مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
ذكرى تأسيس المملكة عام 1139هـ هي ذكرى الأساس الذي قام عليه هذا الكيان الشامخ الذي يضم على ثراه الطيب أطهر البقاع المقدسة: الحرمين الشريفين، وهي ذكرى انطلاقة الوحدة الوطنية التي جمعت أشتات الوطن في بوتقة واحدة، وهي أيضًا ذكرى اليوم الذي سطّر فيه الاباء والاجداد أقوى وأروع ملاحم البطولة والتضحية والفداء لهذا البلد الأمين الذي ضرب المثل الحي في التغلب على الصعاب وتفعيل كافة إمكاناته للحفاظ على الأمن والاستقرار والأمان على ربوعه في ظل راية التوحيد وتحت قيادة رشيدة مخلصة آلت على نفسها أن تكرس جهودها في خدمة الوطن والمواطن وتحقيق المصلحة الوطنية العليا في أجل معانيها. والمتتبع للمسيرة السعودية عبر أطوارها الثلاثة لابد وأن يلاحظ أن تمسكها بالعقيدة الإسلامية واتخاذها القرآن دستورًا للبلاد، أضفى على الكيان بعدًا إنسانيًا تمثل في العديد من المظاهر، حيث ضربت بلادنا المثل الأعلى في المشاركة الوجدانية والشراكة الإنسانية مع مجتمعها الدولي، واعتبر ذلك في حد ذاته أحد عوامل نجاح التجربة السعودية وثباتها واستمراريتها.
اليوم ونحن نعيش في هذا العهد الزاهر في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مواصلين مسيرة العلو والتنمية والبناء في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية والصحية والتعليمية والسياحية وعلى كافة الصُعد لتحقيق رؤية سمو ولي العهد2030 التي ستجعل المملكة في طليعة الدول المتقدمة – اليوم نشعر بالفخر والسيادة والاستقلالية في كل ذرة من كياننا، عندما نرى بلادنا العزيزة وقد توجت كل تلك الإنجازات- وبعد أن تخطت عتبة الأحلام بعد أن حولتها إلى حقيقة على أرض الواقع- بتقديم رسالة إنسانية رائعة لمجتمعها الدولي، تمثلت في دعم ومساعدة وإغاثة المستضعفين في بقاع الأرض على مدى عقود وسنين طويلة، مما يجعلنا نفخر بانتمائنا لهذا الكيان.
فعطاء المملكة الإنساني السخي من أجل إغاثة المنكوبين والمتضررين من الكوارث المختلفة في العالم عامة، وفي الدول العربية خاصة، في إطار دورها الإنساني والإغاثي، وكرم حكومة وشعب مملكة الإنسانية، لا يحتاج إلى إثبات، فدعمها الكبير والمشرف لتقديم المساعدات الإنسانية جعلها تتصدر الدول المانحة في قطاع تقديم المساعدات الإنمائية والإنسانية، وتأخذ موضع الريادة في الأعمال الإنسانية على مستوى العالم، وهو ما تمثل مؤخرًا في صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إطلاق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ،الحملة الشعبية عبر منصة “ساهم” لمساعدة المتضررين من الزلزال العنيف الذي ضرب مؤخرًا “سوريا وتركيا”. كما أطلقت مملكة الإنسانية جسرا جويا إغاثيا و فرق إنقاذ وتدخل سريع وفرق طوارئ طبية وتطوعية سعودية ، ومساعدات طبية وإنسانية بصورة عاجلة لتقديم مساعدات صحية وغذائية ولوجستية وإيوائية ، للتخفيف على الشعبين السوري والتركي من أسوأ زلزال مدمر، خلف دماراً مروعاً وخسائر فادحة في الأرواح ، والممتلكات وآلاف القتلى والجرحى إضافة للأضرار المادية.
