مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
خلقت من عجوة الهدوء وزبرجد الصمت والتأمل ، ركني الخافت يبتسم حين يعانق اخضرار الأمنيات ،حينما تدغدغ الشمس وجه الصباح أو اطلالة قمر يعانق السماء صديقتي الطبيعة ، المطر والعطر والضوء الخافت أكثر الزائرين لروحي ، نحتسي كوب قهوتي فأشعر أني ثرية كنهر ماديرا ؛ لم أكن أدرك أنني احتاج الكلام حتى موت الكلام .. كان يجب أن اسأل ؛ لماذا تأخرت ياحبيبي ؟
لماذا تتأخر دائماً ؟
ماذا تأكل اليوم .. ؟
ونما الكلام والصراخ والنقاش … قدم الطفل الأول انتزع نفسي من حضن الصمت ينصت لأغنياتي ثم يناغي في شهره الرابع ، يصرخ عندما لاأتجاوب معه ، صديقي الصمت يختبيء في خزانة الحنين كبر طفلي ؛ دخل المدرسة ..
الأسئلة تتكاثر لماذا تأخرت يا بابا ؟
هلا ذاكرت ؟
ماذا قال لك الأستاذ ؟
من أصدقاؤك ؟
يزداد عدد الكلمات يوماً بعد يوم يرتفع الصوت عالياً والاختلاف كثيرا والاتفاق قليلاً !
في العمل مشاكل غياب / تأخر / اهمال / خصومات ، ثرثرة وإسئلة وصراخ وشكوى وغيبة أحيانا جيراننا عامل النظافة الحراس التلفاز الموبايل الصمت يرحل،يبحث عن فتاة مازالت تحلم بغدٍ ناعم قليل الكلام .
كعادته في رحلاته بالحافلة يجلس دائماً في المقعد الأخير يقرأ كتاباً لا يهم نوع الكتاب رواية، ديوان شعر، مجموعة قصصية، المهم أن تمر رحلته وهو بعيدٌ عن زحمة المسافرين غارقٌ في أفكاره وإن غلفها بكتاب.
فجأةً وبدون مقدمات صوت ضحكةٍ موسيقيةٍ من المقعد الذي أمامه بعثر كل كيانه سرق أفكاره من الكتاب الذي معه لينصت بشغف لهذه الضحكة لهذه الألحان الساحرة على شكل ضحكة من ثغر امرأة تجلس في المقعد الذي أمامه مباشرة، يا الله إنها ضحكتها نعم ضحكتها تلك الضحكة التي سكنت قلبه وعقله تلك التي كان يسميها معزوفة السعادة تلك التي كان يرقص فرحاً كلما سمعها كم تمنى أن يحضن الضحكة أن يرقص على أنغامها.
امتلأت عيناه بالدموع غرق في بحر الحزن من جديد
سنوات منذ أن ودعها في رحيلها الأخير سنوات منذ اختار السفر بالحافلة بصحبة كتاب ربما ينساها وهاهو اليوم بضحكة موسيقية تشبه ضحكتها يعود من جديد سجين حزنه وشوقه لها
ردد بأسى والدمع ينهمر من عينيه رحمك الله.
