انتظار مُرّ ...
قصة قصيرة...
يذرع الرصيف ذهاباً ،
وإياباً على قدميه المشنوقتين
في حذاء جلدي له شراكان متصالبان مهترئان ،
الشمس تلسع
سحنته الحنطية ،
وكفيه وهامته
المعصوبة بشماغٍ بالٍ ،
لا يكترث لحرارة الشمس ،
بل يزيدها اتقاداً بدخان سيجارته المرتعشة بين اصبعيه الناحلتين ،
و شفتيه الصخرية اللون ، هكذا قضى جل الظهيرة ، مابين ، الرصيف وحبال السكة
الممتدة أمامه، يركل بتجهمٍ
حجارة الملل ، وينفث دخان سيجارته بمرارة انتظارٍ طال ،
بينما تمر الكثير من سيارات الأجرة، بعض سائقيها توقفوا
لبرهة يدعونه للركوب معهم
فيلوح لهم بالمضي ، مشيحاً عنهم بوجهه تلقاء المجهول
الذي رسمته خطواته الوئيدة
على الطريق ،
الطريق التي ملت دهسه البائس ،
جيئةً وذهابا ، مر النهار طويلاً ،
مال عمود الشمس قليلاً ،
توقف فجأة، لوَّحَ لسيارة سوداء خاصة توقفت بجواره ،
وخرجت من زجاجها الخلفي
يد منتصبة سبابتها
بغلظة.. فيما يبدو أن
الراكب بالخلف كان يهدد
الرجل المسكين بأمر ما !!
ثار الرجل ساخطاً ،
متراجعاً للخلف
يضرب كفاً بكف ، بطريقة تنبئ
بأن هناك خلافاً نشب بينهما..
تحركت السيارة
بسرعة كبيرة كادت تدهسه ،
رفع كلتا يديه للسماء
عائداً يذرعُ
الرصيف ثانيةً ..