تشكَل القصة القصيرة بشكل عام دوراً هاماً ورئيساً في قدرتها على التكيَف مع التحولات المجتمعية النامية منها والسريعةوتمتد قدرتها الكبرى في مطاردة المتغيرات وترويض ايقاع الحياة المتسارع فتتجلى بأشكال رائعة ذات طابع فنيَ أنيق متنوعالطرح والقضايا ولعل هذا يظهر واضحاً في القصيرة جداً .. مجلة معزوفات مخملية طرحت قضية القصة القصيرة والتحدياتالتي تواجهها من خلال محور : " نجاعة القصة القصيرة في مواجهات التحديات " على مجموعة من كتَاب وكاتبات القصةالقصير فكانت هذه الآراء ..
بداية تحدث البرفيسور محمد منصور الربيعي عن القصة فقال : رغم حداثة ق. ق.ج فيالمشهد العربي والسعودي والتي سبقتنا إليها أمريكا وهكذا المغرب العربي و السوري الاان دهشة الواقع المعاصر والمتغيرحتماجعل الانسياق نحوهذا الفن الأدبي المعاصر الصعب بكم هائل جدا وحيث بدأ الخوف والامر بل والتشنيع على كتابه الا انه وفيفترات وجيزة اثبت جدارته الادبية وفي شرائح معينة لان الذائقة والنرحلة والاشخاص الكتاب المتمرسين فيه قليلون وفي الحانبالاخر ظهرت افلام تنتشر منسوبة الى القصة القصيرة جدا ولكن بدون ادوات والات ورؤية بل ودربة حتى تفيد الذائقة الفنيةلهذا اللون الادبي الصعب الممتنع النمو التصاعدي الايجابي قليل رغم الانتساب الكلمات الشعبية والاخطاء الفنية والنحويةوالحشو والتكرار بل والاطالة وعدم التركيز اوالتكثيف بالجملة يضع الباص المبتدىء في تساؤلات حتى وان اسرع بطبعمنشوراته لاتجد القبول إذا نحن بحاجة إلى تعرية النسق وتدقيق النشروالشعوربالمسؤولية الادبية تجاه هذاالتعاطي بلونالادبي القادم بقوة رغم تشوه ولادته عندبعض الكتاب المنتسبين الى دوائرالأدب من لا يقرا لكتاب اجانب وقرا في هذا الفنفالمشوار اماكن طويل تحياتي لتجليات معزوفات مخملية ثقافة وأدباً وموجهين وكتاباً .
وتحدثت الدكتورة فاطمة عاشور عن القصة القصيرة :
القصة بشكل عام فن هام ينسج المواقف و الأحداث في ضفيرة جميلة تجذب اهتمام القارئ و تلهب خياله، ويكمن جمال القصفي كونه يحكي حياة قد تمس كل منا بشكل أو بآخر ابتعد في ذلك القاص بأسلوبه أو اقترب.
و القصة قد تأتي على شكل قصة قصيرة و لها معايير عدة و شروط و هناك القصة القصيرة جدا و هي فن ليس بعتيق لهمعايير أخرى اتفق عليها أهل السرد أيضا.
بالنسبة لي فالقصة أيا كانت لابد أن تحكي حكاية ما و لاتكون مجرد مشاهد و ومضات لاطائل من ورائها، ولابد أن يتوفر فيهاعنصرا التشويق والترقب ويعتمد ذلك على حسن الأسلوب و تفرد العرض و جاذبية المفردات و مناسبة كل ذلك للمعنى المرادتوصيله و الرسالة المراد إسقاطها .
