مالي أراني - والمسافةُ تُبعِدُهْ -
فرداً وحيداً ، غارُ صَمتٍِ مَعبَدُهْ
قد أَمَّ صَبرَ الذَّاتِ في صَلَواتِهِ
وَاهتَزَّ من نَوْحِ التَّوَسُّلِ مَسجِدُهْ
مَا عَاد يُمسِكُ نَجمَةً في أُفقِهِ
لِتُضِيئَهُ في ظُلمَةٍ تَتَرَصَّدُهْ
زرعَ الحُقُولَ نَقاءَ قلبٍ أبيضٍ
فَإذَا بِصَحرَاءِ التَّوجُّسِ تَحصِدُهْ
يَمتَدُّ كالثُّعبانِ - خَلفَ خَيالِهِ -
خَوفٌ ، وأكثرُ ما عَياكَ تَرَدُّدُهْ
لَم تَهمِسِ الكلماتُ - حينَ هوانِهِ -
إلا بحرفٍ لاهِبٍ يَتَوسَّدُهْ
ما أشعَلَ القِندَيلَ من صَبَواتِهِ
إلا ونصُّ غِوايةٍ يَتَهَدَّدُهْ
حتَّى قَوافيهِ لَزِمْنَّ الصَّمتَ في
أُطُرٍ ، تَقَاصَرَ بالسكوتِ تَمَدُّدُهْ
الحبرُ أَنذَرَهُ الجفافُ فما بِهِ
سَعَةٌ ، وطولُ كتابةٍ كَم تُجهِدُهْ
يَمشي وَتَيارُ التفاؤلِ عُنوَةً
قَد عَاكسَ الأملَ الوحيدَ تَوَعُّدُهْ
الأبيضُ الشَّفافُ ماتَ بلحظةٍ
لَمَّا تَعَملَقَ في ضِفَافٍ أَسوَدُهْ
يَنأَى بآلامٍ بِبِئرٍ وَحَشةٍ ،
أوجَاعُهُ خلفَ الغيابِ تُوَحِّدُهْ
لَمْ يَستطِعْ مِنهُ الخروجَ لبُرهَةٍ
فَالبِئرُ أقدَارٌ ، وَخَانَتْهُ يَدُهْ
لا الذِّئبُ مزَّقَ في الغيابِ قَمِيصَهُ
لكنْ بَكى ( يَعقوبُ ) حينَ يُمَجِّدُهُ
يا ( يُوسفُ ) الوقتُ استَبَدَّ بآهتي
كَيما يَطُولَ بِغُربَتَيَّ تَعَربُدُهْ
رُؤياكَ خَرساءٌ فكيفَ قَصَصتَها
وأذعتَ سِرَّكَ فالوُشاةُ تُعَدِّدُهْ
إنْ كُنتَ خلفَ الغيبِ تَحتَضِنُ الرُّؤى
فالفَجرُ آتٍ في لِقائكَ مَوعِدُهْ