لظروف الابتعاث غبت عنها منذ عشرين عاما ، انقطعت ُ عنها وانهمكت في غربتي ، كل همي كيف أعود بشهادة طالما حلمت بها. حدثوني أنها تغيرت كثيرا ، قررت العودة ، فالعيش مر خارج أسوارك ياوطني عدت لأجد مدينتي يسكنها صمت مهيب ، المقاهي شاحبة لاروح فيها ولاحياة، المنازل تحولت الى قبور جماعية موحشة ، دكاكين الباعة وبسطاتهم ، أصواتهم التي كانت تتعالى هي الأخرى صمتت هنا . لم أعد أشاهد -في أكبر سوق هنا -سوى مصلحِ الدوافير واضعا الراديو على أذنه اليسرى ، وملامحه تجدُّ في محاولة التقاط أي خبر سعيد ودمعه قد ملأ عينيه اللتين تفيضان بالأسى. كل تماثيل الحب هنا هي الأخرى تحطمت ، حتى ورود الشوارع وأشجارها الباسقات باتت هذا المساء عارية يسكنها الشحوب ، يتخللها كثير من الشوك الغريب. قررت الصعود إلى التل المجاور والغابة المطلة على مدينتي ، فلربما أنعم بثغاء الخراف البيضاء وشقشقة العصافير الملونة . دخلتها من البوابة الجنوبية التي اعتدتها ؛ لأجد سلاسل الممرات قد تقطعت أوصالها صدأً . لاخراف هنا أرى ،ولارائحة ورد يخيفني من حساسية الربيع كما كنت أخشى ، بل كومات من الرماد وعويل أظنها أصوات كلاب، وكثير من الذئاب تبكي جوعا . هرولت لبيت جدي لعلي أجد فرصة أخيرة للحياة . جدي وجدتي هل أجدهما بعد عشرين عاما من الاغتراب؟! يااااااه ، هذا باب بيت جدي الصغير الذي طالما كان يجلس أمامه ليحكي لنا حكايات السندباد ، ورحلاته الى الحج ومغامراته البحر التي اعتنق فيها الواقع بكثير من صنع خياله الجميل. جدي الذي طالما دفنت وجهي الصغير في حجره كلما هم والدي بمعاقبتي لأنني لاأسمع الكلام وجدتي التي تعلقت بحكاياتها مع وعودها لي بحبات من حلوى الحلقوم جدي وجدتي لاأظنهما الا قررا الرحيل أو أن رحى الحرب اللعينة قد حولتهما الى محض رماد تذروه رياح هذا المساء الموغل في الوحشة أغادر بيت جدي العظيم . هذا باب بيته مغلق بالحديد، وعبارة مكتوبة بالدماء :- إياك أن تحلم هنا بالحياة ، قد نهب الغرباء ياولدي كل شيء. أنظر الى شجرة السدر الشامخة أمام بيته الصغير محاولا رؤية طائر جميل تمنيت أن أعرف اسمه حيث كنت هنا أسمعه يرنّم الحياة ، لكنه الآخر ربما فرّ من الجحيم ولم يبق سوى غرابٍ يتيم قد ملأ المكان بالنعيق الذي يخبر كل من جاء الى المدينة ألّا حياة باقية فيها. ينبئ الغادي أو الرائح أن الموت هنا هو السيد المُطاع . هاأنا ألملم بعضي وكلي مودعا مدينتي الصغيرة ، ونظرة مني أخيرة تملؤها الدموع ، وقلب يفيض غربةً قد استباحت فيّ كل شيء .
(إحدى القصص في مجموعة قيود طينية)
هجعَتْ و قد كُشِفَ الغِطاءُ فأبصرت ….. ما ليسَ يُدرَكُ بالعيونِ الهُجَّعِ
تفتح صالحه عينيها على صوت صياح الديك ونداء والدتها التي تطلب منها الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر. تغادر صالحة فراشها الممدود على الأرض وتطويه وتضعه في زاوية الغرفة وتتوجه إلى الحمام لتتوضأوتصلي وبعد أن تنهي صلاتها تذهب ابنة ال14 ربيعا إلى المطبخ لمساعدة والدتها في وضع الفطور الذي كان عبارة عن خبز بر ولبن مخيض وقهوة. وبعد الانتهاء من الفطور والتنظيف كان الوقت قد حان للمضي إلى العمل في الحقول حيث تسفع الشمس المشرقة الوجوه وتكسوها بسمرة القمح والدخن ولمعان السمن البلدي.و في الحقل, تمضي صالحه في عملها غير منتبهة لتلك العينين اللاتي كن يراقبنها عن كثب بنظرات امتزجت فيها الرغبة مع مشاعر أخرى زادتها حرارة الشمس وهجا . وبعد أن تنتهي صالحة من جز البرسيم وربطه وتجهيزه لينقل للمواشي هي وابنة عمها نورة تحمل كل منهما حزمتها وتتوجه إلى البيت :
نورة: لا ادري لم اكره أن امشي أو اعمل وهذا المخلوق بالجوار؟ وجوده يربكني جدا
صالحة: من تقصدين؟
نوره: وهل يوجد غيره … هذا الذي لاينفك يعزق في نفس المكان يوميا.. وكأنما يحفر بئرا لا يعزق ساقية.