فمثلا الـ( ق. ق. ج ) و لأنها الأصعب في الصياغة و الكتابة و بلوغ الجودة فيجب أن يتوفر فيها عنصر المفاجأة و الصدمة إنصح التعبير، ولابد أن يكون فيها من وجهة نظري نسيج درامي ينبثق من فكرة مبتكرة ما ولو كان مختصرا فكثير يكتبون خواطرعادية أو مقصوصات نثرية و يسمونها قصصا قصيرة جدا.. وكثيرون من رواد هذا المجال للأسف تفتقر قصصهم لعنصرالتشويق و الفائدة بل و لا أبالغ إن قلت أحيانا لاتوجد قصة أساسا فلا عقدة و لا حدث، فيكتبون ومضة أو مشهدا أو صورةلاتسمن و لاتغني من جوع احتجاجا بأن هذا من دواعي الغموض و حرية النهايات وفتح مجال للقارئ لينطلق بذهنه، و هوتبرير هزيل في الواقع فمن حق القارئ أن يجد خط بداية ينطلق و يسبح بعده في غياهب بحر ما، أما وأن نكتب مشاهد مبتورةبمفردات غامضة و سطور بخيلة لاتمنح شيئا و لا تفي بمعنى فقط كأنها خاطرة قدحت و انتهت ففي هذا إجرام بحق الفن ذاته.
وفي الحقيقة كثيرا ما أبدأ و انتهى منها و لا أجد فيها طعما و لا نكهة كجسد بلا روح بل كجسد ممثل به بلا رأس أو قلب أوأطراف .و المثير للسخرية أن بعض تلك النصوص- مع احترامي لجميع القاصين و أهل السرد- تجد إعجابا وتمجيدا بل وينصببعضهم نتاجهم كنماذج لاتقبل الا المحاكاة و إلا أخرج ماعداها من دائرة القصص.
الكلمة فن و صنعة و صياغة الحدث مثلهما وهذه المواهب لايملكها كثيرون حقيقة وإن تجملوا بها ادعاء .
ورأت الأدبية والقاصة فاطمة سعد الغامدي :
إن القصة القصيرة جدا فن سردي حديث النشأة ،. أوجده رتم الحياة القائمة السريعة والمزدحمة بالمعلومات والأعمال مماجعلقاريء هذه الأيام لايملك الوقت ولا القابلية لقراءة رواية طويلة وتتبع أحداث سردية كثيرة متداخلة ومتشابكة ، وإن كانت الروايةأبلت بلاء حسنا في توثيق الأحداث سواء كانت حروب أو أوبئة أو غيرها كرواية "دفتر أحوال الطاعون " للكاتب الانچليزيدانييل ديفو وثقت أحداث الطاعون في لندن ، ورواية الطاعون للبير كامي والتي تشابهت أحداثها مع أحداث كورونا 2020م. ولأن صدمة كورونا والعزل والتباعدالاجتماعي كانت كبيرة ، حيث مرت الأيام الأولى ممتزجة بالحيرة والقلق ومحاولة عشوائيةمن قبل المجتمع في اجتياز هذه الفترة بالطبخ واللعب والرياضة في أماكن محدودة وبطرق بسيطة ونظرا للعزلة الإلكترونيةالتي أدت إلى تباعد الأسر روحيا بحيث أعادت كل أسرة اكتشاف أفرادها ، فبدت الأسر وكأنها عائدة من رحلة طويلة جعلتهميتلمسون ملامح بعضهم ويعيدون التواصل الفعال لم يكن لدي بعض الأدباء الوقت الكافي لكتابة رواية للحساسية الأدبيةلديهم وانتظار لحظة البدء والتي قد تكون بعدالخروج من أزمة كورونا ، فانكشفت الساحة الأدبية لفن يفرض نفسه من حيثالقصروالتكثيف وبقية الفنيات لدي من يمتلكها لتعبر عن هذه الأزمة وتوثق أحداثها وتبرز بوضوح نحو المقدمة جنبا إلى جنبمع القصة القصيرة وقصص الطفل .
فيما قالت الأديبة والقاصة بدور سعيد :
منظوري المتواضع أرى بأن القصة القصيرة جداً أعدها مشاعر مختزلة يقولبها الكاتب في قوالب من المواقف الحيوية التيترتكز على خيال الكاتب وخصوبة أفكاره ، فالكاتب قد يؤنسن الشجرة حين يحدثه حفيف أوراقها عن مشاعره ومايكتنف مسيرةحرفه اليومي وحياته الخاصة وحيوات غيره من بني البشر وسائر الكائنات الحية والجامدة ، يعبر بها عمايستثير ذكرياتهالماضية فيسقط عليها شخوصا وهميين هم بالدرجة الأولى كيان الكاتب ذاته...
