مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
لا أنسى اليوم الذي تذَكَّرتُ فيه الجدَّة فاطمة؛ أنَّني فارغًا من الكيروسين ـ (القاز) ـ وأرسلتني لجارتنا مع حفيدها، لتضع لي القليل منه.. عند وصولنا لبيت الجارة جلسنا في غرفة الضُّيوف ننتظر قدوم السيِّدة.. ثمَّ أخذتني الخادمة وحيداً معها لمكان التعبئة.. ونحن نسير شاهدتُ أقراني فوق مناضد جميلة شامخة في أركان متعددة من المنزل..
أقراني حديثو الصنع.. دهنت زجاجاتهم بألوان زاهية، من النَّوع الذي يعمل بالبطاريَّات.. حين رأيتهم؛ خِفْتُ أن يستهزئ بي أحدهم عندما يراني بعتمة السَّواد الذي يُشمِّع زجاجتي..
وصلنا لمكان التعبئة بسلام خالي من السخرية والاستهزاء.. أمسكت الخادمة بمقبض المفتاح بكلِّ نعومة وأدارته حتى نزعته من مكانه.. وسكبت الكيروسين الصافي اللون الذي أشعرني بالانتعاش.. وبالارتياح.. فهم دومًا يشترون الكيروسين الأصليِّ.. وليس المُقلَّد الذي عادة ما يكون في منزل الجدة فاطمة.
بعدها عدنا.. ووجدنا الجدة في انتظارنا.. تناولتني من حفيدها ووضعتني على طاولة صغيرة بالصالة.. وجلست أمامي تحمل قطعةً من القماش خشن المَلْمَس.. وظلَّت تمسح زجاجتي المُتَّسخة بكل قسوة..
من شدة المسح بين يدي الجدة حزنت كثيراً.. فطارق لم يتركني بصحبة الخادمة ولو للحظة؛ لتقوم بتلميعي بلطف ونعومة كالمرَّة السَّابقة.. وتعذَّر بجدَّته المُتعجِّلة لعودتي لها.
شعور رائع أشعر به وأنا بين يدي الخادمة.. وهي تبعد الزُّجاجة جانباً.. وتضعها على قماش ناعم.. وتأخذني؛ لتفرغ منِّي الوقود القديم أوَّلاً.. ثمَّ تُعيدني، وتبدأ برشِّ محلولٍ أبيض عليَّ.. بعدها تتركني قليلاً.. ثمَّ تعود وتمسح كلَّ جزء مني بعناية فائقة.. وتعيد الزُّجاجة بعد تلميعها برقَّة.. ثم تسحب الشُّعلة بلطف للأعلى قليلاً.. وكأنَّها خُلقَت لترعاني.. لدرجة أشعر وأنا بين يديها أني أعيش في المكان الخطأ.
ولي مع حفيدها طارق مواقف لا تنسى.. فقد اعتاد تفريغ كلَّ ما في داخلي من الوقود صباحاً.. قبل أن تستيقظ جدَّته فاطمة.. ليتمكَّن من الذَّهاب بي لبيت الجيران مُتسلِّلاً عبر مزرعتهم، لقطف بعض ثمار البرتقال.. فهو السَّارق الذي يجهلون هويته.. وأنا الذي أدفع الثَّمن إنابة عنه !.
لازالت الجدَّة تتفحصّ زجاجتي، بعد نفخ الهواء عليها من فمها.. وتبدأ بالمسح.. كم هي سعيدة، سيَّما أنّها تشعر بقليل من الدفء في هذه الليلة.
أمسيتُ أكره الحياة في بيت الجدة فاطمة الفقير.. ففي المساء يتجمَّع الأطفال قبل أن تبدأ الجدَّة بإشعالي لأنير لهم المكان.. وتبدأ المجادلة فيما بينهم عليّ حتَّى يخرج نصف ما في داخلي من الوقود.. ولو سبقتهم الجدة بأخذي؛ سأنْعَمُ بقليل من الهدوء.