صالحة: أرى وضعه عاديا … هويعمل في أرضه .. ماشاننا به
نورة: يعمل في أرضه وعينيه علينا … قليل الحياء
صالحة: لا تعيريه انتباها … امضي في دربك ولا تفكري به ولا تلتفتي إليه حينها لن تشعري بوجوده مثلي تماما.
نوره: أتمنى أن اعرف كيف لك أن لاتنتبهي له وهو يرمقك بنظرات مرعبة؟
صالحة: يرمقني انا؟
نوره: نعم انت… انه يتفحصك بتمعن
صالحه: تكذبين
نوره: اقسم بالله
صالحه: حقا …انا لم الحظه ابدا.. هل تعتقدين بانه……؟؟؟
نوره: بأنه ماذا؟
صالحه: لاشيء لاشيء
نوره: صالحه … انتبهي.. أنا اقول لك هذا الكلام كي تحذري منه.. أنا أكبر منك وأعلم منك .. كما أن أمي قد أخبرتني الكثير عن الرجال وأخبرتني بان أكون حذرة جدا منهم .
صالحة: مابك؟ أنا لم اقل شيئا . ثم انك تكبرينني بعامين فقط ولست جدتي.
نوره: انا حذرتك وكفا.. وان استمر في النظر إليك بهذه الطريقة اخبري أخاك كي يوقفه عند حده.
صالحه: وكيف لي أن اعرف أن كان ينظر إلي بهذه الطريقة أو تلك… أنت من لاحظه يا ملاكي الحارس .. إنرايته يتفحصني مرة أخرى كما قلت فاخبريني. وعلى مايبدو انت تريدنني أن اخبر عليا ليأتي ويحرسنا.
نورة: حسنا انا لم اقل اخبري عليا.. اخبري مبارك ان احببت .. هانحن قد وصلنا الى البيت … الى اللقاء … سالقاك عند العصر… مع السلامه
صالحه: في حفظ الله.
تضع كل واحدة منهن حملها بجانب الحظيرة التي كانت بجانب بيت الطين الذي تعيش فيه كلا العائلتين مع الجد والجدة والأعمام .. وتتوقف صالحه سارحة لبرهة بعد أنتدخل نورة الى البيت وتعلو وجهها ابتسامة هي ابتسامة الانتقال من الطفولة إلى المراهقة. تلك الفترة الحياتية التي لايعي فيها المراهق ما يجري حوله.وبالنسبة للفتاه هي مرحلة طفرة للعواطف الجياشه التي تحتاج الى توجيه. ابتسمت وقالت في نفسها تلك الكلمة التي لم تجرء على ذكرها امام ابنه عمها.. تلك الكلمة المحرمة التي كانت تسمعها عندما كانت تسترق السمع إلى أحاديث الكبار .. تلك الكلمة التي كانت تسمعها في الاناشيد التي تغنى في الحقول .. تلك الكلمة التي تسبب المشاكل لكل من ينطقها … قالت في نفسها “هل يعني هذا انه يحبني؟؟ ” هل يعني هذا إنني ساتزوج قريبا ويصبح لي بيت وأولاد وأغناموماشية لي لوحدي ؟؟ وهل سارتدي الشيلة والثياب الجميلة واضع العطر كما تفعل أمي؟؟ ولم لا فأمي قد تزوجت وهي في مثل سني ؟ وأنا مثلها تماما..وتسرح صالحه في خيالها حتى يقاطعها صوت نداء أمها من المنزل:
صالحه… لم تقفين عندك؟؟ ادخلي من الشمس ….
