“
-في إمسية متفردة عملت معزوفات مخملية لقاء حصري مع قيثارة المدينة هند النزراي في ليلة 10يوليو لتحيي لنا أمسية شعرية تراقصت على أثرها قوافيها النادرة التي كانت تحمل مسمى معلقات في نفس كل مستمع أدرك أن هذه الشاعرة التي تكتب المطولات بنفس أنيقة وعذبة .
وخلال تلك الأمسية تخلل اللقاء بعض الأسئلة التي أجابت عنها بفكرٍ واعٍ جداً وإجابات مثرية تنبع من سيدة أبحرت في مرامي الشعر وسبله بشكل واضح ….
فهيا بنا نعبر تلك الرحلة ونغرق في جمالها سوياًً –
مفهوم الشعر اختلف بين الرؤية القديمة و الحديثة و بين مختلف نظريات الادب . منهم من قال بأنه نصٌ عموديٌ موزون وفق بحور الشعر . و منهم من قال بأنه الكلام ذو الحالة الايحائية الكبيرة . ماذا عنك ؟ كيف تتبنين مفهوم الشعر ؟
ج: أولا مساء الخير وسعيدة جدا بهذا الفضاء البديع وشاكرة لمعزوفات مخملية قيامها عليه وتشريفي باعتلاء منصته
أما بالنسبة للشعر فأنا أنتمي إلى مدرسة الخليل ، ولا أحسن الخروج عن بحوره عمودية كانت قصيدتي أو على التفعيلة ، وفيما عدا ذلك فكما ذكرت لا أحسنه وإن كان فله أتباعه ومحبوه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- القصيدة مكونة من عنصرين مهمين . الصوت و الصورة . أي من هذين العنصرين ترين له الأهمية الاكبر في بناء القصيدة ؟
ج: يهمني أن تأتي قصيدتي على طبيعتها فلا أتعمد حشوها بالصور حتى لا تقع في فخ التكلف ، ولا أعمد أيضا إلى ملئها بالكلمات الصعبة الجزلة حتى لا يخرجها ذلك عما نظمت من أجله وهو ترجمة مشاعري وأفكاري بسلاسة لا تمجها أذن ولا تستثقلها ذائقة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- اختلفت قضايا الأدب بما في ذلك الشعر . فمن قائل بأن الشعر بلا قضية لا يعدو كونه ترفا ثقافيا . و من قائل بأن الشعر منزّه عن القضايا و هو حالة جمالية محضة لا تقبل الانجرار خلف قضايا الناس . لأي الرأيين تميلين ؟ هل للادب قضية ؟
ربما يخدم الشعر قضايا المجتمع إذا نظم من أجلها ولكن تلك ليست غايته ، هو طائر حر فلندعه يحلق كما يحلو له وإن كان ذلك ترفا فليكن ، حياتنا كلها تخضع للماديات وتدور في فلكها فليكن الشعر على الأقل متحررا من أثقال قضايانا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4- في زمن برامج التواصل الافتراضي . نلاحظ نضوب شكل القصيدة . اذ باتت النصوص قصيرة جدا لا تتجاوز اربعة او خمسة اسطر . و لم نعد نجد الشكل المعروف للشعر (القصيدة) الا نادرا . هل توافقينني على ذلك ؟ و ماهو السبب برأيك ؟ ما هو تأثير برامج التواصل الافتراضي على الشعر و الادب بشكل عام ؟
ج: وسائل التواصل الاجتماعي خدمت الشعر كثيرا ، لا أحد ينكر ذلك ، ولكنها في نفس الوقت أوهنته وجعلته يدور ضمن دولاب الحياة المتعجل فأصبح كما ذكرتِ عبارة عن وجبات سريعة تعتمد على الشكل أكثر من اعتمادها على الجودة
إضافة إلى أن الشاعر حينما يلاحق سرعة مواقع التواصل يستهلك نفسه ويظلم إبداعه ، فلا وقته يكفي لإنجاز المحتوى المناسب ولا محتواه ينتظر ليخرج مكتملا لائقا بهيبة ومكانة الشعر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5- يشاع بأنه زمن الرواية لا الشعر . كيف تجدين هذا الرأي ؟
ج:لا تأبهي بما يشاع يا عزيزتي فلكل فن أتباعه في كل زمان ، صحيح أن الشعر لم يعد بقوته السابقة إلا إنني متفائلة –