في كل مساءً يتجمَّع الأطفال حول مائدة وُضع عليها من بقايا خُبز الصَّباح.. وصحن لبن صغير تُعِدَّه الجدَّة كلَّ ليلة للعشاء من مِعْزَتِها العَرْجاء.. أشعرُ بالأسف أحيانًا.. وبالضجر أحيانًا أخرى.. ينام الجميع.. وأظلُّ أشتعلُ إلى أن تتفحَّم فَتْلَتي المُبلَّلة.. ويزداد اضمحلال زجاجتي.
أشعر أحيانًا وكأنِّي مُدخِّنٌ سِكِّيرٌ.. تسخُن قاعدتي حتَّى أشعر أنِّي لا أكاد أطيق نفسي.. هكذا أعيش مُنفردًا طوال ليالي الشِّتاء الباردة في هذا البيت.
رغم موتي.. لا أنسى الموقف الذي تسبب بموتي.. حين رأى صاحب المزرعة طارقًا؛ لحظة ألقاني على الأرض وفَرَّ هارباً منه.. حينئذ ترجل صاحب المزرعة من عربته.. وانطلق نحوي بغضب.. رفعني فوق رأسه.. ورمى بي بكل ما يملك من قوة خارج مزرعته.. بعد أن بصق على زُجاجتي المسكينة.
قرب المساء وعاد طارق ليتفقَّدني.. فوجدني مرميًّا خارج سور المزرعة.. وقد فارقت زجاجتي الحياة.. شظاياها متناثرة حولي.. حين شاهدني؛ سارع لالتقاطي لكي يعيدني للمنزل خوفًا من جدَّته.. لكن قدمه اليُسرى أصابها جرحٌ غائر جراء دعسه على جزء صغير من زُجاجتي المهشمة.. فجلس بجانبي مُتألِّمًا، والدماء تنزُّ من قدمه.. فقام وحملني هو الآخر ورماني بغضب مسافة أبعد أوصلتني للشارع العام.. لينتهي أمري مهشَّمًا تحت عجلات عربة مرَّت من فوقي مسرعةً.. وكلَّ ما بقي من جسدي كومة حديد مُلتوية تسأل كل ظل يمر من فوقها:
ـ هل افتقدتني الجدة ؟ـ ومن سينير عتمتها وأحفادها بعد اليوم ؟!!.
اعتاد مسعود أن يتجول في أزقة المنامة، خاصة في محيط السوق القديمة، بعيون مثل عيون قط رمادي، كانت تتسلق على المباني القديمة. يتشمم عطر الأزقة الطازجة في أيام الجمع، تبحث عيناه عن التفاصيل الصغيرة هنا وهناك، يمتص تفاصيل البيوت والعمارات القديمة، تُمشّط عيناه الأرصفة، والعتبات، يُصافح الأبواب القديمة، يربت على مقابضها بِحنّية.
ذات صباح وهو في تسكعه اللذيذ، لحظ شيئا جديدا، فقد كانت إحدى غرف العمارة المقابلة لعمارة تاجر البطاطس، كانت مشروخة الجدار، تبين أنه صدع عميق، بعمق إصبعه الصغيرة، هكذا قاسه في خياله، ثم أخذ يفكر في تلك الغرفة، ” ربما يسقط الجدار في أية لحظة، علي أن أتوخى الحيطة والحذر، فالجدران لا تمزح مع الأطفال عادة”. هكذا كان يُحدث نفسه.