ويأتي هذا الموقف للمملكة استمرارًا وانسجامًا لمواقفها العديدة السابقة في هذا المضمار، إيمانًا منها بأن عملها الإنساني لا يرتبط بأي اعتبارات أخرى، وذلك انطلاقاً من دورها الإنساني والريادي تجاه المجتمع الدولي في شتى أنحاء العالم، واستشعاراً منها بأهمية هذا الدور المؤثر في رفع المعاناة عن الإنسان في كل مكان، ليعيش حياة كريمة، فإنسانية السعودية حاضرة في مثل هذه المواقف دائما وأبدًا بشهادة المجتمع الدولي ومؤسساته وهيئاته.
إن نظرة وقراءة سريعة لمنصة المساعدات السعودية تجعلنا ندرك حجم العطاء الذي تقدمه المملكة لكافة المنكوبين من جراء الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وما إلى ذلك، بالإضافة إلى تقديم المعونات للعديد من الدول العربية والأجنبية والتي يأتي في مقدمتها 6 دول عربية وإسلامية هي مصر واليمن وباكستان وسوريا وفلسطين ولبنان، بما مجموعه حوالى 56 مليار دولار. ويمكن القول – استنادًا إلى ما سبق – إن البعد الإنساني في سياسة المملكة يشكل أحد ثوابتها ومبدأ أساس في سياستها الخارجية، ودليل على أنها دولة محبة للسلام ومتوائمة مع مجتمعها الدولي.
هما قطب الرحى في حركة مجتمع يعيق نفسه بنفسه
أجد المبالغة في اعتبار العادات شئ من التناقض مع الإيمان ، والمبادئ خصوصا في المجتمعات التي تعلن التدين.
دعوة الأنبياء ماهي إلا خروج بل ثورة على العادات ، والأعراف .
مقولة(العادات محكمات)وهي سائدة ليست بمنطوقها…
وما تحريم الخمر في الإسلام ، وغيره من الأديان السماوية ! إلا شاهد على كيفية التعامل مع العادات ، وإلا لما حرم الخمر على قوم اعتادوا علية ، وتعارفوا وغير ذلك من الكوارث المتأصلة في المجتمعات التي ضلت.. ولكي ننهض من جديد لابد أن نتفاعل تفاعلا ايجابيا مع العادات ، والأعراف وإلا سنبقى خلف الركب نتقمل
إن أكبر خطأ ثقافي لازم مجتمعاتنا هو أن العرف دين أو جزء من الدين يلزم مراعاته وجوبا .
الكون أسرار وغموض لانهاية له، حيث الإبداع الإلهي يتجلى في ملايين الصور والمواقف والتكوينات.
هذه الأرض والتي ينتهي عندها حدود علم الإنسان بوجود الحياة، إذ أن من الممكن أن تكون هناك عوالم أخرى بمخلوقات مختلفة وأنظمة مغايرة فالله الخلاق قادر على كل شيء.
دعونا نبقى مع أرضنا فما بُثّ فيها من عجائب يكفينا ويفيض..
وكم أتعجب لنهم البشر لغزو الفضاء وهناك من أسرار أرضهم مالم يقدروا على فك شفرته وحل عقدته.
من هذه العقد كارثة الزلازل، إذ فشل ذاك المتشدق بعبقريته من الوصول لآلية تحدد مواعيد متوقعة لها، عرف العلماء إمكانية مكان حدوثها لكن وقتها مامن جهاز يرصد ولا قانون يحسب فيتجلى الموعد المتوقع .
الأرض – والذي قرر الله تعالى أن خلْقها والسماء أكبر من خلق الإنسان- تظهر يوميا دلائل تدل على مدى وجود الإتقان في خلقها وإنشائها.
الأرض جرم عجيب غير متوازن من حيث الجوهر والمظهر، فلبّ الأرض جحيم مستعر كمرجل عملاق وقشرتها أرض ثابتة، ويبطن القشرة طبقة صخرية؛ هذا الاستعار المستمر يحاول مستميتا إذابة ذاك الصخر المحيط لكنه لو ذاب لتمدد ، وربما انفجرت الأرض وحالت إلى أشلاء وشظايا تتبعثر في الفضاء، لذا كان المتنفس الوحيد لهذا الغضب المزمجر باطنا هو زفير يطلقه باطن الأرض على هيئة زلزال أو بركان، فالزلازل والبراكين وإن كانت من آيات الله وهناك آثار في السنة تؤكد كثرة الزلازل في آخر الزمان وعمر الفاروق أشار إلى ربط ذلك بالمعاصي والفتن ، ولكن أيضا جعل الله لحدوثها تفسيرا علميا منطقيا لا يتعارض مع كونها آيات من عند الله.