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– ما هي الأزمة التي يعاني منها حقل الشعر الان ؟ و ما يميّز الحقبة الراهنة للشعر عن سابقاتها ؟ و كيف ترين مستقبله ؟
ج: لا أرى أن الشعر في أزمة ، وعلى افتراض وجود أزمة فإنا نحن الشعراء والشاعرات مسؤولون عنها وذلك لسعي بعضنا إلى صنع فجوة بينه وبين المتلقي ، فينظم قصيدته من برج عال عامدا إلى الإغراب وليّ أعناق المعاني ، مما يجعل المتلقي العادي لا يفهمها وبالتالي ينصرف عنها ويتصور أنها علم يحتاج إلى تخصص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7- ما رأيك بالشعر المناسباتي ؟ هل يمكن أن يرتبط حدث كتابة القصيدة بمناسبة ؟ و إلى أي حد ؟
ج: بالتأكيد شعر المناسبات كان وما يزال ولن يزال ، ولا أتصور شاعرا إلا وقد كتب فيه مرات ومرات ؛ ذلك أن القصيدة هي منجز الشاعر هي كلمته هي رأيه فلا غرابة في أن يلجأ إليها كلما دعت المناسبة لذلك ، وتاريخ الشعر مليء بقصائد خالدة كتبت من أجل مناسبات معينة ، ولم يعبها ذلك ولم ينتقص من روعتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- من المعروف أن تطور القصيدة مرهون بعدة عوامل . منها التغيرات في نمط الحياة . تغير شكل الحضارة . تغير الهم الثقافي و السؤال المرحلي . برأيك هل ثمة سؤال مرحلي يفرض حضوره على الحالة الشعرية بشكل خاص و الادبية بشكل عام اليوم ؟
ج: السؤال الآن في رأيي هو :كيف ستربح القصيدة الرهان في عصر السرعة والسعي إلى الشهرة بصرف النظر عن جودة أو رداءة المحتوى ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف كانت البدايات
ج: ربما في المرحلة المتوسطة ، قصاصات لم أهتم بها ، ثم في مرحلة العمل كتبت قصائد تخص المناسبات والأنشطة المدرسية ، ولم أكتب القصيدة غير الموظفة إن جاز التعبير ؛إلا في مرحلة متأخرة ، منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصعب وأجمل نقد وجه لشاعرتنا
ج: النقد غالبا يفيدني ويحسن منجزي الشعري إذا كان صادقا حقيقيا ، أما أولئك الذين يتصيدون الهنات فإنهم لا يفعلون شيئا سوى عرقلة خطى الناجحين وتكسير مجاديفهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقرب قصيدة لك
كل ما انتهيت من نظم قصيدة بنيت بيني وبينها جسر محبة وشعرت أنها الأحب الأقرب إلى قلبي ، فإذا نظمت أخرى انتقل طرف ذلك الجسر إليها وترك سابقتها تتأرجح في الفراغ ، وعلى ذلك فكلهن عندي سواء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصيدة التي أتعبتك كتابتها
ج: ليس لي جلد على مشاكسة الإلهام ، فإن أتى فمرحبا به وإن امتنع ففي أمان الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبر كل العصور من الشاعر/ة التي ترين أنك امتداد له/ا
ج: لست امتدادا لأحد ! كل شاعر صنع تاريخه ووضع ختمه على قصائده ومضى ، أقرأ لهم جميعا ، أستمتع ، أتنفس الجمال الذي صنعوه ، ولكن حين أبحر في صفحة بيضاء أكون أنا فقط ، لا أحد آخر ، وإلا فإنني سأكون نسخة مشوهة من ذلك الذي أحاول أن أكون امتدادا له !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من اول من شجعك ..؟
ج: عائلتي بالتأكيد ! لولا أنهم شدوا على يدي واقتنعوا بي لما تشجعت على طرق أبواب هذا العالم من الأساس..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لَا تُقَلِّمِي الْيَاسَمِينَةَ الْحَمْرَاءْ!