في الجمعة الثانية مر على نفس المكان، يبدو أنه يٌحب التجول في هذا الزقاق كثيرا. وجد الغرفة وقد سقط من جدارها بضعة أحجار، تكونت فجوة بحجم دائرة صغيرة، تكفي لأن يدخل فيها بجسمه الصغير، أخذ ينظر إلى داخل الغرفة، تخللت عيناه إلى أكبر قدر من الرؤية الُمتاحة. كانت توجد شرائح كبيرة من الاسفنج الملون والذي تُصنع منه مَراتب الأسّرة، كانت مرصوصة بعضها ببعض، وكانت ألوانها متعددة، لاحت له مثل ألوان الفرح، مثل قوس قزح، واحدة صفراء، تليها زرقاء، و ردية، وخضراء وبصلية، كان يرى الألوان بسنوات عمره الصغيرة، فيؤثث أحلام صباحه بفرحة غامرة، ” آه، لو أظفر بواحدة، لأ خذتها معي لتصبح لي منامة جديدة، أصفها بجوار مرقد أخي القطني وأباهي الجميع بهذه المرتبة الاسفنحية الزاهية”. دوى صوت سقوط بعض الأحجار، عاد سريعا على وقعه إلى واقعه. قفز بسرعة مُبتعدا عن الجدار، وفي ثواني، رأى بأم عينيه زاوية الغرفة وقد تهاوت كالركام فَسّدت الزقاق.
أخذ ينظر إلى الأعلى، أصبحت الغرفة مكشوفة، تَبين أنها مخزن لعشرات المراتب الاسفنحية الملونة، التهب خياله، ” يا الله، كل الألوان موجودة هنا، ولكن كيف يُمكنني أن أصعد إلى الأعلى؟”. كان يفكر في هذه الفتنة التي تكشفت أمامه كفتاة جميلة. ظل يُشاهد المكان ويبحث في رأسه عن حل لهذه الرغبة المشتهاة، رغبة الظفر بواحدة من تلك المراتب.
وهو ينظر بحسرة إلى ألوان المراتب الزاهية، خطر الحل في باله، فتلقفه بسرور،” الحل في السُلّم، سُلّم والدك الخشبي، يمكنك الصعود به إلى الغرفة وتناول حلمك، بكل بساطة، اقبض على حلمك قبل أن يَفرّ”. استبشر بهذه الفكرة، ولكن تَوّلدت صعوبة أخرى، لن يستطيع حمل السلم بمفرده، يحتاج إلى من يساعده، فكر في الأمر، لم يجد غير صديقه سالم، لذلك، عندما رجع إلى البيت أخذ يفكر في مفاتحة صديقه في المساء. بعد صلاة العشاء كان يطرق باب صديقه، ولحسن الحظ، فتح سالم الباب، صافحه، ثم بدأ يقص عليه الموضوع:
_ اسمع ياصديقي، وجدت مغامرة شيقة، وأردت أن أشركك فيها.
برقت عينا سالم:
_ تعرفني، أنا أشتاق للمغامرات مثلك.
_ الموضوع سهل ولكنه ممتع، سوف نحمل السلم الخشبي معا، ونتوجه صباح الجمعة القادمة، إلى حيث نعانق الأحلام الملونة.
لم يفهم سالم حرفا مما قاله صديقه، مغامرة، ثم، صارت أحلام، وهل نحتاج إلى سلم لاصطياد الأحلام؟
_ لم أفهمك ياصديقي.
_لا عليك، سوف ترى بعينك، الغرفة الُمهدّمة، وهناك، ألوان السعادة تنتطرنا.
_ أية ألوان؟ هل هي فزورة، من فزوراتك الأثيرة؟
_ ليست فزورة ولا أحجية، سوف نصعد للغرفة بهذا السلم ونتناول الاسفنح الملون، لي واحدة ولك واحدة، هل فهمت الآن؟
_ يعني نسرق الاسفنج.
_ لا نسرق ولكن الغرفة ستندثر قريبا تحت الركام،يبدو إنها مهجورة وحرام أن نُضيع فرصة كهذه.
_ فعلا حرام، إذن نتوكل على الله.
_ أراك صباح الجمعة.
_ سوف تراني منتظرا أمام داركم.