تدخل صالحه إلى البيت وهي مطأطئة برأسها خجلا وكأنما كانت تفكر بصوت عال .. وكأن أمها قد سمعت مايدور في خلجها ..
الأم: ما بك؟ لم تأخرت اليوم؟
صالحه : وهي مطأطئة؟ لم نتأخر كثيرا.. لقد تحدثنا مطولا وأخذتنا الأحاديث ولم نمش بسرعة؟
الأم: ولكن اين هي نوره؟ الم تكن معك؟
صالحة: بلى لقد دخلت إلى البيت لتوها.
الأم: صالحه انظري إلى.. ما بك؟
صالحة: لاشيء أمي. لم تسالين
الأم: أنت تبدين غريبة الأطوار وكأنما اقترفت ذنبا
صالحه: لا يا أمي والله لم افعل شيئا
الأم: إذا لم أنت خجلة هكذا؟؟
صالحه: لا شئ انا فقطططط خجلة منك وخائفة من توبيخك لاني تاخخخرررررت قليلااا …
الام: يعني كنت تقفين كالبلهاء في الخارج كي لا أحاسبك على التأخير ..
صالحه: نعم
الام: الحمد لله يا ربي… تتأخرين عن الدخول إلى المنزل كي لا أوبخك على التأخير؟؟ الحمد لله .. اشعر بالاطمئنان … اعتقدت بأنك أصبحت عاقلة فجأة.. اذهبي إلى المطبخ واعدي الغداء حتى اتيك هيا
صالحه : حسنا
تتوجه صالحه الى المطبخ وهي تحمد الله بان امها لم تكتشف سرها الذي لاتعرف الى اين سياخذها وكيف سيبدل هذا السر وجودها كله.
يبدأ الروتين اليومي لصالحه مع بزوغ فجر يوم جديد.. تستيقظ باكرا .. تصلي.. تعد مع أمها الإفطار وتنظف البيت ومن ثم تستعد للذهاب إلى الحقل لكن الروتين اليومي هذه المرة ادخل عليه بعض التغييرات. حيث ارتدت صالحه ثوبها الذي تحبه والذي قد خصص للمناسبات والتجمعات. كان ثوبا موردا ومزركشا وله رباط عندالخصر كما ان ألوان الزهور التي كانت به قرمزية طبعت على خلفيه باللون الترابي . وارتدت على رأسها منديلا قد طرزته بنفسها عند الحواف فبدت جميلة كوردة مشبعة بقطرات الندى. لقد أثرت بها نظرات الشاب وأصبحت تسترق النظر اليه أحيانا وهي تمشي. لقد أرادت أن تبدو أكثر جمالا ولربما أرادت أن تزداد نظراته إعجابا بها لتبدأ قصة الحب مع صاحب العينين النارييتين. لكن التغيير لم يسعد الأم التي صرخت بوجه صالحة قائلة : إلى أين بثوبك هذا وحلتك ؟ اتتزينين للحقل أم انك ذاهبة إلى مكان آخر؟
صالحة: لا يا أمي أنا ذاهبه للحقل
الام: الى الحقل بثوب العيد؟؟؟
صالحه: أمي انه ثوب العيد الصغير وقد فصلت ثوبا بعده .. ثم إن ثوبي الذي اذهب فيه إلى الحقل قد تمزق من الجانب الايمن .
الأم: خيطيه.
صالحه: ليس لدي الوقت.. سوف اتاخر على الحقل.
الأم: لن تتأخري على شيء . عودي وغيري ثوبك .. ثم أنلديك ثيابا أخرى قديمة غير هذا.. هذا الثوب لا يناسب الحقل ابدأ.