أحبتنا في سوريا وتركيا استيقظوا قبل أسبوع على هلع يخلع القلوب وامتلأت القبور موتى من جرائها ورصدت آلاف الحكايا الموجعة لأطفال نجوا وأسر طُمرت ونزفت قلوبنا ألما معهم ومن أجلهم، ولا ملجأ لنا سوى من أوجد الزلازل ليرفع عنهم همها وشرها ويصلح حالهم.
عودة إلى أرضنا المحيرة، أتعجب لغرور الإنسان الذي فرح بالهرولة بين الكواكب ورصد البوابة الأخيرة في الكون ولايزال عاجزا عن معرفة متى تنشق الأرض تحت قدميه وتهتز وتميد فتبتلعه!!
يدلي العلم بسر خطير عن الصفائح التكتونية والتي تربط قشرة الأرض بعضها ببعض كلعبة القطع أو ال “puzzle” ، إذ تتحرك هذه الصفائح تبعا لحركة الطبقة الصخرية تحتها والمتأثرة بالحرارة الهائلة للجوف الملتهب ، والحركة بين هذه الصفائح بأنماط عدة يؤدي لحدوث الزلازل.
يا لهذا الإبداع والتعقيد الدال على عظمة الخالق وضآلة الإنسان.
ومن العجائب اكتشاف توقف لب الأرض وانعكاس دوران محورها مما فسره البعض بأنها بداية النهاية وطلوع الشمس من مغربها.
وكثرت الشائعات؛ وانتشرت الفتاوى العلمية والتوقعات، وفي نهاية الأمر علينا أن نسلم أن هذه الأرض بل الكون الذي هي نقطة في أفلاكه إنما تدار بنواميس خالقها، نتوسله فيرحم وندعوه فنَسلم .
فهاك فتاة ترطب جفاف حلقها بقطرات مطر انزلقت إليها بين أكوام حجارة السقف الذي وأدها، وتلك أم يتوقف قلبها وينبض آخر لطفلتها الهاربة من برودة جسد يموت لدفء حياة تبدأ، وذاك الذي عاش أسير سقف وجدران بيته في تابوت إلزامي لأيام ظنها سرمدية، كيف يشعر الإنسان الأعزل حين تغلفه الحجارة من كل جنب ويعيش أياما تصادق أذنه نبضات قلبه ونيسا، والجوع يقرص والبرد يلسع والظلام يجثم ماردا على صدره، وقد يشق الصمت أصوات المنقذين عن بعد في انتظار متأمل ليد تسحبه من مملكة الحجارة المحيطة .
سجن هو قبر نجا منه البعض والبعض قضى الساعات حتى تلاشت علامات الحياة والعين ترمق كسير الحجر ونتوء الحديد، ما أبشع ما خبره كلاهما : الناجي والهالك، رحماك ربنا.
الأرض ما بين شاعرية سطحها في لوحة غروب الشمس وبهاء قوس قزح وبين سعير جوهرها تكمن شفرة هذا الكون الجامع بين المتناقضات، فروعة تتلألأ من صهير وجمال يسحر من هدير .
وصدق البيان “سبح لله مافي السموات والأرض” ..
الجرم الأزرق يحتضن رعاياه ومابين شهيقه وزفيره قد يقصف ويؤلم وقد يسعد وينعم .
ليس كل من قال أفاد،
ولا كل من تحدث نفع،
ما كل من انهمر
سيلا أنبت كلأً وأجاد ،
وليس كلّ كلامٍ كلاما.
كثيرون يكتبون نصوصا مكررة..
عبارات معادة ..
ألفاظا تشبعت مللا..
وصايا قُتلت تنظيرا.