ودع مسعود صديقه والفرحة تملأ روحه، وبقي يعد الأيام حتى جاء يوم الجمعة. استيقظ مبكرا وعندما أراد الخروج، وجد صديقه في الإنتظار أمام الباب. حمل الإثنان السلم ،مسك مسعود المقدمة، وكان سالم يحمل المؤخرة، ومشيا في الطرق الموصلة لزقاق الحلم، لكن المفاجأة كانت تتربص بفرحتهما. عندما وصلا، كانت الغرفة قد أزيلت تماما، وبقي مكانها فراغ يشى بنقص ما في ذلك المبنى، فرك مسعود عينيه وهو غير مصدق، اسبوع واحد تغير فيه كل شيئ ، بعد أن كاد يمسك بنعومة الاسفنج الملون، وبعد أن فَصّل حلمه على مقاس المرتبة الملونة الزاهية، تفر كل ألوان الفرح دفعة واحدة، ويصبح الحلم الصغير بعيدا كل البعد، هاهو مع صديقه ينظران إلى الفراغ، بالنسبة إلى سالم ربما يكون الأمر مجرد وهم أوكذبة لكن لمسعود، كان الأمر كبيت عنكبوت تمزق بلمسة واحدة.
زارني في منامي شخصٌ أهابه. كان يرتدي جلباباً أسودَ.
جرّني ناحية الجنوب موسعاً خطاه.
في آخر الشارع سلكنا زقاقاً ترابياً مغطى بأوراق ميتة.
توقفنا أمام مقبرة..
جمُدَتُ للحظة مبتلعاًريقي،
بينما ظلّ هو يتلفت يمنة ويسرة ثم دفع بابها الحديدي.
كنتُ أحاكيه في تخطي القبور، حتى وصلنا قبراً مفتوحاً!.
تفرّسني بعينيه اللامعتين قائلاً:
” إنّ ساعتك قد أزفت”
ثم أخرج يده من تحت سترته، فرأيت مخالباً بأشكال هندسية! .
استيقظت صارخاً في العتمة.
أشعلتُ المصباح، ورحتُ أكمل واجب الرياضيات…!
لطالما ظننت أن الأشرار فقط في عالم السينما والدراما والقصص والروايات وأفلام الكرتون ، مثل ترمونيدر والرجل الزئبق ، سبايدر مان والجوكر والسنافر وشرشبيل ، خصوصا وأنا أعيش في مدينة الجهراء حيث كنا ونحن أطفال صغار ،، أبواب البيوت مفتوحة ونضع خيط لفتح القفل إن أقفل ليفتحه نساء الجيران دون دعوة لمجرد احتساء شاي الضحى والأهالي يعرفون بعضهم بعضًا، ويعرفون أصدقاء أولادهم ،ولايوجد لصوص، وإذا سرق بيت علمنا أنه من خارج الحارة، وهي من النوادر تحدث وإن كان هناك لص في الحارة نجد أنه يسرق من حارات أخرى ويحفظ بيوت جيرانه حتى اللصوص كان عندهم شيمة ومبدأ , لا يسرقون جيرانهم ولا أصدقاءهم .
وذات مساء عندما تجاوزت الساعة العاشرة وحان وقت الرحيل من بعد حفل عشاء أقامة أحد الأصدقاء في ديوانيته; لمناسبة عامة وعندما خرجت من باب الديوانية وصاحب الديوانية معي ليوصلني الى الباب ، فجأة توقفت سيارة بنتلي فاخرة، ونزل منها رجل يرتدي بشتًا ومعه صديق، وشاهده صاحب المجلس واستغرب حضوره; حيث أنه لم يقم بدعوته، ولكن عرف من هو، وهلا ورحب به وهذه من العادات العربية الأصيلة الترحيب بالضيف وإكرامه حتى وإن جاء من غير دعوة ، والغريب في الأمر أنه عرفني وسلم علي تسليم حار جدا ،وقال ألست الأستاذ غيلان ؟ فقلت نعم، فقال إني أعرفك جيدا، وقال صاحب الديوانية إذا يا غيلان حياك معا ،لا تغادر الآن طالما السيد مسلمة يعرفك ،وسحبني معه صاحب الديوانية وأنا مستغرب ومستنكر، والأدهى من ذلك أنه عندما دخل الديوانية قام بسحر كل من يجلس فيها حيث بقي القليل وأكثرهم غادر بعد تناول طعام العشاء ، وجلس في صدر المجلس ومرافقه الذي معه جلس بقربي وأخرج هاتف الأيفون وأخذ يصوره، ومن ثم قال لمرافقه صور الأستاذ غيلان ،وقام بتصويري وقال لي تعال عندي صور معي، وما إن هممت بالوقوف لأصور معه تحت أضواء الموبايل والتصوير امتلكت نفسي وقلت: كفى!