صالحه: أمي … انه ثوب قديم وعادي.
الأم: قلت عوودي و بدليه أو ابقي في البيت وأنا سأذهبإلى الحقل.
صالحه: أمي .. ثيابي الأخرى متسخة .
الأم : يا بلهاء أنت ذاهبة للحقل لا لحفلة عرس.. أنتتذهبين لتتسخي.
صالحه: أريد أن ارتدي هذا الثوب يا أمي.
الأم: تريدين ارتداء هذا الثوب؟؟؟ إذا ارتديه وابقي في المنزل .. اطحني الحب ونظفي المنزل واغسلي الملابس وأنا سأذهب إلى الحقل اليوم.
صالحه: حسنا حسنا أمي.. سأبدله .. سأبدله
الأم: وبدلي منديل راسك كذلك .
صالحه: حسنا
تسحب صالحه قدميها وتتوجه إلى الغرفة وتبدل ثوبها بثوب آخر فضفاض وقديم وتذهب إلى الحقل بوجه متجهم وهناك ترى صالح الذي وقف منتصبا عندما راها وهذه المره انتبهت له جيدا ورأت ابتسامته العريضةوعينيه البراقتين ووجهه الذي تعوزه النظافة . كان فتىفي الثامنة عشر من عمره . نحيل الجسد متوسط القامةاسمر اللون قد طبعت عليه الشمس علاماتها. وكان شعر وجهه قد ظهر بشكل غير مرتب فأضفى على ملامحه نوعا من القبح الواضح . لكن مع كل هذه الملامح إلا أنصالحه نظرت إليه ورسمت على شفتيها ابتسامة عريضة جدا بدت فيها أسنانها الصغيرة والجميلة بينما مشت على استحياء ناحية الحقل حيث كانت نورة تجز البرسيم .وجلست بدورها لتبدأ العمل مع بقايا ابتسامتها وحمرة خدها التي لم تتلاشى بعد.
نورة: وعليكم السلام . لم تأخرت.. انتظرتك مطولا بالباب ؟
صالحه: لا لا شيء… لقد تجادلت قليلا مع أمي .
نورة: بشان ماذا؟
صالحة: بشان ثوبي.. لم يعجبها الثوبالذي كنت ارتديه وطلبت مني تبديله.
نوره: ولماذا ؟
صالحه: لأنه ثوب العيد ولا تريدني أن أفسده في الحقل.
نوره: ولم أردت ارتداء ثوب العيد لتتلفيه في الحقل؟ أينعقلك؟
صالحه: انه قديم وساردتيه على أيه حال.. ثم أن ملابسي الأخرى متسخة او ممزقة اواو او
نوره: أو ماذا؟ أنت ذاهبة للحقل وليس للحفل . ثم أنناجميعا نرتدي الملابس القديمة والمقطعة في الحقل فما هو الجديد إذا؟
صالحه: لاجديد …… فقط اردت ان ارتدي ثوبا جديدا لاستخدمه في الحقل هل هوعيب ام حرام؟
نورة : لا لا عيب ولا حرام… لكنه أمر غريب . .. واعتقد أنله علاقة بتلك الابتسامة التي كانت تشق وجهك عندما وصلت .. وأخشى أن لها علاقة بالفزاعة التي تقف خلفنا في الحقل المجاور.
صالحه: أي فزاعة؟
نوره: بتهكم؟ اي فزاعة؟؟؟؟
ويظهر من بعيد شقيق صالحه علي الذي هو خطيب نوره والذي أرسلته الأم إلى الحقل ليطمئن إلى وضع الفتيات أثناء العمل ولتطمئن إلى سبب تغير مزاج ابنتها .
