لمَّا رأى موكب العشَّاق متحدةْ
على بساط الأماني البيض محتشدة
أمست تراودهُ حوراءُ ( مزدلفةْ)*
وبين أرجائهِ الأشجانُ مرتعدَةْ
من شرفة الحجِ ترنو بابتسامتها
ذاتُ الوشاحِ* فيرمي طرفُها كَبِدَهْ
وثغرُها زمزمٌ بالشَهدِ ممتزجاً
يتلو قداستها فازَ الذي شَهِدهْ
تعطّرت ببريق الروحِ نشوتُها
وحنّأتْ كفّها والقلبُ مدَّ يدَهْ
وهيّأت نفسها للوصل تائقةً
لعلّ عاشقها يوَفي بما وعدَهْ
بليلةٍ من ليالي العشق عامرةٍ
يَمُدُّ عاشقُها جوداً بما حَصدَهْ
شهمٌ كريمٌ بهِ الآهاتُ هائجة
حرٌّ أصيلٌ تجلّى يمتطي كَمَدَهْ
ولاؤُهُ لإله الحبِّ منفـــــردٌ
عهودُهُ في أعالي العرش منعقدَةْ
وروحُهُ في أريج النور ساجدةٌ
والدهرُ يعلم ما أحصاهُ يا أبدَهْ
بات الكرى بسياط البعدِ يجلدهُ
والليلُ يزرعُ في أجفانهِ وتدهْ
موجُ الحنين يواسيه على أملٍ
والشوقُ أرَّقهُ والصدُّ اضطهدهْ
وفي بلادٍ هوت في قعرِ مسغبةٍ
الحربُ تطلب في إزهاقِهِ مددَهْ
والدمعُ يحفر في خدّيْهِ مقبرةً
والحزنُ يطوي بأكفان الرَّدى بلَدَهُ
أحلامُهُ في اختلافاتٍ بلا أملٍ لكنّها في شغاف الوجد متّحدةْ
على يقينٍ تصوم الدهر صابرةً
وغير آبهةٍ في عيشةٍ رَغِدةْ
كم بات يجمعها ليلاً بخلوتهِ
والفقرُ يأكل في طغيانه جسَدَهْ
تراهُ مبتسماً في صبح وجهتهِ
وبين أحشائهِ الأنّاتُ منغمدَةْ
كم ارتدى سترة الإحرام طاهرةً
ورمية الجمرِ كم أفنى بها المردةْ
بهِ غرامٌ تجوبُ الكون نسمتهُ
مردداً عبر آفاق الصدى نُهَدَهْ
يقدمُ الحبّ هدياً... زادُهُ شغفٌ
أشجانُهُ ثائرات أنهكتْ جَلَدهْ
هل ياترى يقبل المسعى شعائره
وقد أتى عاشقاً صوب الذي قصدَهْ؟!
إن كان في قلبهِ للّه كلّ هوىً
وحبُّ (طه )ونارُ الشَّوق متَّقدَةْ
رَشْفُ الشعائر من كأس معطّرة
أوراقه في رحاب الله معتمدَةْ؟!
ـــــــــــــــــــ
حوراء مزدلفة : إشارة الى روحانية الحجذات
الوشاح : إشارة الى البيت العتيق