وثبتّ في مكاني، وقلت لصاحب الديوانية ماهذا الكلام؟
لمَ التصوير؟ ومن السيد مسلمة ولقد عصف بنا مثل طوفان؟
دخل الديوانية فقال صاحب الديوانية هذا السيد مسلمة وكيل أحد الأمراء وهو من أهل الخير، فقلت والنعم به ولكني لم أسمع به ،وما يجب أن يأمرني بأن أقوم كي أصور معه ومن هذا المرافق الذي معك هل هو موظف عندك ؟
فقال :كلا هذا خوي ،فقلت حياك الله في ديوانية صاحب المكان وأنا أريد المغادرة.
أستأذن السلام عليكم، وعندها وقف وقال كلمة ما أنزل الله بها من سلطان علي الطلاق مانت ماشي حتى تأخذ البشت.
ونزع العباءة التي كان يرتديها وألبسني إياها أمام الجميع، وقال أنت شاعر كبير مثل المتنبي وأحمد شوقي وأريد أن أسمع منك وكأنما قام بسحر ما ،وهناك نوع من السحر يستخدم في العين للسيطرة على الشخص الآخر ،وفعلا جلست وقلت بعض من قصائدي والمصور يصور ولكني لاحظت أن المصور يبتسم ابتسامة صفراء كأنه غير مرتاح عما يحدث وطال الليل ودون مبرر حدثني عن سيارته البنتلي وأنه يريد أن يبيعها ورمى المفتاح إلي وأمسكت به وقلت لم هذا ! فقال إن كنت تقبلها عطية مني فقلت كلا عافاك الله وأرجعت له المفتاح وأنا في قلق وتوتر حتى صار بعد منتصف الليل والناس غادروا الديوانية وبقيت أنا وصاحب الديوانية ومسلمة وصاحبه المصور ،وما إن غادرنا جميعا حتى استذكر السيد مسلمة شيئا، وقال لي: أستاذ غيلان استميحك عذرا أن ترجع لي البشت لأنه هدية من أحد الأصدقاء، ولك بشت جديد وأنا لا أهدي الملبوس فقال صاحب الديوانية لا يجوز أن ترجع بعطائك في أعراف العرب، فقلت لم أطلب البشت وقمت بنزعه وإرجاعه له وصاحب، الديوانية على حرقه ،قال لك بشت عندي فقلت غير مهم، والسلام عليكم.
ومشيت إلى منزلي ،وفي صباح اليوم التالي واذا بالتلفونات والرسائل الكثيرة التي ملأت جوالي حتى كاد ينفجر وما إن شاهدت الواتس وإذا بي هاشتاق في تويتر أني امتدحت الشيخ مسلمة وحصلت على البشت والسيارة البنتلي واستغربت فاتصلت على صاحب الديوانية فقال إنه لا يدري عن شيء، ولايعرف الرجل ولا يعرف جواله كي يتواصل معه، وأغلقت الجوال والاتصالات تتزايد والقروبات تبعث رسائلا، فاتصلت على صاحب الديوانية مرة أخرى وقلت له أن يبحث عن رقمه ويأتي به إلي وإلا سوف أقدم بلاغا بالمخفر، فقال اصبر قليلا هو شاهده في ديوانية رجل يعرفه وجاري البحث عنه وأغلقت الجوال وفتحت مقاطع اليوتيوب والتيك توك والسناب شات واذا المقاطع منتشره في وسائل التواصل وبعد ذلك أخذت أبحث عن السيد مسلمة في غوغل من يكون ومن هو واذا به مصور مع أمراء ووزراء وسفراء وأعضاء مجلس أمه وشخصيات عامة وأثناء بحثي شاهدت المصور الذي معه يتحدث مع أحد أصدقائي فقلت لربما يعرفه وفعلا بحثت عنه بالجوال واتصلت عليه وأخبرته عن الشخص الذي معه وأرسلت له المقطع، فقال نعم أعرفه، فقلت أرسل لي رقمه وفعلا أرسله واتصلت عليه فلم يجب بالبداية ،واتصلت عليه مرة أخرى، فرد علي فأخبرته بما حدث وأنا لم أمدحه ،إنما قرأت بعض النصوص الشعرية وقام بعمل مونتاج حتى البشت لم آخذه من ولم أخذ السيارة أرجوك امسح المقاطع او اجعله يمسحها، أو سوف أشتكي بالمخفر ،فقال لي لا تشتكِ عليه فأنت إن اشتكيت لن تأخذ منه حقًا ولا باطلً، وهذا مايريد إلا الضوء الإعلامي والترندات.
