فاحت رائحة عطر من ثيابه وهي تهم بغسلها، عطر لاينتمي الى مجموعتها المتنوعة من الماركات المرصوصة على تسريحة غرفة نومهم، عندما حل المساء.. استهلت حوارها متسائلة بتعجب :
رائحة عطر نسائي غير مألوفة تفوح من ثوبك الأبيض ؟
يجيب بهدوء:
وجدته هنا.! - مشيراً الى تسريحة غرفتهم-
تعيد الكرة في البحث،
تذهب مسرعة لتفحص تلك الزجاجات، فلم تصل إلى غايتها،
لم تستلم، فالشك يسري بجسدها كسريان الدم بعروقها، الغيرة تنهش صمتها،
كررت عليه السؤال مرة أخرى مع بعض عبارات اللوم..
هذه المرة لا يبالي بسؤالها فهو- منشغل بقراءة الصحف - التي بين يديه.
ممسكاً بإحداها مدققًا بنظره للعناوين التي تهمه ؛
زاد هاجسها كالنار في الصريم ، اشتعلت غيضاً ..
احمرت وجنتاها؛ من شدة حرارة جسدها المتعب من كوابيس القلق، التي صورتها في ذهنها، تحدث نفسها..
هل زوجي يخونني؟
أو.. أن هناك إمرأة أخرى؟
أو.. أن حاسة الشم تخونني؟
كيف أتحقق من صدقه؟!
مكثت على حالها ساعات..
وأسدل الظلام أستاره وزاد القلق لم تهدأ لها ساكنة كمن يتقلب على جمر ،
أستسلمت لحالها؛
تقضم اظافرها وجعًا، ثم سرحت بشريط طويل من الذكريات،
لعلها تصل إلى جواب يطفيء حيرتها، بينما هي تتخبط بين جدران الغرفة حائرة، ضربت بطرف قدمها أحد الأدراج السفلي لخزانة الملابس،
انفلج الدرج مسرعًا.. فوقع نظرها على كيس وردي (مزركش) بقلوب حمراء،
وعبارات مخطوطة باللون الأبيض، دققت النظر وهي تقترب تدريجيًا ، هنا أجتهدت حاسة الشم لديها..
فإذا بتلك الرائحة المشبوهة تنبثق منه، استردت نفساً عميقاً كمن وجدت كنزاً ثميناً،
وجدت زجاجة عطر ذهبية ، فخامة الماركة أزاغت بصرها، لم تقرأ تاريخ صلاحيتها، مزينة بكرت تهنئة قديمة،
تبدو عليه علامات الشيخوخة وكأنه قد مضى عليه حقبة من الزمن،
استرسلت في تفكيرها المتجمد من هول فيضان الظنون،
تقدمت الذاكرة تعتذر لسوء نشاطها، وخمولها المؤلم،
بدأت تستعيد نشاطها..
تراجعت في حكمها وألجمت سكوتها بحكمة "تهادوا تحابوا"