عاطف غطاس كرم
1404-1335هـ 1983-1916م
*لمحات من السيرة :
ولد في بلدة جزين (جنوبي لبنان) وتوفي فيها.
تلقى تعليمًا نظاميًا، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، ونال شهادة التخرج في الهندسة عام (1939)، وواصل دراسته العليا فحصل على الماجستير (1956).
عمل بالتدريس في الجامعة الوطنية بمدينة عالية، ثم أستاذًا للرياضيات في الإنترناشيونال كولج (1943)، ثم رئيسًا لدائرة الرياضيات فيها.
كان عضو لجان تعديل المناهج التربوية، وعضو لجنة الامتحانات الرسمية (1948)، وعضو الوفد التربوي لتوقيع أول معاهدة ثقافية بين لبنان والجزائر (1964).
اشترك في التأسيس لاتحاد المعلمين العرب (1960)، ومثَّل بلده لبنان في مؤتمرات تربوية عدة.
*الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان: «من هوانا» - دار المكشوف - بيروت 1949.
-الأعمال الشعرية الكاملة - دار العودة - بيروت 1998.
وله قصائد نشرتها صحف ومجلات عصره، منها: «الجندي في ميدان القتال» - مجلة المستمع العربي - س5 - تصدر عن إذاعة لندن - 1944، وله مجموعتان بعنوان: «ملحمة لبنان» و«زمان الهوى» (مخطوطتان).
الأعمال الأخرى:
- له مؤلفات عدة في الرياضيات وترجمتان عن الإنجليزية لكتابي: «الإقطاعية» و«الأقمار الاصطناعية».
*مكانته وخصائصه الشعرية:
شاعر وجداني، تتنوع قصائده بين الغزل والتعبير عن الحب والهيام والتغني بالذات، والشكوى والأنين، والمشاركة في بعض المناسبات الرسمية.
قصائده تميل في غالبيتها إلى مجزوء
البحور والأوزان الخفيفة، والصور التعبيرية والمجازية الحسية.
حصل على عدة جوائز في الشعر، منها جائزة لندن عن قصيدة «جندي في ميدان القتال»، وجائزة الأدب للأقطار العربية (1956) عن قصيدة «اللاجئين»، وجائزة باريس (1959) عن قصيدة «الحانة المهجورة» وحصل على وسام المعارف ووسام العمل ووسام الاتحاد.
*نموذج من شعره:
قصيدة الجندي
رَوِّضِ البحْرَ والمحيطَ النَّائِي
وتحكَّمْ بالأرض والزرقاءِ
غائصًا، طائرًا، وأنّى تمنّى
أنت نَسْرُ الملاَحِم الحمراء
يومكَ اليومُ فالنفيرُ تهادَى
وتعالَى النِّدَاء تِلْوَ النداء
السلاحَ السلاحَ هيّا استعدّوا
نتحدَّى طلائع الأعداء
أزبد الأفْقُ بالضجيج وأرغَى
«بقلاعٍ» تشقّ قلب الفضاء
تصرع الليل فالقنابلُ تهمي
صَخَبًا صارخًا على الغبراء
فتَميدُ الأطوادُ من نارها الحَرّى
وتَلْوي منثورةَ الأفياء
وأطلّت سوابحٌ راعتِ الموجَ
ومالت كالحيَّة الرقْطاء
عصبتْ جبهةَ الفضاء دُخانًا
وتوارتْ في هالةٍ سوداء
ومضت تدفع القذائفَ للبَرِّ
لهاثًا مسعَّرَ الأضواء
فجَّرتْ ثلمةَ الجبال وهزَّت
فجواتِ الآفاق بالأصداء
فالقصورُ الشمَّاء عادت ترابًا
حفناتٍ نضَّاحةً بالدماء
وعلى الأرض قلعةٌ وهضابٌ
من حديدٍ لهَّابةِ الأحشاء
تقذف النار والقنابل والموتَ
سيولاً في ساحةِ الهيْجَاء
غضْبةٌ سخَّرَ الزمان لها القلـب
وأغفى في ليلةٍ ظلماء
أنا ألقاك أمةً تصدع الموتَ
وتفنى مشغوفَةً بالبقاء
يخفق النصر في ضلوعك يا جُنْــديُّ
خفقًا ملونًا بالرجاء
وحنينًا يهلُّ في قلبك الحَرْانِ
عودًا منوَّر الأنداء
غام بين الضلوع وهْيَ سُكارى
بعصيرِ المروءةِ الخرْساء
سكب المجدُ في تقاطيعك الغَضْــبى
فؤادًا مجنَّحَ الأهواء
وزنودًا من شفرة العزم قُدَّتْ
ولِـحاظًا من عزةٍ شمّاء
وحَبَا وجهك الممرَّد لونًا
من غبارٍ ملوَّحٍ بالإباء
ينضح الجرحُ بالنجيع وتبقى
مشرئبّاً، ترنو إلى العلياء
تتحدَّى الردَى وتسترخصُ الجرحَ
على اسم البطولة السمحاء
تفلتُ الخندقَ المصفَّح زحفًا
تحت قصف الزوابع الهوجاء
تدرز السهلَ بالرصاصِ وبالألــغامِ
حتى يضجَّ صدرُ السماء
وثْبَةٌ إِثْرَ وثبةٍ في الدم الصاخبِ
ينزو من أكبُد الشهداء
تتخطّى الربَا وما ماج فيها
غيرُ آهِ الأموات والأحياء
يُشفقُ الصبح إن أطلَّ عليها
واجماتٍ تغصّ بالأشلاء