فقلت أريد أن أكلمه وقال صدقني لن تأخذ منه لا حقا ولا باطلا ولكن أنا سوف أعلمك بطريقة ترجع بها حقك، تعال بعد ساعة في المقهى في صناعية الجهراء وفعلا بعد ساعة جلست أنتظر في المقهى، وإذا به جاء إلي وسلم وجلس، وقال لي صدقني أنا ليس لي ذنب، أنا فقط أصوره وأبعث له بالصور، وهو فاتح عدة حسابات يديرها بنفسه باسم محبين سيد مسلمة، فقلت أنت تصوره!
فقال إنه ممسك علي شيكات تضعني بالسجن ولا أستطيع أن أسددها .
فقلت طيب وكيف يمسح المقاطع فقال
هل رأيت البشت الذي كان يرتديه وأهداه لك ورجع وأخذه مرة أخرى؟
فقلت نعم ،قال هذا البشت يوجد به سحر لا أدري كيف حصل عليه وأنا شاهد عيان على عدة حوادث حدثت مثلما حدث معك. سواء مع شاعر أو فنان أو لاعب كرة و خصوصا ،مع المشاهير يسحرهم به ويهديهم ويرجع يأخذ البشت مرة أخرى ودائما يزور الناس في آخر الليل بعدما يذهب الشيوخ والشخصيات المهمه; لأنهم دائما يغادرون بسرعة قبل أن يصبح الحفل مزدحما فقط يأتون لأداء الواجب ويغادرون ،لكثرة أشغالهم وهو يعرف متى يزور ومتى يغادر .
فقلت له: لمَ كل هذا !؟
فقال :سوف تعرف بنفسك، تعال معي وحينها كان العصر قد دخل بعد رحيل الظهيره وطال الظل، وركبنا في سيارتي من الجهراء حتى وصلنا إلى منطقة بعيدة.
فقلت هل يسكن هناك؟
فقال نعم فأهل الجهراء لا يعرفونه ومن طيبتهم يرحبون بكل من جاءهم ،وفي يوم من الأيام دخل ديوانية في الجهراء، ووجد شخصًا يعرفه من المنطقة البعيدة وهرب من الديوانية .
وصلنا إلى منزل متواضع، وقال أنزل معي أريد أن أريك شيئا، وكان المنزل رأس نافذة، وهناك شباك يطل على الممر في منطقة محجوبة الرؤيا، وجلسنا نطل من الشباك وإذا به يضع البشت في غرفة زجاجية في وسط الصالة وفجأة يستيقظ من النوم ويمشي في الصاله يلبس السروال والفانيلة ويضع يده على العلبة الزجاجية وينظر إلى البشت وما حوله ومن ثم أمسك التلفون ووضعه على السماعة، وشغل أغنية عرضه مني عليكم يا هلا العوجا سلام ومن ثم أخرج البشت ولبسه ورقص به وتمايل بطريقة جنونية، فقال لي :هل عرفت لماذا يعمل ذلك؟
إنه مجنون ،يشعر بالنقص، ليس له أصل ولا فصل وأبوه مسجون ،وأمه انتحرت والكل يحقره ويقلل من قيمته، فوجد البشت إذا لبسه احترمه الناس، فقلت البشت ليس كل شخص يلبسه وهو ليس مقياس.
