لو قيلَ : غابتْ ، هل تقولُ : ثراهَا
عشقَ الندى وهو الذي ناداهَا
أو قيل : غَابَ الكونُ عن بَصَرِ السَّما
هل ينظرُ الأعمى لبرقِ سَنَاهَا ؟
هل تقرأُ الطرقاتُ صفحةَ غادَةٍ
رصَّت حروفَ الماءِ فوقَ رُؤاهَا ؟
سِفرٌ من العَثراتِ كانَ لها القِرَى
ولهُ انتثارُ الطينِ بينَ قُرَاها
قل لي بربك : هل تركتَ لها الصدى
أو هل حَفرتَ بعقلِها يُمناها ؟
أوهل نكأتَ لِعُمرِها لُجَجَ الهوى
وزرعتَ قلبًا فارِغًا بِمَدَاها ؟
كان المساءُ مُصبِّحًا وغدا الضُّحى
شمسًا تغيبُ عنِ اشتقاقِ غَلاها
صَمَتَ الدُّجَى دَهرًا فألهَمَها الرِّضا
وَلَغَا فَصَحَّحَ سحرُها معناها
يا أيُّها الماضي الذي عَشِقَ النَّوى
صُنْ قربَها وأقِمْ على ذِكراهَا
أقبِلْ بِوَرْدِكَ واستَعِرْ ثوبَ اللقا
وَأَعِرْ قلوبَ المُتعبين مُناها
وانثُرْ حقولكَ واصطحبْ رقْصَ الشَّذا
واشربْ مزونَ الصِّدقِ من مغناها
لم تُبقِ منها الريحُ غيرَ ذؤابةٍ
صُبِغَتْ بِعِبْرَةِ سَعيهَا وعَنَاها
فَأطِلْ حديثَكَ في مغاني الشِّعب إنْ
ذهبَ الزَّمانُ بِدِفئها وبهَاهَا