وفي تعريفي الآخر قد أقول بأن القصة القصيرة ماهي إلا خواطر نفس تفتتح بعدد من الجمل في أزمنة معلومة وتختتم بقفلةخاطفة مدهشة ، وهذا الفن الوامض بات مجترحا من أغلب من يكتبون الخواطر التي تحتفي بالمواقف المصورة ويتذوقونهابصرف النظر عن فهمهم لقواعد القصة القصيرة جدا ، حتى وقع كثيرون في فخ الخاطرة النثرية وهم يظنون بأنهم يحسنونصنعا، بينما القصة لها قواعدها من حيث البنية اللغوية والتكثيف والإختزال وصنع المفارقة مع المحافظة على سلامة أحرفهاوعلامات ترقيمها ، والقصة القصيرة اليوم انتشرت في المواقع الافتراضية كانتشار النار في الهشيم من خلال كتاب كثر حيثلاحسيب ولا رقيب فنرى الشاعر قاصا والقاص والروائي يكتب الشعر ولكن يحمد للقصة أنها بنت جسوراً من التواصل معالجيل الحديث فبات أكثرهم يتواصلون مع روادها المبدعين إذ منشؤها في بادئ الأمر بأيدي عمالقة الفن القصصي الأوائل منعرب وعجم الذين استفاد القراء من ابداعهم وبنى النقاد أطروحاتهم النقدية عليها من خلال تلك القاعدة الصلبة، وقد نال عليهاكثير من كتابها ونقادها الجوائز التقديرية ولا سبيل لحصرهم إلا بالإشارة لهذا الجانب في هذي العجالة .
فيما تحدث القاص : محمد علي هادي مدخلي عن القصة القصية قائلاً :
نجاعة القصة القصيرة بنوعيها في مواجهة التحديات " عنوان ملفت ينم عن فراسة الأديب الأستاذ : فايع عسيري في اختيارهكمحور يدور الحديث حوله وكي لانسهب كثيراً ندخل في لب الموضوع مباشرة ..
يقول الكاتب الكبير ولسن ثورنلي :
القصة تقيم جسورا بين ذواتنا الداخلية وبين المستمع"
إن تطور كتابة القصة القصيرة العربية لايكاد يختلف عن مسير القصة القصيرة في العالم .
فقد نشأت بمفهومها العام مع نشأة الإنسان العربي في الجاهلية من خلال حكايا الأساطير والشعوب. وبرزت بشكل أوضحفي القرآن الكريم وإن كان ظهورها كنوع أدبي متميز يلتزم بمبادئ وتقنيات القصة القصيرة الحديثة، كان مع بداية القرنالعشرين.
ماهي تداعيات كتاب القصة القصيرة والقصيرة جداً ؟
يتطلب منا هذا السؤال الحيوي أن نقف على تباين آراء النقاد الثقات حول أركان وضوابط النص السردي المتميز ..
سألخص وفق خبرتي المتواضعة تلك التداعيات .
إن هيكل القصة القصيرة لم يتغير كثيرا، فكلها تحمل البنية نفسها.
ولكن تختلف الجودة الفنية من نص جميل لآخر أجمل وأقوى.
فعلى القاص عند كتابة القصة القصيرة أو القصيرة جدا عليه أن يهتم بالجوانب اللغوية والفنية.
مثلا / عليه الاعتناء بالموضوع .
فإنه الخيط الخفي الذي ينظم من البداية إلى النهاية، يقوم بتوليد رسالة صامتة للقارئ. فعليك أن تحدد الموضوع بدقة.
- حدد ما هو محور الصراع أو الحبكة الذي تقوم عليه قصتك..
- ابدأ الفقرة الأولى بأمر خاطف ومباغت، وابتعد عن المقدمات المملة.
-تأكد من توصيف وتوظيف الشخصيات.
- اهتم بالحوار جيداً بعيدا عن الحشو.
- اجعل القفلة قوية ومدهشة وممتعة للقارئ.
في الأخير أود التنويه إلى أن تداعيات كتابة القصة القصيرة موضوع مهم جداً يحتاج إلى أكثر من حوار ومحاضرة.
شكرا بلاحدود مجلة معزوفات مخملية أن منحتنا هذه المساحة الخضراء من التواصل .