فقال :نعم صدقت، ولكن هو مريض ويحتاج الى التنفيس، فقلت وكيف تأخذ البشت ؟
فقال :أريد منك أن تطرق الباب وما إن يمعالج أتي اليك ليفتح الباب حاول ان تلهيه حتى أدخل واسرق البشت فقلت له يستطيع ان يحصل على بشت آخر، فقال لي كلا إن في البشت سر ،وسوف تشاهد جنونه بعدما نأخذه منه ،وفعلا ذهبت إلى الباب وطرقته عليه وبعد ان فتح الباب لي وصدم عندما شاهدني وحاول أن يستضيفني وأنا رفضت وقلت أرجوك امسح الصور والقصائد في وسائل التواصل فقال :كلا لن أمسح شيئا، واذهب إلى المخفر.
فقلت آذن أريد البشت فقال ليس لك عندي شي، وأنا أعطيتك البشت ولم استرجعه منك هل يوجد دليل عندك !؟
أنا عندي تصوير وأنا أعطيك البشت.
فقلت والسيارة؟
لم كل هذا؟!!
فقال هكذا، افهمها كما شئت .
وسمعت بوق سيارتي، وعندها عرفت أن صاحبة سرق البشت وغادرت المكان متوعدا وهو دخل الى الداخل وانا مشيت في سيارتي والبشت معنا وعندها قال لي اتصل على رقمه وأخبره أنك سرقت البشت منه ،ولن ترده إلا إذا مسح المقاطع ويرجع لي الشيكات.
فقلت :اتصل عليه !
فقال: كلا انت اتصل، وفعلا قام بتلقيني للرقم وأنا أتصلت عليه حتى رد على الهاتف، وهو يصرخ فضحكت عليه وشغلت السبيكر وهو يسمع فقلت له امسح كل المقاطع وارجع الشيكات التي اخذتها من صاحبك فقام بالتهديد والوعيد انه يريد البشت وإلا سوف يقدم بلاغا بالمخفر. فقلت له قدم فأنت أعطيتني البشت أمام العالم والشيكات، لاتهمني .
فقال له صاحبه قدم شكوى لن اهتم ادخلني اسجن ان استطعت أفضل عندي من حياة العبودية فأغلقت الهاتف في وجهه فقال لي لا تخف، لن يشتكي، فهو يريد البشت ،صدقني سوف يجن حتى يحصل عليه.
ورجعت إلى منزلي، وقال لن يتركك حتى يأخذ البشت.
وفي المساء اتصل علي يريد أن يرجع الشيكات، ويمسح التصوير ،ويأخذ البشت. فتواعدنا لنلتقي عند صاحبنا الأول راعي الديوانية، وكان الاتفاق أن نلتقي بعد صلاة المغرب أي في أول الليل، ونحتسي القهوة ويعطيني الشيكات التي كتبها على صاحبه وارجع له البشت ويمسح مقاطع الشعر في حساباته الوهميه وهكذا انتهت القصة كلا لم تنتهي بعد عدة أشهر وانا في منطقة العديلية دعاني أحد الأصدقاء على حفل زواج في صالة الميلم وكان العشاء بوفيه مفتوح ، يفتح البوفيه بعد صلاة المغرب لمن أراد ان يتناول العشاء ويغادر متى شاء وكان حينها الساعة الثامنة مساء بعد صلاة العشاء مباشرة وبينما أنا ممسك الطبق واملأه من البوفيه وقعت عيني على شخص يرتدي البشت ويتحدث مع احد الأشخاص في الحفل، وتقدمت عليه وأنا مشبه عليه، وما إن رأته وإذا به صاحبنا السيد مسلمة، ولكنه أصيب بدهشه وقلت له مرحبا سيد مسيلمة، و لم يقل شيئا، وهرب من العرس وأنا أنظر اليه وأضحك والملفت في الموضوع أنه وجد شخصًا آخر يصوره مع الشخصيات وكذلك هرب معه