان فإنّ على الشّاعر أن يواجه هذا التّحدّي بتحدٍّ مثله، وأن يحارب الألم بالقلم،وأن يحاولَ إبرام عقد بينه وبينه المركز الأعلى للنوائب بوصفه الممثّل الشرعيّ للوعي الجمعيّ، يضع الشّاعر فيه شروط النّاس وآمالهم وآلامهم، ليصبح المتحدّث الرّسميّ لجماهيريّة البشر.
فلأن الرّوح الشّاعرة تضخّم الإحساس بالأشياء كما يعبّر نزار، ولأنّ الخطيئة الّتي هبطنا منها إلى الأرض كانت تطهيرًا في الأصل، فإنّ التّطهير يتطلّب إحساسًا ودموعًا وسهرًا، ولذلك فينبغي تدوين ذلك كلّه على الورقة بدقّة وانضباطيّة شديدة، إذ أن تطاير أوراق الشّاعر في الشّارع اللّيليّ للحياة بعد أن سكن منازل القمر ونادم جنيّات اللّيل وسافر عبر محطّات الدّموع وسِكك المنافي يعد هزيمةً كبرى لتاريخ مملكة الحسّ الّذي ظلّ ينافح عنه فيالأرض بعد أن فشل في طريقة الاستخدام الصّحيحة في السّماء.
في أي غرض شعريّ يرى فيه مشعل العنيزان أنه أطنب وأطرب؟
الغرض الشّعريّ هو الميك آب الّذي يضعه الشّاعر على وجه القصيدة لتكون أكثر منطقيّة وتوازنًا في ظهورها أمام الجماهير، فحتّى تثق القصيدة بنفسها ويثق الجمهور بها ينبغي لها أن تظهر بملامحَ جذّابة ومعقولة، ولذا فإنّ كثرة ذرّ هذا المسحوق على وجه القصيدة يحوّلها إلى مُهرّج، والشّاعر الّذي يزعم أنّه يمتلك مهارة التّعامل مع كل وجوه الجميلات سيتحوّل إلى قائد سيرك. وأنا قد فقدت مهارة قيادة السيرك منذ زمن طويل، ولذلك كانت وجوه جميلاتي غالبًا بلا أي مساحيق، فهي تبدو على طبيعتها القمريّة، يتحدثن عن المشاعر الإنسانيّة الخام كالحزن والحب والحنين.
ما رأي الأستاذ مشعل في شعر التفعيلة أو شعر النثر؟
شعر النّثر هو الولد المدلّل الّذي يلعب وراء عباءة جدّه العموديّ، وهذا الجدّ لا يزعجه أن يكون له أحفاد، المهمّ لديه أن يكونوا على قدر المسؤولية. أمّا شعر التفعيلة فهو الشّابّ الذّكي الّذي استطاعت نازك الملائكة أن تخرجه منعصبيّة القبيلة ومن خيام إخوته في صحراء الجزيرة العربيّة، ولذلك عاشت معه قصّة جميلة زارا من خلالها مدنًا أوروبيّة وسواحل أمريكية، وحينما عاد هذا الابن رفض إخوته ملابسه وهيئته العصريّة، غير أنّه أقنعهم أنّ لهم نسبًا أصيلا يجتمعون فيه، ولذا فالعائلة الشّعرية الآن تعيش حياتها بصورة طبيعية جدًّا.
هل رضيتم عن شعركم الان ؟
الرّضا عن الشّعر هو التوقّف، والشّعر لا يملك إلا لغة الحركة. فلا يمكن أن يكون هناك شاعر راضٍ عن شعره إلاّحينما يكون هناك نهر يكفّ عن الجريان، وهذا غير مقبول، لا في لغة الشّعر ولا في لغة الأنهار، فالشّعر مرتبط بتيّارات الوعي المتدفّق عبر جبال الحقيقة، وهذه الجبال تبلغ من العمق ما لا يمكن أن يتوقّف السّير عبرها. إن الرّضا هو الوقوف لرؤية جمال الطّبيعة، والتفكّر في بديع صنع الباري، ولكنّ إطالة الوقوف هي من لغة الأطلال والفناء.
ما تفسيرك للمناطقية والشللية والحزبية ..؟
التّفسير نستطيع إيجاده عبر القنوات الوثائقيّة، فسكّان الغابات الاستوائيّة المطيرة والمناطق المعرّضة للخطر يضطّرون إلى العيش في جماعاتٍ تحميهم من البرد والجوع والمطر، وهذه الطّبيعة البدائيّة تعبّر عن مرحلة قديمة للوعي أساسها تلك الأحاسيس البدائيّة، فهنا لا أتحدّث عن انتماء الإنسان لجماعته أو عشيرته أو منطقته، فهذه أحاسيس فطريّة نترجمها إلى لغة الحنين، ولا عن الأحزاب أو الجماعات المتشكّلة في العلن الّتي تقوم على أسس عمليّة ودستور مكتوب بطريقة نظاميّة، لكنّي أتحدث عن الجماعة داخل الجماعة، عن الشّفق الّذي ينتمي إلى النّهار وفي نفس الوقت ينتمي لمنطقة الظّلام، وهي منطقة وصوليّة تعمل لصالحها، فتتشكّل وفق تنظيم بدائي لتصبح قوّة موحّدة لتهميش وتحطيم "الجهود الفرديّة" المنتمية للجماعة العامّة، ومن هنا فإن تلك العقلية الشلليّة ضعيفة بمفردها قويّة باتّحادها مع ذات العقليّة، لأنها تتجاوز ضعفها من خلال أنيابها الحادّة ومخالبها القويّة.
وبذلك انتهت الأمسية التي تعاقب عليها الفرسان الثلاثة وانتهت بشكر كل أديب وبتقديم شهادة الشكر والعرفان لقبول هذه الدعوة المعطاءة .
ولكم وافر شكرنا وتقديرنا -
مع تحيات أسرة ملتقى معزوفات مخملية .