رمقها عن بُعْدٍ قمحية ، رشيقةً، تتربع على صخرة بلوريَّة بشاطئ رماله فضيّة ، مصوبة عينيها تجاه يم لها معه ثأر؛ تحملق بعيدًا؛ تجترُّ مرارة ذكرىً جلادُها لن تناله عقوبة؛ عبثَا حاول بإشارات أن تلتفت نحوه، توقف خشية أن يفسدَ خلوتَها ؛ معوّلًا على أمواج تحرِّض جفونها ، تحبس تأوهاتها المنكسرة..
اقتربَ مع مقدم موج لطيف ؛توّج سنامه شيءٌ لم يتبيَّن كنهَه، خمّنهُ قطعة خشبية منسيَّة؛ اقترب الموج أكثر ؛ كاد أن يحتضنها، لفظ مغلفًا واجهته زجاجية بحجم كف وليد ؛ سكن حجرها؛ تمتمَ مستفسرًا ... تنهدت بعمق خشيَ أن تلفظ معه أنفاسَها ، أخيرًا كسرت صومها ، انبأتُهُ : "بداخل هذه القلادة ...صورة ابني الوحيد , حمله والدُه على كتفه في هذا اليم فاختطفه ووالده موجٌ لئيم ، وقد استحوذ عليَّ حينها تبلدٌ غريب من هول الحدث
منذ خمس سنين انتظرهما على هذا الشاطئ، فيما أهلي ما انفكوا يحاولون أن اقبل من ترددوا يطلبون يدي؛ لسان حالهم ... لعلي أُرْزَقُ بطفلٍ يئدُ حزني ويبلسم وحدتي ، جوابي الحاضر ظل وسيظل، سؤالي الأبدي : أتضمنون أن ألدَ شبيهًا لولدي؛ أحضروا والده .