ساد هرجٌ ومرج في سوق الكتابة، فكثر الكتّاب وانحسرت الجودة، صاحب الإبداع يتأوه وجعا مما يرى ويقرأ من حثالة النصوص وضحالتها في عصر كثرت فيه البضاعة وفاضت معه الرداءة.
كتّاب المقال على أنماط خمسة:
نمط يكتب مقالا بسيطا متواضع الأسلوب مباشر الغرض، ضعيف المستوى لغة ومبنى هزيل الأركان صياغة ومعنى .
آخر يكتب مقالا طيب المحتوى نبيل الأفكار لكن بالمضمون ذاته الذي استهلك بحثا ومن ذات الزاوية التي فرغ منها آخرون وبألفاظ مكررة وعبارات تقليدية لا إبداع فيها ولا جِدّة.
ونمط ثالث يكتب مقالا جيدا حسنا ولكنه يظل يدور في مضمار المعهود ما بين الواقعية والخيال .
أما النمط الرابع فكاتب مبدع يكتب قطعة جميلة تتسم بالحسن والبراعة.
ومع كل نمط من هؤلاء يقل عدد المجيدين فكتاب المقال الهزيل غثاء كغثاء السيل ثم وبعلاقة عكسية كلما زادت جودة المقال قل عدد المبدعين فيه.
وهناك نمط إضافي تقوده قلة من صانعين ويروده ندرة من مبدعين ، يسوق فكرا عتيقا لكن بزوايا غير مسبوقة وأسلوب يفغر الشفاه إدهاشا .
إذ أنه يخرج تحفة فنية متكاملة الأركان من محتوى بديع وصياغة فريدة وأسلوب متفرد وتحليل مبتكر وقالب يرفل في عبقرية البيان العربي، فاللفظ مقنن في تناغم مع سمو المعنى، والسياق يموج تيها بين بحور البديع وجمال المبنى، والفكر المتقد والحِكم المدهشة والأغراض العميقة وفي مجالات عدة مابين حكمة ومعلومة وخبر وزينة أدبية.
يقرؤه فقير التميز فلا يدرك قاعه، ويتجرعه سائغا ذو الذائقة والوعي فيجده سلسبيلا، خمرٌ حلالٌ تناوله ، زلالٌ لشاربه، يخرجه من سحارة محفوظاته الثمينة كجوهرة يمتع نظره بوهجها بين الفينة والفينة، ويتلذذ بقرائتها نصوصا خالدة لينتفع ويستمتع.
وهذا النمط قلة القلة وندرة الندرة .
ألا إن هناك نمط سادس، يتزعم النمط الأخير ويترأسه.
فلكٌ يسكنه كوكب دري واحد، تسوسه امرأة ذات زخم وتعدد، تكتب نصا فينعكس وهجا درّي الوضاءة، لا يدانيها نجم ولا يباريها تابع
من قمر، فالحرف ينيخ ركابه لتمتطيه والوهج يخفت حبا وكرامة لتذكيه بنفث سحرٍ يدهش هاروت بلوغا ويربك ماروت سطوعا، مُشعلا فتيل الإمتاع الأدبي والفكري.
جمهور هذه الأخيرة ندرة، ومدركو أطايب نضير مقالها قلة، فالثلة يتبعون السهل الغث، والسمين يتطلب نخبة تعي وتفرز العطور وفق عبق زهورها، وهؤلاء على قلتهم صفوة مُتخِمة تجزئ المائة منهم عن ألفِ ألف .
إن لم تحدس كينونتها فانظر خاتمة هذا المقال،
إذ تُذيّل باسمها هذه الجمانة التي تكشف خفوت الباهت من نتاج الأنماط الأخرى، فالأبلج أغرٌ يأتلق والأدهم أسحمٌ لا يكاد يُرى إعتاما وغورا.
وقد ينتقد أحدهم تباهينا هذا ويعده نرجسية وغرورا، لكن معاذ الله فالفخر لأهل الفخر بدواعي فخرهم ليس كبرا ممقوتا، بل إحقاقا وإنصافا وقدرا مستحقا.