علي: السلام عليكم (مخاطبا صالح الذي جفل لرؤيته بعد ان كان سارحا )
صالح: وعليكم السلام ورحمة الله …..هلاااا والله .. كيف حالك وحال الوالد؟
علي: بخير… هل نفذ الماء من البئر؟
صالح: لماذا تسال؟ هل نفذ الماء من عندكم؟
علي: لا لكن أتساءل لم تستغرق كل هذا الوقت في حفرالبئر لوحدك؟ لم لا تطلب المساعدة؟؟
صالح: أي بئر؟
علي: هذه التي تحفرها منذ شهر..
صالح: هههههه لكن أنا لا احفر بئرا.. انا اعزق الساقية.
علي: حقا؟؟ أنت لم تبارح مكانك منذ الأسبوع الماضي؟؟ أي عزق تتحدث عنه؟
صالح: ارضي واهتم بها؟ امن مشكلة لديك؟؟
علي: لا لا معك حق فهي أرضك … تابع عملك وان خرج الماء أعلمنا كي نذبح نذرا.
ينظر صالح الى علي شذرا ولا يجيبه على سؤله بينما يتوجه علي ناحية أخته وابنة عمه وقبل أن يسلم يسألهما: هل يزعجكما هذا الفتى هناك؟ وترد صالحه بالنفي ويرافقها رد نوره بالإيجاب مما يثير حفيظة علي الذي يسال مجددا: نعم أم لا؟
صالحه: هو في أرضه ونحن في أرضنا وما شاننا به؟
نوره: انه يقف هنالك دائما كالصنم وذلك يزعجنا.
صالحه:لكن لا شان لنا به.
علي: هل يكلمكم.
صالحه : (بعجل وارتباك) لا ابداا لم يكلمنا أبدا.
نوره: لا لم يخاطبنا أبدا.
علي: إذا ضايقكم اخبروني.. سأذهب الآن فلدي عمل في الأرض السفلية ..
ويرحل علي والشك يتاكله فالرد المتنافي وتبريره لم يكونا مقنعين أبدا….
صالحة
بعد ان يذهب علي تتبادل الاثنتان نظرات العتب والغضب لما أبدينه من رد غير مناسب على سؤال علي ووسط العتب والغضب يولد جو مشحون بالقلق مما قد يكون علي قد فهم أم لم يفهم مما حدث وقد زاد وجود صالح الوضع سوءا حيث لم يحرك ساكنا وبقي في مكانه المعهود يعزق لحظه ويقف لحظات.
وفي طريق العودة إلى البيت بدأت الاثنتين حديث العتب الذي قل حده مع مرور الوقت وتحول إلى تعبير عن القلق بسبب ما حدث :
نوره: أنا لا اعرف لم قلت لعلي ما قلت ؟
صالحه: ولا أنا .. أنا لا اعرف لم قلت ذلك؟
نوره: إن ماقلته أفضل بكثير من توترك . لم كنت متوتره وكانما كنت تخفين شيئا أو كنت ارتكبت ذنبا ما؟
صالحه : لا ادري …لكني استغربت قدومه وسؤاله .. لقد ارتبكت وخصوصا بعد الذي قلته لي البارحه… اعتقدت انه ربما يعرف شيئا عن الامر.
نوره: أي أمر ؟؟
صالحه: الامر الذي تحدثنا عنه البارحه.
نوره: لكنه لاشيء.
صالحه: إذا لماذا قلت بأنه يزعجنا لعلي إذا كان الأمرلاشيء.
نوره: لا ادري.
صالحه: اذا هو شيء ولو لم يك كذلك لما حدث ماحدث؟
نوره: حسنا حسنا لقد وصلنا اجلي ذلك إلى الغد ..
صالحه: لا لن نفترق حتى نتفق على ما سنقوله لاهلنا.
نوره: نقول ماذا عن ماذا؟
صالحه: اسمعي …. عندما تسألني أمي مثلا عن ماحدث ماذا أقول؟
نورة:قولي لها الحقيقة.
صالحه: هل اخبرها بما حدث بيني وبين صالح؟
نوره: اسكتي …. اخفضي صوتك يا حمقاء… مالذي حدث بينكما ايتها الحمقاء؟
صالحه: النظرات والتفحص والابتسامات وغيرها .
