الإنسان حيوان قارئ، هذا إذا أردنا أن نميّزه عن الحيوان!وعندما يتعلم الحيوان القراءة يجب علينا أن نجدا فرقا آخر بينهما، لكن هذا الفرق خالد خلود الحياة ولذلك كان الكتاب أعظم هدايا الله للناس، وكان الكتاب أوفى صديق وخير جليس، ضابطا للجماعات سادنا للحضارات.
وفي زماننا هذا فإن المدرسة هي أصدق بيئة للكتاب تقدمه لنا في طبقه التقليدي عبر الكتاب المدرسي، وفي مقدورها –أيضا- أن تقدمه في طبقه الأجمل والأشهى، طبق القراءة الحرّة عبر المكتبة المدرسية التي ينبغي على القائمين عليها حسن اختيارها لتناسب الطلاب، تناسبهم عمرا وميلا لكنها بطبيعتها خارج حدود المقررات الدراسية بما يوفر للطالب نوعا من الاختيارات الحرّة النافعة.
على أيام دراسة جيلي كان وجود مكتبة مدرسية يكفي للحكم على المدرسة إن كانت ممتعة وإن كانت مملة، وكانوا يأخذونا إليها مرة في الأسبوع لتعدل مزاج الأسبوع بكامله، أما الاستعارة فقد كانت بمقابل، وكنت في ابتدائية اليمانية الأميرية بالطائف استعير الكتاب بقرشين وهي نصف مصروفي اليومي بالضبط، اتنازل عنه بطيبة خاطر.
الآن للأسف الشديد أجد بعض كتب المكتبات المدرسية تباع في بعض مواقع الشبكة العنكبوتية المعنية ببيع الحاجيات القديمة، تباع وعليها ختم المكتبات المدرسية وختم المدرسة أيضا ويقولون عنها كتب الزمن الجميل، وصفوا حقبتنا تلك بالزمن الجميل وباعوها لنا في أسواق الروبابيكيا.
وحيث أنه ” مالكم بالطويلة! ” فإنني أتمنى عودة المكتبات المدرسية، عودة محسوسة تراها العين وتلمسها البنان، أو عودة افتراضية على شاشات من لجين، فالكتاب هو الكتاب نقرا على حجر أو رقما على ورق أو رقنا على شاشة، هو وعاء العقل والحكمة كيفما جاء، وكيفما يكون التعليم، حضورا أم على البعد.
والاهتمام بالمحتوى المناسب علميا وسيكولوجيا للطالب هو لزوم ما يلزم فلا مكتبة للطالب دون معايير تربوية دقيقة. القصص – مثلا- تناسب الأعمار الأولية بينما تناسب كتب العلوم المبسطة وتراجم الناجحين المراحل الأعلى، وحتى المجلات المصورة مهما بدت موغلة في الخيال فإنها تشحذ التفكير وتنمي خيال الطالب، ولا ينبغي إهمال الكتب النافعة للمعلمين أيضا وأمهات الكتب العربية والتغاضي عن تعلق الطلاب بها فإن بعض الطلاب كبير بعقله ناضج بإرادته، ولذلك اجعلوا شعارنا القادم: عودة المكتبات المدرسية.