--------------
خَـيالُ هَـوًى عـلى الآفـاقِ هَـامَا ... وَسَـافـرَ فِــي دَمِـي عَـامًا فـعَامَا
وَأجـنـحَـةُ الــرِّيَـاحِ تَــطُـوفُ تَـتْـلُو ... عَـلَى الـرَّيْحَانِ أَنْـفَاسَ الْـخُزَامَى
مَــددْتُ يَــدِي إلــى نَـجْـمٍ بَـعِيدٍ ... وطِـرْتُ عـلى سَـنَا وَجْـدٍ تَـنَامَى
فَـــرَاحَ يَــمُـدُّ لـلـنَّـجوَى بِـسَـاطًا ... تَــعــلَّـقَ لــلـفَـضَـاءاتِ الـغَـمَـامَـا
مَـضَـى بِــي طَـائِفًا أَطْـرَافَ أَرْضٍ ... تَــرَامَـتْ وَالـسَّـنَـا فِـيـهَا تَـرَامَـى
بـــدت كـمـجـرة تَـعْـلُـو شُـمُـوخًا ... وتـسْبحُ فـي الـمَدَاراتِ انْسِجَامَا
طــويـت فـضـاءها وانـهـلت حُـبًّـا ... وَيَــا لَـلَـحُبِّ مِــنْ غَـيْـثٍ تَـهَامَى
وَقَــفْـتُ أَمَــامَ نَـجْـدَ بِـكُـلِّ عِــيٍّ ... كَــأَنِّــي مَـــا تَـعَـلَّـمْتُ الْـكَـلَامَـا
وَحِــيـنَ أَدَرْتُ قَـلْـبِي رَفَّ يُـهْـدي ... إِلَــى أَهْـدَابِـهَا الْـخُـضْرِ الـسَّلَامَا
وَطَــافَ وَفِـيـهِ كَــوْنٌ مِــنْ رِغَـابٍ ... قَـصِـيمَ الْـخَيْرِ يَـسْتَدْنِي الْـمَرَامَا
وَعَـرَّجَ فِـي الـطَّرِيقِ عَـلَى حُقُولٍ ... تَـغَـنَّى الْـعِـشْقُ فِـيـهَا لِـلنَّدَامَى
كَــأَنِّـي كُــنْـتُ حَــاضِـرَةً قَـدِيـمًـا ... لَــدَى الـدَّهْـنَاءَ إِذْ رَعَـتِ الـذِّمَامَا
وَكُـنْتُ عَـلَى رُبَـى الـظَّهْرَانِ لَـمَّا ... تَـــوَلَّــتْ أَوَّلَ الْــعَــهْـدِ الــزِّمَـامَـا
فَـكَـانَـتَ نَـهْـضَـةٌ وَانْــهَـالَ خَــيْـرٌ ... سَــخِـيٌّ ثُــمَّ أَوْفَــى وَاسْـتَـدَامَا
وَفِـي الْـخُبَرِ الْـوَضِيئَةِ حِينَ رَامَتْ ... شَـوَاطِـئُهَا مَــعَ الْـقَـمَرِ اقْـتِسَامَا
وَحِـينَ عَطَفْتُ نَحْوَ الْغَرْبِ وَجْهِي ... تَـنَـاهَـت جِـــدَّةٌ تَـرْعَـى الْـغَـرَامَا
عَـرُوسًـا يَـسْتَحِيرُ الْـحُسْنُ فِـيهَا ... وَيَـعْـتَـصِمُ الْـبَـهَاءُ بِـهَـا اعْـتِـصَامَا
تَـتـيهُ مِــنَ الــدَّلَالِ مَـعَ الْـغَوَانِي ... وَتَــعْـلُـو فِـــي تَـفَـرُّدِهَـا مَـقَـامَـا
وَأَوْمَـــأَ نُـــورُ مَــكَّـةَ مِـــنْ بَـعِـيدٍ ... عَـلَى أَهْـدَابِ مَـنْ صَـلَّى وَصَـامَا
وَقَفْتُ عَلَى الثَّرَى وَتَرَكْتُ رُوحِي ... لِـتَـلْـتَـهِـمَ الْــفَـضَـاءَاتِ الْـتِـهَـامَـا
وَمَـــالَ الـطَّـائِـفُ الــرَّيَّـانُ زَهْـــوًا ... فَــعَـادَتْ ذِكْــرَيَـاتُ هَــوًى أَقَـامَـا
وَيَـمَّـمْتُ الْـجَـنُوبَ إِلَــى عَـسِـيرٍ ... وَأَبْـــهَــا وَالــتَّـرَانِـيـمِ الْــقُـدَامَـى
وفــي جَــازَانَ عَـاوَدَنِـي حَـنِيني ... ونــارُ الـشِّـعرِ تَـضـطَرِمُ اضْـطِرَامَا
تَـمـيسُ عـلـى رَوابـيهَا الـقَوَافي ... ويـقْفُو الـصَّحْوُ فـي الـتِّيهِ المَنامَا
فَـوافَانِي الـشَّذى مِـن كُـلِّ بَـيْتٍ ... فَـعَـبْـقَـرُ ثَــــمَّ يَـكْـتَـظُّ ازْدِحَــامَـا
وَطُفْتُ عَلَى الْعُلَا فَعَلَوْتُ نَفْسِي ... فَــثَــمَّ رُؤًى وَأَشْـــوَاقٌ تَـهَـامَـي
وَعُـدْتُ عَـلَى خُطَايَ إِلَى عَرِينِي ... وَطَـيْـبَةُ فِــي الْـوَرَى خَـيْرٌ مَـقَامَا
أُهِـنِّـئُ كُــلَّ شِـبْـرٍ فِــي بِـلَادِي ... عَـلَـى أَرْضِ الْـكَـرَامَاتِ اسْـتَـقَامَا
وَعَـــاشَ يُـدِيـرُ أَعْـنَـاقَ الـلَّـيَالِي ... وَيَـسْـبِي الْـكَـوْنَ حُـبًّـا وَاحْـتِرَامَا