إلى القنبوسي العالق بالروح..
ابن الزمان الشارد منا،
ابن البحر الهائج بالشوق،
ابن لحظة الصدق وحكايات الفرح و الترح..
مساء العطر يا عطري النابت في الروح.
سلامي إليك ياسيد الآهات و صاحب السهام التي لا تخيب،
كيف هو حالك؟ خبرني عنك!
أما عني فأنني متعبة، أشكو وجعا،
ماذا عنك يا خاطري.. وأنت هناك؟
هل ما زالت دنياك بخير؟ وأنت هناك بعيدا تقرأ صفحات من روايات لا علاقة لك بها، تقرأ قصائد ليست لنا، تنبش في وريقات ذابلة، بينما تركنا آثار روايتنا على طاولة المقهى.
منذ متى يوم .. يومين، شهر شهرين، أتذكر المقهى؟ حيث التقيت بك في وضح نهار بارد ترتعش زوايا اوصاله كما ارتعشت مفاصل قلبي، المقهى حيث التقيت بك في مساءً غاشم أطاحت فيه بحصوني برشفة من فنجان قهوة، لا لم تكن قهوة، صدقني! فهناك قهوة تتلوى بطعم الشوق تحترق حبيباتها حبًا، هناك قهوة باردة الجبين لا تكترث لأحد غابت في قعر الفنجان وانحسرت، لم تكن مجرد قهوة بل كانت مشاعر ملغومة، حكايات مؤقوتة فجرت صدق نكهتها الممزوجة بحريق ما في ضلوعنا،كانت مؤامرة تحاك بيننا، نحن من أعددنا لها العدة ونحن من اختبأنا خلف طعم القهوة من ذنوبنا البيضاء، احتمينا خلف حبيباتها من عطش لا حد له. حينما تواريت في داخلي وابتسمت، لاتغرك ابتسامتي إنني أمرآة قدت ابتسامتها من صبر وصِبر، خانها الدمع وجاد العمر بابتسامات أمل و ألم.
ذاك المساء يا صاحب العزف كان مفعمًا بثورة لا تقبل التفاوض، حيكت مؤامرة نصبتها جوارحنا ضدنا و أمن قلبين على دعاء جوارحنا وانهزمنا، لم نعلن الاستسلام، الاستسلام خديعة ونحن نرفض التسليم بالهزائم لذلك كابرنا و تكبرنا.
رغم إني عرفت أنني هزمت ساعة اشهرت ابتسامة عينيك، احتضنتني عينيك يا قدر يشبه الفرح، يا لمعة دمعة تشبه المطر ، يا نعيما يشبه الربيع في جدب عمري.
ماذا عنك هل هزمتك رعشة صوتي وارتباكة يدي هل تدفقت بحة صوتي لصدرك؟ هل نجوت؟
أذكر أنني أعرف المقهى أعرف عدد كراسيه وقائمة مشروباتهم وأعرف أنني لم اجده قط عامرًا بالبهجةكما هو ذاك المساء، كم حضر هناك من حضر وكم غادرنا من غادر ونحن ما نحن؟ من نحن؟ كنا تائهان، نستند على أرواح بعض، ونميل كل الميل على ابتسامتنا لنتقي أسراب الدمع ومنابع الوجع، نتكئ على شيءٍ من حكايا وكثير من ألم، نرسم أحلامنا بجرة حب ونعاود الابتسامة ياسيد الوجع، نزين المساء بنظرات شوق مارقة ونعاود الشهقة ياسيد الوله.
أتذكر الآن لحظة كيف انحنى الوقت و غارت حبات الرمل في ساعتنا، حان موعد الوداع ودعتني بابتسامة فرح، وددت لو قلت لك قل لعينيك أن لا تصغي لضجيج عيني، قل لعينيك أن الحكاية فنجان قهوة و كل مافي الأمر أنها كانت بطعم الكثير من السكر، قل لعينيك أنني لا استسلم .ودعني أمر بسلام وأمضي ونمضي بأمل ووعد بعذاب وبأغنية شائكة تقتص من كلينا.
على حافة الشوق باقية،أنتظرك أن تخبرني ذات يوم عن الكتب التي على طاولتك، ترى ما أخبارها؟ وأخبارك؟ وأخبارنا المتناثرة هنا وهناك؟
كفتات حلم،ياحلم معشقا بالعطر.
دع الباب مشرعا، وهب لنا لحظة مع فيروز تدندن
(حيرى أنا يا أنا و العين شاردة
أبكي و أضحك في سري بلا سبب أهواه من قال إني ما أبتسمت
له دنا فعانقني شوق إلى الهرب نسيت من يده أن أسترد يدي
طال السلام و طالت رفة الهدب)