لَا تُسْلِمِي هَذِهِ الْأَغْصَانَ لِلتِّيهِ إِنِّي أُنَاجِي الْهَوَى لَمَّا تُنَاجِيهِ
إِنِّي تَعَوَّدْتُ أَنْ أَغْدُو بِرِفْقَتِهَا وَالْفَجْرُ يَقْرَعُ لِلدُّنْيَا أَوَانِيهِ
مَاذَا إِذَا خَانَتِ الْإِصْبَاحَ فِتنَتُهُ لَمَّا أَطَلَّ فَمَا قَامَتْ تُحَيِّيهِ
إِنْ لَفَّهُ الْغَيْمُ مَحْزُونًا لِفُرْقَتِهَا وَاسْتَنْكَفَ الْحُسْنُ أَنْ يَرْتَادَ نَادِيهِ
مَاذَا إِذَا اكْتَشَفَ الْيَعْسُوبُ غَيْبَتَهَا فَلَمْ تَعُدْ أُغْنِيَاتُ الْفَجْرِ تَكْفِيهِ
وَذَاقَ مُرَّ فِرَاقِ الْإِلْفِ وَانْقَلَبَتْ خُطْوَاتُهُ ثَمَّ وَارْتَجَّتْ خَوَافِيهِ
وَهَامَ فِي جَنَبَاتِ الرِّيحِ يَسْأَلُهَا مِنْ أَيْنَ لِلشَّهْدِ أَزْهَارٌ تُحَلِّيهِ
أَرْجُوكِ لَا تَكْسِرِي قَلْبِي بِحَسْرَتِهَا رِقِّي عَلَى حَالِهِ يَكْفِيهِ مَا فِيهِ
هَلْ تَعْلَمْينَ كَمِ اهْتَزَّتْ مَوَاجِعُهُ فِي مُقْلَتَيْهَا وَكَمْ هَامَتْ لَيَالِيهِ
كَمْ أَحْيَتِ الذِّكْرَيَاتِ الْبِيضَ فِي دَمِهِ وَقَاسَمَتْهُ صَدَى جُرْحٍ يُغَنِّيهِ
وَعَطَّرَتْ أَمْسَهُ فَاشْتَارَ مِنْ غَدِهِ عُمْرًا عَلَى شَاطِئِ النَّجْوَى يُلَاقِيهِ
رِقِّي عَلَيْهَا كَمَا رَقَّتْ لَهُ سَلَفًا مَنْ قَدَّمَ الْخَيْرَ بِالْحُسْنَى نُجَازِيهِ
لَا تَكْسِرِيهَا فَكَمْ مَالَتْ مُغَرِّدَةً فَقَرَّبَتْ نَحْوَ مُشْتَاقٍ أَمَانِيهِ
كَمْ نَادَتِ الْفَجْرَ كَيْ يَرْتَادَ نَافِذَةً قَدْ جَاهَدَتْ مُنْذُ اَزْمَانٍ لِتُغْرِيهِ
فَانْثَالَ فِيهَا وَفِي عَيْنَيهِ هَمْهَمَةٌ وَاسْتَلْهَمَتْ وَحْدَهَا مَا كَانَ يَعْنِيهِ
يَتْلُو عَنَاقِيدَهَا الْحَمْرَاءَ مُبْتَهِلًا وَكَانَ لِلَّيْلِ صِنْوًا فِي تَخَفِّيهِ
كَمْ جَمَّعَتْ مِنْ عَصَافِيرٍ عَلَى كَتِفِي وَهَدَّأَتْ مِنْ شَذَاهَا خَوْفَ تَنْبِيهِي
وَصِرْتُ مِنْ نَاظِرَيهَا قَيْدَ أُغْنِيَةٍ أُرَاقِبُ الدَّرْبَ إِنْ شَطَّتْ نَوَاحِيهِ
فَاسْتَوْدَعَتْنِي خَفَايَا قَلْبِهَا غَسَقًا إِذْ تُرْسِلُ الْعِطْرَ مَجْنُونًا لِجَانِيهِ
وَاستلْهَمَتْ رِيشَتِي وَاسْتَمْطَرَتْ شَجَنِي قَوَافِيًا بَيْنَ إِفْصَاحٍ وَتَمْوِيهِ
كَمْ هَمْهَمَتْ لِحَبِيبٍ نَامَ فِي خَلَدِي قَدْ كُنْتُ مِنْ قَبْلُ عَنْ عَيْنَيَّ أُخْفِيهِ
وَاسْتَنْهَضَتْ رُوحَهُ فَانْثَالَ مُنْسَكِبًا يَرْوِي بَأَعْذَاقِهَا السَّكْرَى لَيَالِيهِ
وَاسْتَدْرَجَتْهُ إِلَى أَلْوَانِ بَهْجَتِهَا بَعْدَ الرَّمَادِ الَّذِي قَدْ ذَابَ فِي فِيهِ
وَافَيْتُهُ عِندَهَا وَالْعِطْرُ يَكْنُفُنَا وَالْحُلْمُ هَيْمَانُ يَطْوِينِي ويطْوِيهِ
مَاذَا أَقُولُ لَهُ لَمَّا أُقَابِلُهُ وَحْدِي وَأَمْلَأُ صَدْرِي مِنْ فَيَافِيهِ
وَالْعِطْرُ مَا عَادَ تَوّاقًا لِمَوْعِدِنَا وَالدَّرْبُ يَحْسُو عَلَى شَوْقٍ بَوَاقِيهِ
إِيَّاكِ أَنْ تَكْسِرِيهَا فهي جَنَّتُنَا وَمَا تَكَسَّرَ مِنْهَا فَلْتُعِيدِيهِ
إِنِّي لِأَجْلِ شَذَاهَا أَبْتَدِي أَمَلِي وَحِينَمَا تُطْبِقُ الْأَجْفَانَ أُنْهِيهِ
تِلْكَ النِّهَايَاتُ قَدْ لَا تَأْبَهِينَ بِهَا لَكِنَّهَا حِينَ تَغْشَى الْكَوْنَ تُفْنِيهِ