نوره: حمقااااااء كفاك تفوها بالترهات .
اسمعي اخبريهم بان صالحا يقف في أرضه كثيرا وأننانشعر أحيانا بالخجل من وجوده لا أكثر
صالحه: لكني لم انتبه لذلك ولم اخجل بل أنت انتبهت وأنت أخبرتني .
نوره: لا باس قولي لهم ما قلته لك وينتهي الأمر .
صالحه: حسنا اتفقنا …
نوره: وتذكري ان شيئا لم يحدث اطلاقا وان صالحا لم يكلمنا ولم يتعرض لنا اطلاقا .
صالحه : حسنا اعرف ذلك .
نوره: الان ادخلي الى البيت .. يجب ان لا نتاخر .. هيا اذهبي .
وتدخل صالحه الى البيت لتجد امها واخاها علي في انتظارها وقد بدا عليهماانهما كانا ينتظران قدومها مع سيل من الاسئلة:
صالحه: السلام عليكم
علي :وعليكم السلام… تعالي واجلسي … اخبريني مالذي يحدث في الحقل؟ اخبريني ولا تكذبي علي … هل يضايقكم صالح .. هل يتحرش بكم ..وان كذبت عل وقلت بان شيئا لم يحدث فساسلخ جلدك عن عظمك لاني رايت اليوم مالم يسرني.
صالحه: وهي تبكي ( انا لم افعل شيئا والله العظيم) لم افعل شيئا هو الذي ابتسم اولا . اقسم اني لم اقصد .. نوره هي من قالت لي .
الام: ماذ تقولين؟؟ ماذا فعلت؟
لا تستطيع صالحة الكلام وتشرع في البكاء والنحيب من شدة الخوف من علي الذي امسك بيدها بقوه وبدا يلويها بقوه
علي: اخبريني منذ متى هذا الامر؟
صالحه: أنا لم افعل شيئا .. اقسم . أنا لم انتبه.. نوره هي من نبهتني وقالت لي أن انظر .. والله لم افعل شيئا
وتضرب صالحه ضربا مبرحا من أخيها الذي لا يتوقف عن ضربها حتى مع توسلات أمها له بالتوقف كي تفهم منها ما تقول ..
علي: آلا تسمعين ما تقوله ؟ إلا تسمعين؟ ونوره الأخرىعلاجها عندي.
الام: توقف يا ولد لا نريد للامر ان يكبر ولا نريد أن يعرف والدك بالأمر.. دعنا نرى ما لذي علينا فعله
علي: سأقتل ذلك الأحمق… سأقتله لا محاله.
الأم: كف عن التهديد واخرس … دعنا نرى مايمكننا فعله.. واياك ان تذهب لصالح أو ان تمسه ولا تحدث أحدا بالأمرأبدا ؟ هل سمعت ؟ ولا احد.
علي: حسنا …ولكن أدبي ابنتك وان كانت قد اخطات فسوف ادفنها هاهنا.
صالحه: انا لم افعل شيئا والله .
الأم: اخرسي يا حمقاء .
اخرج انت الان ودعني ارى ما انا فاعله … اخرج دعني افهم مالذي حدث بالضبط
وبعد ان يخرج صالح مغاضبا تبدا الام الحوار مع ابنتها قائلة: لم اردت ارتداء الثوب الجديد اليوم؟ اخبريني؟ هل كنت على موعد معه؟
صالحه: لا والله يا أمي . أنا لم اكلمه مطلقا
الأم: إذا تكلمي ..ماذا حدث بالضبط؟
صالحه: لقد قالت لي نوره بانه ينظر الي دائما فاعتقدت انه … انه… وتبكي بحرقه
الأم: انه ماذا؟
صالحه: اعتقدت فقط والله اني اعتقدت فقط
الام: اعتقدت ماذا؟؟؟ اجيبي
صالحه: اعتقدت انني ساصبح اما مثلك ؟
الام: ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مالذي حدث بالضبط ؟؟؟؟؟؟ تكلمي؟؟؟ هل حدث شيء بينكما ؟؟ تكلمي
صالحه: نعم .
الأم: ياويلي … ياسواد وجهي … ياسواد وجهي . متى حدث ذلك ؟ تكلمي
صالحه: لا ادري .. هو الذي بدا أنا لا ادري متى حدث ذلك؟
الأم: وهل تعرف نوره بالأمر؟
صالحه: نعم .. تعرف كل شيء
الأم: تضربها وتصفعها بشده …سود الله وجهك … ماذا سنفعل الآن .. ماذا سنفعل ؟؟
صالحه: أمي لكن أنا لم افعل شيئا .. وتصمت صالحه بعد إن تعاجلها أمها بصفعه مدوية على خدها .
وتخرج من فورها متجهة الى بيت شقيق زوجها لتطلب من نورة المجيء لمساعدتها في أمر ما وحين تدخل نوره تفاجأ بصالحه منزوية في زاوية الغرفة وقد ضربت وبكت حتى شبعت .
الأم: اخبريني هل ما قالته صحيح؟ هل أنت من لفت انتباهها للأمر؟
نوره: نعم صحيح يا عمه لكن لم يحدث شيء أبداصدقيني . فهو يقف في أرضه ولا شان لنا به
الام: لا شان لكم به… اذهبي إلى بيتكم ولا تخبري أحداأبدا بما حدث وان سألتك أمك عن سبب استدعائي لك قولي بأنني انقل الفراش من غرفة لاخرى واحتجت لمساعدتك في حمله..اذهبي.. سود الله وجوهكن.
تنظر نورة الى صالحه التي كانت ترتجف.. ماذا قلت ياصالحه.. مالذي قلته…
الام: قالت ما يكفي. اذهبي أنت الآن هيا
نوره: يا عمه لم يحدث شيء صدقيني
الام: وما يدريك أنت؟ إذا كانت هذه الحمقاء لا تعرف متى حدث لها ماحدث….. ياويلي . ياويلي وياسواد ليلي
نوره: صالحه ماذا فعلت؟
صالحه تنظر بعين ملؤها الالم الى نوره وتقول لها لا ادري والله لا ادري وتغادر نورة مصدومة وملؤها الشك والارتياب والتساؤل؟ ماذا حدث ومتى حدث ذلك؟ معقول أن صالحه فعلت ذلك؟؟؟؟ معقول؟؟ لا اصدق
وفي تلك الليلة يجتمع الأب والأم بعلي اجتماعا مغلقا ينتهي بقرار حاسم يقضي بان علي عليه أن يأخذصالحه لزيارة الطبيب في القرية المجاورة ليعالجها من مرض الم بها فجاه وان هذا المرض فتاك إلى درجه انه لم يمهلها إلى أن تصل إلى القرية المجاورة وان وفاتها قد حدثت في الطريق. وبالنسبة لصالح فقد انتهى من عزق الساقية أخيرا وسافر هو الآخر إلى مكان غير معروف . فيقول البعض انه قد ترك القرية وغادر إلى المدينة بحثا عن عمل ويقول البعض الآخر بأنه غادر ليلا دون أن يأخذمعه أي متاع وان أخباره قد انقطعت كليا عن أهله .أمانوره فقد تزوجت بسرعة من علي بعد عودته من رحلته إلى القرية المجاورة بشهر واحد وما تزال تلك النظرة في عينيها والسؤال ذاته يحيرها متى وكيف وأين ؟؟ ومتى فعلت صالحه ما فعلته وماذا كانت تريد أن تقول لها عندما نبهتها لنظرات صالح؟ ماذا كانت تلك الكلمة التي لم تقلها وكانت سببا في سفرها دون رجعه؟
1